قامت حاملات الطيب اللاتي كان من بينهم المجدلية بدور لم يقم به أحد، فقد انطلقن والظلام باق ولم يبالين بالعقبات التي تنتظرهن، فاستحققن أن يتأهلن لرؤية الملاكين اللامعين الكارزين لهم بالقيامة.
وبينما شتت الموت التلاميذ وفرق مسيرة الحب ودروس المعلم، أشعل جلال موت المسيح المحبوب نار الجرأة في المجدلية بالعرفان بالفضل والجميل، ووسط المحنة والآلام، حملت الأطياب. كتعبير رائع وصامت عن توقيرها ووفائها الملكي..
أتت المجدلية بالحنوط بإرادتها الصالحة مقدمة الأطياب، بعد أن قدمت نفسها دفعة واحدة بطيب التوبة والتبعية التي دفعتها لتسارع وتبادر مسابقة للكل في الإتيان بالحنوط لتدهن الجسد الإلهي، جاءت يملئ الحزن قلبها، فنالت أولى ثمار الصليب التي هي السلام والفرح وإمكانية الكرازة.
قدمت كل طاقاتها ومواهبها وإمكاناتها في تبكير لمن هو الأول في كل حياتها، تاركة طريق ظلمة العالم، إلى حيث الملائكة والبهجة السمائية التي لسر القيامة عند القبر الذي انهزمت فيه ظلمة الموت وخرج منه نور القيامة وطريق الخلود للخليقة، لتكون في موكب نصرته وعلى رأسها فرح وابتهاج أبدى.
ذهبت ومعها الطيب فصار نصيبها المسكن المعد بكل أنواع الأطياب، الممتلئ بالندى المنعش والمكلل بالنباتات التي لا تذبل التي للحياة الأبدية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وبعد أن قدمت نفسها للرب، استحقت بأن ينعم عليها بأن تكون موضعًا لراحته الحقة، واهبًا إياها شرف الكرازة الأولى بقيامته.
أتت لتقدم الأشياء التي للروح والأشياء التي للجسد باشتياق ودالة، كأعظم نذر بل وفوق كل النذور، مرتدية زينة الفضيلة الذهبية، بعد أن قدمت نفسها تلميذه وخادمة وسهرت عاملة بحرارة الحب، مقدمة الأطياب للرب القائم صائرة له مذبح غير دموي، يرسل رائحة حب عميقة.
ليتنا نأتي إليه بتقدماتنا مع مريم المجدلية لئلا نظهر أمامه فارغين، نأتي إليه لا بالأطياب والحنوط ولا بظل المادة التي يمتلكها عبيد رئيس هذا العالم، بل نقدم أنفسنا التي هي أمام الله أثمن من كل الهدايا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-magdalene/perfume.html
تقصير الرابط:
tak.la/2zw6an5