الإجابة:
الطموح هو صفة وقيمة عظمى في الإنسان، لكن مفهوم الطموح عند الناس قد يختلط في أذهان البعض مع مفاهيم أخرى خاطئة.
لذا سنبدأ في إجابة هذا السؤال المهم بتحديد المفهوم السليم لهذه الفضيلة أولًا، ثم نوضح موقف الكتاب المقدس من الطموح. ثم نعرض لبعض المفاهيم الخاطئة عن الطموح، ثم نحذر من بعض المخاطر والعثرات في طريق الطموح. وأخيرًا نذكر بعض التوصيات التي تضمن نجاح الإنسان الطَمُوح، وعدم سقوطه في العثرات وهو في طريق طموحه.
* ما هو الطموح؟
الطموح هو التطلع بهمة وحماس لاكتساب الأفضل، وهو يحفز صاحبه، ويكسبه القدرة على تحقيق رغباته وأهدافه.
يتحول الطموح في الإنسان إلى سعي دائم يكرس له كل طاقاته. ولكن هذه الصفة في الإنسان المثابر هي طبع يدفع صاحبه على الدوام لطلب المزيد من المكسب والنجاح والرقي بلا توقف كقول الكتاب: "كُلُّ تَعَبِ الإِنْسَانِ لِفَمِهِ، وَمَعَ ذلِكَ فَالنَّفْسُ لاَ تَمْتَلِئُ" (جا6: 7).
* الطموح هبة الله لكل إنسان
لقد تحلى أبوينا آدم وحواء بصفة التطلع إلى مستقبل أفضل (الطموح)، ولهذا استغل إبليس الماكر طموحهما في إغرائهما بالفوز، بمعرفة أفضل كالله. فقال لهما: "فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: "لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ" (تك3: 4- 5).
الطموح هو صفة عامة من صفات الناس، لكن مقداره قد يزيد أو يقل من شخص إلى آخر. لقد وصف معلمنا بولس الرسول طموحه نحو المستقبل بقوله: "... وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ" (في3: 13).
إن نقصان أو انعدام الدوافع الداخلية نحو مستقبل أفضل (الطموح) قد يظهر في صورة خمول وكسل وعدم مبالاة، ثم يمتد ليصبح فقدان أمل في الحياة (اليأس)، وقد يصل إلى حالة اكتئاب مرضي.
لقد اختبر يونان النبي تلك الحالة فطلب الموت لنفسه قائلًا: "فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ. فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ، وَقَالَ: "مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي" (يون4: 8).
* علاقة الطموح بالمستقبل
يتطلع الإنسان دائمًا إلى المستقبل. لقد أجهد التفكير عقول البشر فيما سيكون عليه حالهم في المستقبل، وخير دليل على ذلك بناء قدماء المصريين الأهرامات، والاحتفاظ فيها بغلات وأطعمة بجانب مومياواتهم.
إن سعي الإنسان نحو مستقبل أفضل لا يتوقف عند تحقيق آماله، بل يتطلع الإنسان دائمًا إلى وضع أفضل في نقطة من الزمن أبعد، وهكذا لا يتوقف طموحه أبدًا، ولكن طموح أولاد الله سوف يتوقف في الأبدية، لأنهم سيكونون في ملء الفرح والسلام. ولن يستعطفوا الزمن في المضي إلى الأمام حتى يأتي بالأفضل، كقول المرنم في المزمور: "بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ" (مز73: 24- 25).
* الطموح وسيلة وليس هدف
الطموح وسيلة وليس هدفًا في ذاته، لكن الهدف الذي يوجه الإنسان طموحه نحوه هو الأهم. لقد عَّلم الكتاب المقدس أنه ربما يسعى إنسان طَموح باجتهاد لتحقيق أهداف دنيوية وقد ينجح، ولكنه قد يخسر نفسه، لأنه وظف كل طاقاته (طموحه) لتحقيق هدف خاطئ. ولهذا وصف الكتاب مثل هذا الإنسان بالغباء قائلًا: "فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟" (لو12: 20).
