أشاعَ سلام العذراء والدة الإله بهجة عظيمة في نفس أليصابات فطوبتها بمديح، قائلة لها: "... مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي" (لو1: 42- 44). ولكن العذراء القديسة لم تهتمّ كثيرًا بسماع كلمات المديح، لكنها سَبَحَّت الله القدير، واتضعت أمامه، قائلة: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو1: 46- 48).
لم تطلب العذراء القديسة مجدًا من الناس، لأن نفسها كانت في حالة شبع بالنعم الكثيرة الموهوبة لها من الله.
إنَّ مَن يطلب لنفسه مجدًا من الناس هو فقير النفس، ولم يتذوق غنى عطايا الله ومجده. فلذلك يتسول لنفسه مجدًا زائفًا رخيصًا من الناس، ولن ينعم بمجدِ الله، كقول الرب: "كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟" (يو 5: 44). إن الله الخالق هو الوحيد القادر أن يُغني نفس الإنسان، ويُشبعها برضاه ونعمه الكثيرة. أما من لم يغتنِ بالله، فسيظل يبحث لنفسه عن كرامة وتقدير لدى الناس، ولن يجد في النهاية شبعه!! كقول الكتاب: "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ" (أم 27: 7).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
نالت العذراء غنى عظيم برضا الله عليها، بحسب قولها، ولهذا امتلأت من النعم الإلهية الكثيرة، فصارت الممتلئة نعمة. لقد باركها الله بالخيرات السماوية الفائقة، التي تدوم وتعوض النفس عن أي خسارة. لم تضطرب العذراء القديسة لميلاد ابنها (المالئ الأرض والسماء) في مكان بسيط، ولم تضطرب وهي تقمطه وتضعه في مزود للبقر، لأنها أدركت مقدار عظمته التي حولت المزود سماءً. اكتفت العذراء القديسة بعظمة وجود المسيح ابن الله الأزلي بين ذراعيها، ولهذا لم تلتفت إلى ما عانته من فقر أو مَشَقَّات. لقد اكتفت القديسة الطاهرة بما نالته من نعم، بسبب وجود ابن الله في حياتها.
القارئ العزيز... لا تفتخر بذاتك أمام الناس طالبًا منهم مجدًا، لأنهم لن يقدروا أن يعطوك، وإن أعطوك اليوم شيئًا، فقد يسلبوك غدًا ما أعطوه لك. أعلم يا أخي أنه لا قيمة لكل مديح تسمعه أذنك من الناس، لأنه صادر من البشر الخطاة، الذين قيل عنهم: "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رو3: 23).
أما الله فهو الغني، الذي قيل عنه: "الْمُقِيمِ الْمَسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ، الرَّافِعِ الْبَائِسَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِيُجْلِسَهُ مَعَ أَشْرَافٍ، مَعَ أَشْرَافِ شَعْبِهِ" (مز113: 7- 8).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/full.html
تقصير الرابط:
tak.la/rzs936g