السؤال الحادي والعشرين
هل انتهى دور ناموس موسى وشريعة ونبوات العهد القديم ولا داعي لدراسة أسفار العهد القديم؟
الإجابة:
الكتاب كله (عهد قديم أو جديد) موحى به من الله كقول الكتاب: "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ" (2تي3: 16)، ولذلك امتدح معلمنا بولس الرسول تلميذه تيموثاوس لأنه يعرف الكتب المقدسة قائلًا له: "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (2تي3: 15). وبالطبع كانت أسفار العهد القديم أول هذه الكتب التي عرفها القديس تيموثاوس، والكتاب يعطي أيضًا حياةً أبدية لمن يدرسه كقول الرب: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً" (يو5 :39). فهل يتجرأ أحد ويهمل دراسة أجزاء من الوحي الإلهي؟! وهل كتب الوحي الإلهي تشتمل على أجزاء غير مهمة؟
· الكتاب المقدس وحدة واحدة في بنائه ويتكامل مع بعضه البعض ولا يمكن دراسة أجزاء منه، وإغفال أجزاء أخرى لأنه مبني على بعضه البعض، وهو أيضًا متدرج في كشفه وإعلاناته لبني البشر؛ حتى يصل بنا إلى كمال إعلانه عن الرب يسوع المسيح الغالب ملك الملوك ورب الأرباب، وعن السماء أورشليم السمائية مسكن الله مع القديسين في سفر الرؤيا، فمن المستحيل إذًا قراءة العهد الجديد دون القديم، لأن ذلك سيسبب عدم فهم الكتاب وعدم إدراك مقاصد الله. مثال ذلك من يدعي أنه سيدرس علم جراحة العيون فقط ليكون جراحًا نابغًا في العيون، وأنه لا حاجة له لدراسة باقي علوم الطب، مثل علم التشريح أو الجراحة العامة أو وظائف الأعضاء، أو علم الميكروبيولوجي أو علم الأمراض أو.. أو.. بدعوى أنه يكفيه علم جراحة العيون.... فهل ذلك منطقي؟!! فكيف يمكن فهم سفر العبرانيين الذي يتكلم مثلًا عن الرب يسوع المسيح ككاهن أعظم، وأيضًا ذبيحة طاهرة مقبولة دون الرجوع لسفر اللاويين وسفر الخروج و.. و... وكيف نفهم سر المعمودية والولادة الجديدة دون الرجوع لفلك نوح والطوفان وعبور البحر الأحمر في العهد القديم، وكيف نفهم قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا في السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ" (1كو2:10)، دون الرجوع لأسفار العهد القديمَ، وكيف نفهم أيضًا أن المسيح له المجد هو المن النازل من السماء، والخبز الحي حسب قول معلمنا بولس الرسول: "وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيح" (1كو10: 3-4)، دون الرجوع لأسفار العهد القديم، وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! وكيف نفهم...؟! هل يمكننا فهم كل ذلك دون الرجوع لسفر الخروج وسفر العدد واللاويين... و... و...؟!!!
· صحيح أن أسفار العهد الجديد قد سجلت لنا الأحداث الخاصة بحياة وتعاليم ربنا يسوع المسيح، لكن العهد القديم يقدم التفسير لما وراء هذه الأحداث والتعاليم، فمثلًا مشاعر الرب يسوع أثناء محاكمته وآلامه ستجدها مسجلة في نبوات سفر المزامير وهكذا...
· العهد القديم متفرد في تسجيل الكثير من معاملات الله مع البشر، سواء من الأفراد أو الشعوب (مثل صموئيل ودانيال وموسى و.. وأيضًا شعوب كثيرة).
أسفار العهد القديم هي كلمات الله وتستمد أهميتها من كونها أنفاس الله، ومن يستطيع أن يحذف جزءًا أو ينادي بعدم أهميته أو يشير بعدم دراسته وهو خارج من فم الله بحسب قول الكتاب: "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلًا: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط1: 20،21)، وقد أكد الرب يسوع المسيح أن كل كلمة من فم الله (نلاحظ قوله له المجد كل وليس جزء) تسبب حياة قائلًا: "فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ» (مت4:4). أن كلام الله كله أبدي لا يزول كقول الرب أيضًا: "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ" (لو 21 : 33).
كاتب أسفار العهد القديم والجديد واحد وهو الله، وهل من المعقول لدارس أو باحث يجد في معرفة شخصية كاتب عظيم أن ينتقي حسب مزاجه الشخصي بعض كتاباته، ويهمل الباقي منها؟!! بالطبع لا، فمعاملات الله مع البشر من محبة وأمانة وقداسة ورحمة وعدالة واضحة في العهد القديم، فهل يمكننا إغفال جانب مهم مثل هذا لأنه سجل في العهد القديم وليس في العهد الجديد. إن معلمنا بولس الرسول يؤكد ذلك قائلًا: "يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8). وبالطبع الآب أيضًا والروح القدس هو هو أمس واليوم وإلى الأبد.
· أسفار الكتاب المقدس بعهديه تشهد للرب يسوع حسب قوله: "فَتِّشُوا الْكُتُبَ... وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (يو5 :39). فالنبوات الكثيرة والدقيقة تشهد لألوهية السيد المسيح، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فكيف يتجرأ أحد في حذف جزء من شهادات الحق الإلهي عن الرب يسوع المسيح المخلص؟
· وبخ ربنا يسوع المسيح تلميذي عمواس اللذين لم يؤمنا بما كُتب عنه في نبوات العهد القديم قائلًا لهما: "فَقَالَ لَهُمَا: "أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟" (لوقا 24: 25، 26).
· ولتأكيد أهمية شهادة أسفار العهد القديم يخبرنا معلمنا لوقا البشير أن الرب شرح بالتفصيل وبالتتابع؛ بل وفسر لهم الأمور المختصة به (من رموز وإشارات ونبوات) في أسفار موسى النبي وكل الكتب قائلًا: "ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ" (لوقا24: 27).
· أخيرًا نضع أمامك أيها السائل العزيز مشهدًا رائعًا للرب يسوع على جبل التجلي، ومعه قديسين من أنبياء العهد القديم (ممثلين في موسى وإيليا) وأيضًا قديسين من رسل العهد الجديد (ممثلين في بطرس ويعقوب ويوحنا)، وهو يتكلم مع كلا الفريقين عن خروجه، أي صلبه وفدائه الذي كان مزمعًا أن يتممه في أورشليم من أجل البشرية جميعها، وهذا يبين لنا بأن معرفة خلاصنا سنجدها من خلال أنبياء العهد القديم، ورسل العهد الجديد كقول الرسول بولس: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" (أف 2: 20).. فما أعظم الرب في تدبيره وإعلانه وشهاداته الحقيقية عن نفسه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/question-1/21.html
تقصير الرابط:
tak.la/36wdtm6