1
الله... ماهيته
يقول اللغويون أن لفظة (الله) هي من الفعل (إله) أي حار أو أحتار. هذا يؤكد أن عقول البشر تحار في إدراك حقيقة الله وتعجز عن إماطة اللثام عن جوهره وقوته وعظمته تعالى. والسبب في هذا راجع إلى أن عقل الإنسان محدود، ولا يمكن للمحدود أن يحيط بغير المحدود. قال (تنيسون): إذا كان عقلي لا يمكنه إدراك سر زهرة صغيرة، فهل يستطيع أن يدرك ماهية الله؟! وقال (فولتير): كيف تريدني أن أدرك ماهية الله؟ انني لا أستطيع أن أناقش في هذا الأمر. حسبي أن أعلم أن الله موجود! وجاء أيضًا عن (اينشتين) قوله: ان الاعتقاد بوجود قوة حكيمة عليا نستطيع ادراكها خلال هذا الكون الغامض، يلهمني فكرتي عن الله.
ولئلا نغوص ونغرق في بحر الفلسفات التي تحدثت عن الله، وهي كثيرة المذاهب متنوعة الاتجاهات، نجمل هنا في اختصار ما يمكن استخلاصه منها لفائدتنا، فنقول:-
1- كل موجود لا بد له من موجد، وهذا الموجد هو الله. وقد خضع لهذا الرأي أشهر الفلاسفة والعلماء من أمثال (بيركلي) و(ديكارت) و(موريسون) و(جينز) و(أدنجتون) و(نيوتن) وكلهم أعترفوا جهارًا بأن المشاهدات الرياضية في الكون، والنظام الذي يتجلى فيه، والانسجام الوظائفي له... كل هذا يثبت أن العالم لم يوجد مصادفة، وأنه لا بد من وجود اله مدبر يرجع إليه الفضل في كل شيء.
2- أما أننا لا نستطيع أن نعرف شيئًا عن الله من تلقاء أنفسنا، فهذا راجع لتصورنا. ومع ذلك فليس من المعقول أن يكون لنا (إله) يرضى أن يكون مجهولًا منا. لأنه إذا كان هو الخالق لنا، فمن المؤكد أن يكون كائنًا عاقلًا. وإذا كان كائنًا عاقلًا، فمن المؤكد أنه لا يرضى أن نحرم من معرفته. بل يجب أن نتوقع بكل يقين أن يعرفنا شيئًا وشيئًا كافيًا عن ذاته.
3- وليس معقولًا أن يكون الله والعالم الموجود جوهر واحد، لأنه مادام هو الخالق والموجد العالم فمن المؤكد أنه كائن قائم بذاته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وفي هذا يحاول "ديكارت" أن يأتي بتعريف يحدد طبيعة الله فيقول " الله جوهر غير متناه، أزلي أبدي، غير متغير، مستقل، عالم بكل شيء. وهو الذي خلقني وخلق الأشياء جميعًا." وهذا التعريف قريب من رأي المسيحية التي تنفي عن الله الجسمية وتنسب له الصفات التي تليق بالموجود الدائم الذي لا يجوز عليه التغير أو الأستمالة. وهي ترى أن الله روح لا ينظر ولا يدرك، أزلي أبدي لا بداءة له ولا نهاية (انظر أش 44: 6; يو 4: 24; 1يو 4: 12).
4- ولا يمكن تصديق أن الله مجرد طاقة، لأن الطاقة لا تعمل من تلقاء نفسها بل لابد لها من عامل يدفعها للعمل. ومن الواضح أن هذا العامل لا يكون طاقة مثلها، بل يكون ذاتًا ذا قوة أو ذا طاقة، واحدًا فردًا، متميزًا عن غيره، قائمًا بذاته، وهو الله. وفي هذا، يقول "أدنجتون" عالم الذرة الشهير "أن العالم غير المنظور يوحي بهيمنة الذات الإلهية عليه".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-abdel-massih-z/existentialists/what.html
تقصير الرابط:
tak.la/768qjp7