"الفرح لك يا والدة الإله مريم أم يسوع المسيح..." إعطاء الفرح للعذراء في اللحن القبطي "راشي تي تيؤطوكوس"[11] هو تطويب وتكريم ووصف لسعادة العذراء، لمَّا نالته من كرامة عظيمة؛ فإنها وهي إنسانة وعبدة كالبشر صارت والدة للإله، كقول اللحن القبطي أيضًا: "افرحي يا مريم العبدة والأم لأن الذي في حجرك الملائكة تسبحه، والشاروبيم يسجدون له باستحقاق، والسيرافيم بغير فتور"[12]
إن أعظم شيء يستحق عليه الإنسان التطويب هو ما يناله الإنسان من مجدٍ إلهي، ولذلك نطوب العذراء بسبب شرف علاقتها بابن الله الكلمة، فالإنسان مهما نال من مجد الأرض يظل فقير وبائس.
فالتطويب الحقيقي إذًا يجب أن يكون على ما هو سماوي، ولذلك شَبَه الرَّبُّ المجد الذي يهبه للإنسان بالذهب، كقوله: "... أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ..." (رؤ3- 17- 18). لذلك أيضًا يَكثر ذكر الذهب في الرؤى السماوية، لأنه يشير للمجد الإلهي الأبدي الذي لا يتغير. أما الأشياء الأرضية فهي على عكس ذلك تزول بسهولة. فكيف يُطَوب مالكها؟!
إن المجد والفرح والسعادة التي سنحياها في الأبدية السعيدة تستحق التطويب، لأنها أمور أبدية، كقول الكتاب: "وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى.." (1بط 5: 4). وقوله: "أَمَّا الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ، فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" (رو 2: 7)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الله هو وحده الذي له كل المجد والكرامة، وهو وحده واهب المجد لمن يعرفه، ويتقيه، ولهذا يستحق التطويب. لقد عرفت العذراء الرب حق معرفة، والتصقت به من خلال علاقتها القوية به، والتي كانت ثمرة لصلواتها النقية وتأملاتها ومعرفتها لكلمة الله، وإعلانات الروح القدس لها، لهذا استحقت أن تكون أمًا لله تحمله في أحشائها وعلى ذراعيها، وتسكن معه في منزل واحد، فلهذا طوبتها جميع الأجيال، كقولها: "... فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو1: 48).
القارئ العزيز... نال تلاميذ الرَّب تطويبًا بسبب أعينهم التي أبصرت الرب، وآذانهم التي سمعت من فمه الطاهر وصاياه وتعاليمه المقدسة، وما زال الكثيرون ممن عرفوا الرب وأحبوه، وصنعوا وصاياه ينالون تطويبًا سَيُعلَّن عنه في السماء قريبًا.
فإن أردت أن تكون من المطوبين في السماء، فعليك أن تفخر وتسر بمعرفة الرب، وتتكل عليه، كقول الرب: "بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ..." (إر 9: 24).
_____
[11] لحن قبطي يُقال كتمجيد لوالدة الإله القديسة مريم العذراء.
[12] لحن قبطي جميل يقال في القداس الباسيلي بعد صلاة الصلح لطلب شفاعة العذراء القديسة مريم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/happiness.html
تقصير الرابط:
tak.la/xmjthg8