* مجالات الطموح
يتجلى الطموح في مجالات الحياة المتنوعة، فالإنسان الطموح ينعكس طموحه على كل أعماله سواء روحية أو مادية.
فقد نجد الطفل الصغير الذي لم يتجاوز عمره بضع سنوات يحلم أن يصير طبيبًا، أو مهندسًا أو.. أو...، والكبير يطمح في تحقيق مستوى مادي أفضل لينتقل بأسرته إلى مستوى اجتماعي أفضل، وقد يتطلع الإنسان لمركز مرموق في العمل...
وليس ذلك فقط بل يحدثنا الكتاب المقدس عن يوحنا ويعقوب الرسولان ابني زبدي كيف طلبت أمهما من الرب يسوع أن يجلسا واحد عن يمين الرب، والآخر عن يساره في ملكوت السماوات، وهكذا...
* الهدف والغرض من وراء الطموح
حبُ الله طاقة جبارة تدفع الإنسان للسعي في سبيل إرضاء الله، وحفظ وصاياه كقوله: "لِذلِكَ نَحْتَرِصُ.. أَنْ نَكُونَ مَرْضِيِّينَ عِنْدَهُ" (2كو5: 9).
لقد أمضى رجال الله القديسون، الذين أحبوا الله حياتهم في تطلع دائم بالفوز برضا الله كقول معلمنا بولس الرسول: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:"إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ" (رو8: 36).
إن من اتخذ من إرضاء الله هدفًا يشتاق لتحقيقه لا يصنع بأحد شرًا، ولكنه يتفانى في صنع الخير حبًا في الله وفي قريبه.
أما الطموح المادي الذي دافعه ومحركه إرضاء الذات، وحب الأنا والشهوات فهو الأنانية بعينها، لأن الإنسان في تلك الحالة لن يلتفت لمن حوله كقول الكتاب: "لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ... مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ" (2تي3: 2- 4).
* أهمية غرض وهدف الإنسان من وراء طموحه
لقد شرح معلمنا بولس الرسول كيف يتحول طموح السارق من طمع بسبب حب الذات إلى بذل وتضحية من أجل الله والآخرين قائلًا: "لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلًا الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ" (أف4: 28). إن مَن يحب الله يسعى في صنع الخير مع الكل دون كلل أو ملل. إنه يحب نفسه وقريبه وكل من حوله بطريقة صحيحة، لأن كل صلاح يحتاج إلى الله، ومنه ينبع تلقائيًا كل خير وصلاح كقول الرب: "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها: مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ.." (لو10: 41- 42).
* لا طموح بدون الفضائل المسيحية
إن الوصايا الإلهية ضد الخمول والكسل والتواكل وعدم الأمانة، وهذا ما أوصى به سليمان الحكيم: "مَعْرِفَةً اعْرِفْ حَالَ غَنَمِكَ، وَاجْعَلْ قَلْبَكَ إِلَى قُطْعَانِكَ، لأَنَّ الْغِنَى لَيْسَ بِدَائِمٍ، وَلاَ التَّاجُ لِدَوْرٍ فَدَوْرٍ" (أم27: 23- 24).
وأيضًا قوله: "هَيِّئْ عَمَلَكَ فِي الْخَارِجِ وَأَعِدَّهُ فِي حَقْلِكَ، بَعْدُ تَبْنِي بَيْتَكَ" (أم24: 27). إن الطموح يُبنَى على عدة فضائل مسيحية، وبدون هذه الفضائل لا يكون لذلك الطموح فاعلية أو وجود.
لقد أمرنا الوحي الإلهي باتباع الوصايا الإنجيلية قائلًا: "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.. مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ" (في1: 27). ومن يعيش كما أوصاه الله في إنجيله لا بُد أن يتحلى بهذه الفضائل، والتي نذكر منها: الجهاد والأمانة والصبر ومخافة وتقوى الله، وهي أساس نجاح أي إنسان طموح، ولا فاعلية لطموح الإنسان بدونها.
* الطموح والكبرياء
المتكبر يرى في نفسه الاستحقاق لنوال ما يستحيل عليه، وما هو أعظم منه؛ فنجده يرفض التعقل، ويطلب ما هو أعظم من قدراته وإمكاناته متناسيًا قول الوحي الإلهي: "فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي، لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّل.." (رو12: 3).
