من ضمن مناظر ظهور العذراء القديسة فوق كنيستها بالزيتون في الزيتون "منظر العذراء الحزينة". كما ذُكر في سنكسار يوم 24 برمهات، بقوله: "وهي تبدو في جسم نوراني كامل في الحجم الطبيعي لفتاة شابة، وأحيانًا أكبر من الحجم الطبيعي، رأسها في السماء وكأنها شقت السماء ونزلت منها، وقدماها في الفضاء واقفة على أصابعها، تحيط رأسها المقدس وجسمها المضيء طرحة فضية بهية، وأحيانًا زرقاء سماوية داكنة، والجسم كله نور من نور ويبدو في الغالب فوسفوريًا يميل إلى الزرقة الفاتحة، وأحيانًا يبدو الرداء من تحت الطرحة نورانيًا أبيض ناصعًا، والرأس من تحت الطرحة منحنية إلى أسفل في صورة العذراء الحزينة ونظراتها نحو الصليب، الذي يعلو القبة الكبرى في منتصف سطح الكنيسة..."[29]
لقد ظهرت العذراء في مناظر جميلة نورانية وهي تبارك الجموع، وتتمشى فوق قباب الكنيسة، وتتلفَّت للجموع في كل الجهات لتحييهم. ولكن لماذا ظهرت أم النور في بعض الأحيان في وضع الحزن أمام الجموع الفرحة؟
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن العذراء التي هي فرح الأجيال، وتهليل حواء، وفرح هابيل البار لا تنس المتألمين من أولادها. فتشارك المتألمين آلامهم، وكأنها تقول لهم: "وأنا أيضًا تألمت مثلكم. لقد اختبرت الألم، وعند صليب ابني تحقق فيَّ قول سمعان الشيخ: "وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لو 2: 35)".
إن اشتراكنا في الأتعاب مع إخوتنا يوحدنا بهم، ويشجعهم كما يشجع الأب ابنه، عندما يذوق معه الدواء المر. ولكن الأعظم من ذلك أن العذراء التي حزنت عند الصليب تَحول حزنها بعد قيامة الرب إلى مجد وفرح، وتوشحت بالنور، لذلك فلسان حالها من فوق القباب قول الكتاب: "طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ.." (مت 5: 4). وكما لو كانت تقول: "انظروا إليَّ لتتأكدوا أن الأحزان ستتحول حتمًا لأمجاد وتعزيات".
القارئ العزيز... افرح بالرب.. ولكن إن وجدت مُجَرّبًا حزينًا لا تلومه على حزنه، ولا تشعره بضعفه وعدم احتماله، ولا تتجرأ وتشعره باستحقاق ما يعانيه، كما فعل أصدقاء أيوب.. ولكن بالأحرى قدم له حبًا في صورة عملية، لعلك تستطيع أن تخفف عنه ألمه، وإن لم تستطع فأشعره بأنك تتفهم ضيقه وألمه.. اصمت كما ظهرت العذراء صامتة، وهي تنظر للصليب في تأمل عميق، حينئذ يحسب لك صمتك حكمة، كقول أيوب لأصحابه: "لَيْتَكُمْ تَصْمُتُونَ صَمْتًا. يَكُونُ ذلِكَ لَكُمْ حِكْمَةً.." (أي 13: 5)
_____
[29] شهادة الأنبا غريغوريوس اسقف البحث العلمي... عن كتاب العذراء في الزيتون ص 78.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/sad.html
تقصير الرابط:
tak.la/yk48s45