أقام الملوك أمهاتهم معهم ملكات، وبالطبع كان لهنّ سلطانًا في المملكة، ولكن سلطان الملكة كان لا بد أن يتوافق مع سياسة الملك ومبادئه.
لقد أعطى سليمان لأمه كرامة خاصة، كقول الكتاب: "فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ... فَقَامَ الْمَلِكُ لِلِقَائِهَا وَسَجَدَ لَهَا وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَوَضَعَ كُرْسِيًّا لأُمِّ الْمَلِكِ فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ" (1مل2: 19). ومع ذلك رفض سليمان طلبها بشأن زواج أخيه أدونيا من (أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ) امرأة أبيه داود، لأن ذلك كان مخالفًا للشريعة وللناموس.
أما معكة زوجة رحبعام الملك فكانت ملكة في عهد الملك آسا، ولكن آسا خلعها من المُلك بسبب شرها، كقول الكتاب: "حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّهُ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً، لأَنَّهَا عَمِلَتْ تِمْثَالًا لِسَارِيَةٍ، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ" (1مل15: 13). إن الملكات اللائي يعملنّ ضد مشيئة ملكهن يفقدن كرامتهن.
أما العذراء القديسة مريم فقد صارت ملكة بالحقيقة، لأنها كانت تعمل مشيئة ابنها وملكها، حسب قوله: "لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (مت12: 50).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لم يرفض الرَّبُّ يسوع تكريم أقاربه، لأنَّ تكريمَ الأب والأم واجبٌ وحق، لكنه أوضح أن مَن يُريد أن يكون قريبًا له، لا بد أن يصنع مشيئته الطوباوية، ولا بديل عن ذلك. فكلما اقترب الإنسان من الله كلما اقتدى بالله في القداسة، فيصير محبوبًا له، كالأخ والأخت والأم.
لقد استحقت العذراء القديسة مريم أن تكون أمًا للمسيح الرب بالجسد، فاختارها وسكن في أحشائها تسعة أشهر، واختارها أيضًا لتحمله على يديها، وليسكن معها في بيتها، ذلك لأن الله سبقَ ونظر أمانتها وحبها له. ولهذا أيضًا استأمنها على رعاية ابنه الظاهر في الجسد وهو رضيع، واستأمنها أيضًا أن تعلمه، وتسلمه خبراتها الإيمانية، كما تفعل الأمهات مع أطفالهن، كقول الكتاب: "وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ" (لو 2: 52). لقد استؤمنت العذراء القديسة على رعاية ابن الله الحبيب وهو طفل، إذ أنها كانت قادرة أن تهيئ للمولود الإلهي وسطًا مقدسًا، لأنها قد اعتادت أن تحيا حياة مقدسة منذ طفولتها.
القارئ العزيز... إننا نؤمن أن العذراء ملكة حقانية، وأن لها سلطان وشفاعة عظيمة، لأنها بارة وقديسة وممتلئة من نعمة الله، وهي تسعد وتفرح بكل من يصنع مشيئة ابنها الحبيب، ولسان حالها يردد ما قالته قديمًا للخدَّام في عرس قانا الجليل: "... مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ" (يو2: 5). فيا ليتك تُطيع العذراء الملكة كما أطاعها الخدَّام في عرس قانا الجليل.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/queen.html
تقصير الرابط:
tak.la/khr2363