أربسيما العذراء العفيفة (تذكار استشهادها: 29 توت)
في أيام الامبراطور دقلديانوس، اشتهى هذا الطاغية أن يضم إلى خاصته زوجة جديدة تتصف بالجمال وحلاوة الصورة. وتصور أنه وهو الملك، يمكنه أن يأخذ من يشاء من النساء ويتزوجهن حتى ولو رفضن. وأرسل الملك مجموعات من الرسامين إلى مختلف البقاع طالبًا منهم أن يصوروا له بتدقيق الفتيات الجميلات ويأتي برسومهن إليه ليختار من بينهن أجمل صبية فتكون في حوزته وتكون له زوجة وشريكة.
وبلغ فريق الرسامين مدينة رومية فأخذوا يفتشوا فيها عن بغية الملك. وضمن ما فتشوا دخلوا ديرًا للعذارى كانت تتعبد فيه عذراء عفيفة اسمها أربسيما زانها الله طلعة بهية وجمالًا فريدًا مميزًا. ولما لم يجدوا أروع منها صورة رسموها وقدموا صورتها إلى الملك. وقارن الملك بين الرسوم التي وصلته فلم يجد من يماثل أربسيما في جمالها. وعندئذ فرح الملك وأرسل في طلب أربسيما لكي يتزوجها.
وأعد الملك عدته للاحتفال بزواجه احتفالًا فاخرًا في يوم محدد. ودعا لحضور عرسه الملوك والرؤساء في مملكته ونما إلى علم أربسيما ورفيقاتها هذا الخبر فبكين وانتحبن على بتوليتهن. وتوسلن بدموع إلى الله أن ينقذهن من بطش الملك.
وهجرت العذارى الدير وهربن جميعهن إلى بلاد أرمينيا بعيدًا عن رومية لكي لا يعرف مكانهن أحد. وهناك لجأت أربسيما ورفيقاتها إلى بستان مهجور أقمن في معصرة بداخله وعشن هناك على الكفاف. وكن يأكلن بمشقة قوتهن اليومي من صنع أيديهن.
وبحث دقلديانوس عن أربسيما في الدير فلم يجدها. فأرسل يبحث عنها في كل مكان حتى علم بهربها إلى بلاد أرمينيا. فأرسل إلى الوالي تريداتة يطلب منه أن يحضرها إليه سريعًا. وحاول الوالي أن يجدها لكنها كانت قد أخفت نفسها في المدينة مع باقي العذارى. لكن سرعان ما اكتشفوا مكانها فاختطفوها عنوة وأتوا بها إلى الوالي. وفي دار الولاية رأى تريداتة جمالها فطلب أن يختصها لنفسه زوجة دون الملك. ولاطفها الوالي لكي تقبل الزواج منه لكنها رفضت ولم تمكنه من طلبه. فأحضر لها أمها لكي تنصحها وتشجعها. غير أن الأم أوصتها وصية أن تحفظ نفسها عروسًا للمسيح بحسب نذرها ولا تستسلم لطلب الوالي. فلما عرف تريداتة بذلك أهان الأم وكسر أسنانها. أما أربسيما فلما رأت ما حدث لأمها وإصرار الوالي على اغتصابها تشجعت بالرب ودفعت الوالي عنها، فانطرح على الأرض وسقط على ظهره. ولما رأى الرجل أنه غُلِب من هذه الصبية برغم قوته وجبروته اعترته ثوره غضب فأمر بتعذيبها وقطع رأسها. فأخذها الجند وأوثقوها وقلعوا عينيها وقطعوا لسانها وجرحوها ومزقوا جسدها وقتلوها بحد السيف.
وأفاق الملك نادمًا على تسرعه بقتل أربسيما العذراء الجميلة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فانتقم من رفيقاتها العذارى وأمر بتعذيبهن أيضًا ثم قتلهن. فثقب العسكر كعوب أرجلهن وسلخوا جلودهن ومزقوا أجسادهن ثم قطعوا رؤوس الجميع. وبينما السيف يعمل برقاب العذارى رفيقات أربسيما كانت غاثا زميلة لهن منطرحة مريضة ترقد في كوخ قريب، فصرخت طالبة أن تلحق بزميلاتها لتنال هي الأخرى إكليل الشهادة. فأسرع الجند إليها وقطعوا رأسها هي الأخرى. كما أعملوا سيوفهم في رقاب كل من كانوا من رومية في صحبة أولئك العذارى.
وبعد استشهاد أربسيما العفيفة ومن معها اُصيب الوالي بمرض عقلي حار فيه الأطباء. ولم يُشفى الوالي من جنونه إلا بعد أن أتاه أغريغوريوس أسقف أرمينيا الذي صلى عليه فعاد إليه عقله. وعندئذ آمن الوالي تريداتة بالسيد المسيح واحتفظ بجسد أربسيما الطاهرة وأجساد باقي العذارى الشهيدات في مكان مقدس. بركة صلاة الجميع تكون معنا آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-abdel-massih-z/corner-pillars/arepsima.html
تقصير الرابط:
tak.la/633awwc