وهكذا يا إخوتي طالما نتمتع بمثل هذه الشفقة؛ وبغنى مراحم الرب فلنجتهد بكل قلوبنا ما دمنا في الجسد؛ لأن قليلة هي أيام حياتنا.
فإذا كنا نجاهد فسوف نرث الفرح الأبدي الذي لا ينطق به.
أما إذا عدنا إلى وراء نصير كمثل الشاب الذي سأل الرب يسوع عما يفعله لكي يخلص؛ فأجابه قائلًا: بع كل مالك وأعطه الفقراء؛ واحمل صليبك واتبعني.
مبينًا لنا أن الخلاص يكون بقطع المشيئة؛ لأنه لما سمع ذلك صار حزينًا جدًا ومضى. فقد أدرك أن توزيع ممتلكاته على الفقراء ليست فيه مشقة تذكر؛ بقدر كل ما هو في حمل الصليب؛ لأن توزيع الممتلكات على الفقراء ما هو إلا فضيلة واحدة والإنسان يكملها بحمله الصليب؛ أما الصليب فهو إبطال كل الخطايا؛ وهو يولد المحبة؛ فليس هناك صليب بدون محبة.
كذلك فإن الرسول إذ يعرف أنه توجد فضائل زائفة؛ تخلو من المحبة ومن الكمال، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. يقول: "إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة؛ ولكن ليست لي محبة؛ فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن. إن أطعمت كل أموالي وإن سلمت جسدي حتى أحترق ولكن ليست لي محبة فلا أنتفع شيئًا. المحبة تتأنى وترفق؛ المحبة لا تحسد؛ المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ؛ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها؛ ولا تحسد ولا تظن السوء ".
فالذي يروم أن يسلك طريق المحبة؛ ينبغي ألا ينشغل بإنسان صالحًا كان أم رديئًا؛ حينئذٍ يسكن قلبه الاشتياق إلى الله؛ وهذا الشوق يلد فيه الغضب الذي بحسب الطبيعة؛ الذي يقاوم كل ما يزرعه العدو. عند ذلك يجد ناموس الله فيه مكانًا مختارًا؛ وبواسطة المخافة تستعلن فيه المحبة؛ حينئذٍ يستطيع هذا الإنسان أن يقول بنفس الجرأة مع الرسول: إني مستعد ليس أن أربط فقط بل أن أموت أيضًا لأجل اسم الرب يسوع ".
طوبى للنفس التي اقتنت مثل هذه المحبة؛ إنَها تصير عادمة الأوجاع.
فليجاهد كل واحد قدر استطاعته.
لقد خرجنا من العالم يا إخوتي؛ فلنعرف أين نحن؟
إن الرب يسوع رحيم؛ لذلك يمنح الراحة لكل واحد قدر جهاده؛ العظيم على قدر عظمته؛ والصغير على قدر صغره؛ بحسب القول: "في بيت أبي منازل كثيرة ". لأنه إن كان لا يوجد غير ملكوت واحد إلا أن كل واحد فيه مكانه ورتبته.
فلنجاهد إذًا مقابل كسلنا يا إخوتي؛ ولننفض عنا أكفان الظلمة أي الغفلة والنسيان؛ فنعاين نور التوبة.
فلنقتن في أنفسنا مرثا ومريم؛ أي الإماتة والنوح؛ وهما اللتان بكتا أمام المخلص لكي يقيم لعازر؛ أي النفس (العقل) المربوطة مضاعفة بأربطة المشيئات الخاصة؛ لأنه تحنن وأقامه لهما؛ لكنه ترك لهم أن يفكوه ويطلقوه؛ فلما أنفك لعازر؛ عندئذ ظهرت غيرة مرثا ومريم؛ وأخيرًا وُجد لعازر بغير هم جالسًا على المائدة مع يسوع؛ بينما مرثا تقوم بخدمته بغيرة وفرح؛ ومريم تحمل القارورة المملوءة طيبًا تدهن به قدمي الرب.
فلنجاهد يا إخوتي كاستطاعتنا؛ والرب يساعدنا ككثرة رحمته؛ فإذا لم نحفظ قلوبنا على مثال ما عمل آباؤنا؛ فعلى الأقل لنعمل قدر قوتنا؛ لنحفظ أجسادنا بغير خطية كمشيئة الله؛ واثقين أنه في زمان الضيقة الآتية سيتحنن الله علينا كما تحنن على قديسيه؛ لأن مجد الشمس شيء ومجد القمر آخر؛ ونجمًا يمتاز عن نجم. وجميعها مع ذلك في السماء المقدسة عينها ومجدها وكرامتها تخصه. من الآن وإلى الأبد. آمين.
في ضوء قراءتك لهذه المقتطفات حاول أن تناقش الآتي بإيجاز:-
1-كيف يعيش الإنسان الاتضاع الحقيقي وحياة التجرد من المقتنيات؟
2-كيف نستعد للمجيء الثاني؟
3-كيف أحيا حياة التوبة الحقيقية؟
4-ما هو فكر الأنبا إشعياء في الإيمان والأعمال؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/isaiah-hermit/love-cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/q4qrdn2