وقد ينخدع الإنسان المتكبر في طموحه ظانًا أنه قادر أن يحقق طموحه ناسيًا أنه لا يملك أمر مستقبله (أمر الغد) كقول الكتاب: "هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ. أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْمَحِلُّ" (يع4: 13- 14).
* الطموح والطمع
الطموح هو التطلع إلى الأفضل وإلى المزيد، كما ذكرنا سابقًا، ولكن الناس الماديين من البشر قد ينحرفون تحت إغراءات طموحاتهم، ويتفرغون لجمع الأموال، وذلك رغبة منهم في تأمين مستقبل أفضل، ظانين أن أنانيتهم وجشعهم فضيلة، لذا فهم يتكالبون على الحصول على المقتنيات بالظلم والغش، ولا يكتفون مهما بلغوا من ثراء كقول الكتاب: "اَلْهَاوِيَةُ وَالْهَلاَكُ لاَ يَشْبَعَانِ، وَكَذَا عَيْنَا الإِنْسَانِ لاَ تَشْبَعَانِ" (أم27: 20).
← اقرأ هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت كتب أخرى لنفس المؤلف.
يحصر بعض الناس مجال طموحهم في حدود الأمور المادية كالنجاح في الدراسة، أو تحقيق الربح المادي، أو الوصول للمناصب العليا.
ولكن لماذا لا يشمل الطموح الجوانب الروحية لحياة الإنسان مثل الاجتهاد في المعرفة الروحية، والتطلع لنوال رضا الله، والفوز بالحياة الأبدية مع الله في ملكوت السماوات؟!
إن الطموح المادي قد يجعل الإنسان عرضة للسقوط في مخاطر كثيرة تؤثر على خلاص نفسه، وقد تهلكه.
فيما يلي نشرح بعضًا من هذه المخاطر:
* الاهمال والتهور
يسعى الإنسان الطموح بكل طاقاته ليحقق الكثير والكثير من الأهداف، التي قد تتجدد يومًا فيومًا، لكنه نظرًا لاهتمامه الشديد بتحقيق أهدافه ورغباته قد يسقط في دوامة الانشغال؛ فيفقد اهتمامه بأمور حيوية أخرى، قد تكون أكثر نفع له مثل: التزاماته وواجباته نحو الله ونحو أحبائه ونحو نفسه؛ وبالتالي يغرق في هموم كثيرة تفوق طاقته، ويفقد سلامه كقول الرب لمرثا: "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَها: مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ" (لو10: 41).
إن الاستعجال في تحقيق الأهداف المادية يؤذي الإنسان كقول الكتاب: "الرَّجُلُ الأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ، وَالْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لاَ يُبْرَأُ" (أم28: 20).
* الإحباط
قد يبذل الإنسان الطَمُوح الكثير ليحقق آماله، ولكنه قد لا ينال كل آماله، وقد يصيبه الإحباط بعد تحقيق أماله، لأنه يتطلع إلى آمال أعظم.
كما حدث لسليمان الحكيم، الذي حقق الكثير والكثير من آماله، لكن ذلك كان سببًا في إحباطه كقوله: "رَأَيْتُ كُلَّ الأَعْمَالِ الَّتِي عُمِلَتْ تَحْتَ الشَّمْسِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ" (جا1: 14). وهكذا لم يرض الحكيم بما حققه، وظل طموحه يشتعل داخله، ويسبب له شقاء، وهو لا يعلم ماذا يفعل.
الطموح وحده لا يكفي لنوال الغايات النافعة، لأن الطموح وسيلة فقط، وليس هدفًا. إن أعظم هدف يمكن أن يتطلع إليه الإنسان، ويوجه إليه كل طاقاته وقدراته هو الفوز برضى الله وحبه. لقد كان إبراهيم أب الآباء يخاف الله، ويتقيه، ويسير حسب وصاياه، وكان ممتلئًا من حكمة الله، كان ناجحًا يهابه الجميع.
