سُرَّ فرعون بيوسف وبحكمته فأعطاه كرامًة وسلطانًا في ملكه، كقوله: "ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: انْظُرْ، قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ". وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ، وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ، وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ، وَأَرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الْثَّانِيَةِ، وَنَادَوْا أَمَامَهُ "ارْكَعُوا". وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: "أَنَا فِرْعَوْنُ. فَبِدُونِكَ لاَ يَرْفَعُ إِنْسَانٌ يَدَهُ وَلاَ رِجْلَهُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ" (تك 41: 41-44).
إنَّ السلطان الذي منحه فرعون ليوسف أعطاه صلاحيات خاصة ليحكم بين المصريين، ويدبر معيشتهم. لقد أعطاه حرية تصرف في أمور مملكته. وقد شهد منصب يوسف في مصر بمدى ثقة فرعون في حكمته ومواهبه، وأيضًا في استحقاقه لما ناله من الكرامة.
فإن كان ملوك الأرض يرفعون من يثقون في حكمتهم وطهارة أيدهم ومواهبهم العظيمة للدرجات والمناصب الرفيعة، فبالأولى يفعل الله العظيم بمن يسر به لتقواه وطهارته. لقد شهد الوحي الإلهي بإكرام الله لمن يسر به، قائلًا: "... فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ" (1صم 2: 30).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
تَرسم الأيقونة القبطية العذراء القديسة والدة الإله وعلى رأسها هالة أكبر من التي على رؤوس تلاميذ الرب وقديسيه، وهذه دلالة على قداستها وتقواها، لأنها فاقت السمائيين والأرضيين، وفي وسط هذه الهالة النورانية نجد دليل تكريمها، وهو تاج الملك، الذي يشهد لسلطان العذراء العظيم الموهوب لها من الله. لقد نالت العذراء الملكة سلطانًا وشفاعة قوية مقبولة عند ابنها، لتعين الضعفاء، إذ أنها أهلًا لثقته العظيمة. وقد رأها داود النبي بروح النبوة في هيئة ملكية بجانب ابنها الحبيب ملك الملوك ورب الأرباب، فصرخ قائلًا: "... جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ" (مز 45: 9).
القارئ العزيز... إن الذي يتقي الله يسر به، ويرفعه ويُمَلِّكهُ أي يمنحه المواهب والبركات والنعم، ويمنحه سلطان أولاد الله، كقوله: "وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ" (رؤ1: 6).
ولكن بالطبع هناك فرق كبير بين ما نالته العذراء من كرامة وسلطان، وما يناله المؤمنون، لأن كل إنسان يُكَرم كل على قدر قامته الروحية، كقول الكتاب: "مَجْدُ الشَّمْسِ شَيْءٌ، وَمَجْدُ الْقَمَرِ آخَرُ، وَمَجْدُ النُّجُومِ آخَرُ. لأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ" (1 كو 15: 41). فاتضع يا أخي تحت يد الله ليرفعك ويكرمك ويُمَلِّكك معه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/hosts.html
تقصير الرابط:
tak.la/v9g9cy7