إن الطموح يحتاج لعوامل عدة لكي يكون فعالًا، ويتقدم بالإنسان إلى ما هو أنفع وأفضل. فيما يلي نذكر بعضًا من تلك العوامل:
* أولوية المعرفة على الطموح
معرفة مدى فائدة ونفع ما يتطلع إليه الإنسان من أهداف أمر مهم جدًا. لقد أضاع الكثيرون حياتهم وراء سراب، لا نفع فيه، بل خسروا أنفسهم، وهلكوا لأنهم تعلقوا بأمور لا تنفع بسبب جهلهم.
وقد اتخذ الكتاب المقدس من المصير المأسوي لبلعام النبي الكذاب مثالًا عمليًا لذلك، لقد تحمس للذهاب لبالاَق ملك موآب طمعًا في عطاياه، وحذره الله بأكثر من طريقة، حتى أن حماره نطق منبهًا إياه من غضب ملاك الرب عليه بسبب تهوره، واندفاعه، ثم أمره الملاك بالتغاضي عن هذا الطموح الضار، وعدم التهور قائلًا: "فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: هأَنَذَا قَدْ خَرَجْتُ لِلْمُقَاوَمَةِ لأَنَّ الطَّرِيقَ وَرْطَةٌ أَمَامِي" (عد22: 32). وبالرغم من تحذير الملاك له لم يطع وصية وأمر الله. لقد هلك بلعام، لأنه سلك مسلكًا غير شريف ليحصل على المكافأة من بالاق.
* القناعة والرضى
القناعة والإيمان بصلاح الله وحبه، والتسليم لمشيئته الصالحة يحمي الإنسان من الإحباط النفسي في حالة الفشل، التي قد يتعرض لها الإنسان أحيانًا. إن الإنسان الروحاني يسلم أمره لله دون تذمر، ولا اضطراب، ولا يفقد سلامه، لأن الله هو الممسك بالمستقبل، والقادر أن يوجهه حيثما شاء وفقًا لصلاحه.
لقد سلم أيوب الصديق حياته بين يدي الله حين فقد كل ماله قائلًا: "عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا" (أي1: 21).
إن الإنسان الروحاني لا يخور، ولا ينهار أبدًا، لكنه ببساطة يقوم إذا سقط ليبدأ من جديد مع الله. وخير مثال لذلك يوسف الصديق، الذي تعثر كثيرًا بسبب شرور غيره، لكنه كان في سلام يسلم الأمر لله برضا، ويقوم من كبوته كل مرة ليكمل مسيرته مع الله، وينجح دون اضطراب.
* تقوى الله ومخافته
الطموح المادي قد يدفع الإنسان للتعدي على وصايا الله، وظلم الآخرين، وعندئذ يضر بصاحبه كقول الكتاب: "وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تي6: 9-10).
إن تقوى الله تحفظ الإنسان من تجارب شريرة كثيرة، وتمنحه بركة الله في الزمان الحاضر، وتحقق له الفوز بملكوت الله كقول الكتاب المقدس: "لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ" (1تي4: 8).
الطموح والتطلع لمستقبل أفضل هو طبع بشري، وهبة الله للإنسان، ولكن طموح الإنسان لا يرتوي بالماديات مهما حَصَّل منها، لكن طموح الإنسان يشبع، ويرتوي بالله. إن الطموح البشري صفة حميدة، لكن من يوجهها للحصول على الماديات فقط يسقط في الأنانية، ويضر بنفسه وبمن حوله.
أما من يتطلع للفوز برضا الله وحبه فإنه يملك مفهومًا عظيمًا للطموح. هو يسعى بجدية حبًا في الله وفي قريبه، وذلك إرضاءً لله.
هو ناجح في كل شيء، لأن الله معه يهبه النجاح، ويحميه من التذمر والإحباط، ويهبه أيضًا القناعة والرضا، وأخيرًا يحقق طموحه الأعظم في ملكوت السماوات؛ حينئذ سَيُسِّكن طموحه ليحيا في راحة وسلام وفرح لا يشوبه كدر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/question-6/10.html
تقصير الرابط:
tak.la/z7h9rbw