St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   st-amonas
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس أموناس: رسائله الروحية - القمص أثناسيوس فهمي جورج

12- الرسالة العاشرة

 

بعد أن كتبت رسالتي، تذكرت كلمة معينة دفعتني أن أكتب إليكم عن التجربة إلى تواجه نفس الإنسان المتقدم، والذي يهبط (بسببها) من رتبة الكمال الروحي إلى أعماق الهاوية، وعن مثل هذا يصرخ النبي قائلًا: "وَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْهَاوِيَةِ السُّفْلَى." (مز86: 13).

إن التجارب تلازم كل من يتمسك بروح الله، لكن النتيجة هي أنه ينال إفرازًا ونوعًا مختلفًا من السمو، وهكذا عندما رًفع النبي ووصل إلى السماء الأولى تعجب من ضيائها، لكي عندما وصل للثانية ازداد تعجبه جدًا لدرجة أنه قال: "اعتبرت أن ضياء الأولى ظلام" (صعود إشعياء 8: 21، وهو كتاب مسيحي يهودي من القرن الثاني، وهو يصف رحلة أشعياء النبي إلى السماء بعد استشهاده) وهكذا حتى بلغ أخر درجة من الكمال، لذلك نفس الإنسان الكامل في البر تتقدم وتنمو حتى سماء السموات ومتى بلغتم ذلك، تكونون قد اجتزتم كل التجارب، وحتى الآن هناك أناس على الأرض بلغوا هذه الدرجة.

St-Takla.org Image: Isaiah’s revelation: “In the year that King Uzziah died, I saw the Lord sitting on a throne, high and lifted up, and the train of His robe filled the temple.” (Isaiah 6:1) صورة في موقع الأنبا تكلا: رؤيا إشعياء: " فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا الْمَلِكِ، رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ. السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ" (سفر إشعياء 6: 1).

St-Takla.org Image: Isaiah’s revelation: “In the year that King Uzziah died, I saw the Lord sitting on a throne, high and lifted up, and the train of His robe filled the temple.” (Isaiah 6:1)

صورة في موقع الأنبا تكلا: رؤيا إشعياء: " فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا الْمَلِكِ، رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ. السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ" (سفر إشعياء 6: 1).

هذا أكتبه إليكم كي تدركوا بثبات أن التجارب تأتى للمؤمن ليس من اجل هلاكه بل لأجل نفعه، وبدون أن تأتى التجارب على النفس، لا يمكنها أن ترتفع إلى موضع الحياة، أي إلى موضع ذاك الذي خلقها.

"الروح يهب حيث يشاء" (يو3: 8) وهو يهب في النفوس النقية القديسة البارة والصالحة، وإذا أطاعوا الروح، يهبهم مخافة الله مع حرارة وذلك في البداية، ومتى بذر بذرته فيهم تجعلهم يبغضون العالم كله، سواء كان ذهب أو فضة أو زينة، أو أب أو أم أو زوجة أو أبناء، وتجعل كل عملًا أو صومًا أو سهرًا أو صمتًا أو أعمال الرحمة، ويصير كل شيء يُصنع من أجل الله حلوًا لهم، حتى يعلمهم (الروح) كل شيء (قارن يو14: 26) وعندما يتعلم (الإنسان) كل هذه الأمور، يصبح معرضًا لأن يًجرب، وعندئذ، جميع الأشياء التي كانت تبدو له حلوة قبلًا، تصير ثقيلة عليه، وهذا هو السبب في أن كثيرين، عندما يُجربون يظلون في ثقل ويصبحون جسدانيين، وهم الذين قيل عنهم ببولس الرسول: "أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟ أَهذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا" (غلا3:3)، وإلى لا هدف؟

لكن إذا قاوم الإنسان الشيطان في التجربة الأولى وهزمه، عندئذ يهبه الله حرارة وغيرة مملوءة سلامًا وتعقلًا ومثابرة، لأن الحرارة الأولى مضطربة وغير متعقلة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما الثانية فهي أفضل وتولد في الإنسان القدرة على رؤية الأمور الروحية، بينما هو يصارع في قتال عظيم، وله صبر بلا قلق ولا تشويش، فكما هو الحال مع السفينة عندما تكون الرياح طيبة، تعمل مجاديفها أكثر، وهكذا هو الحال مع الحال مع الحرارة الثانية، إذ تجلب الهدوء والسكينة في كل شيء.

يا أبنائي الأعزاء، اقتنوا لأنفسكم هذه الحرارة الثانية كي تثبتوا في كل شيء، لأن الحرارة التي يكون الله مصدرها تبدد شهوات المدح والتملق، وتهلك عتاقة (الإنسان العتيق) وتجعل الإنسان هيكلًا لله كما هو مكتوب "إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ" (2كو6:16).

فإن أردتم أن تعود إليكم ثانية هذه الحرارة التي أُبعدت عنكم وأردتم أن تأتى إليكم، ها هو ما ينبغي على الإنسان عمله: يجب أن يقيم عهدًا بين نفسه وبين الله، ويصرخ بحرارة قلب ويقول له: "اغفر لي ما فعلته في إهمال، لن استمر في عصياني" وعندئذ يجب أن لا يسير بعد بحسب هواه لكي يشبع إرادته، سواء في الجسد أو في النفس، بل يجب أن يطرح أفكاره أمام الله، بينما يبكت نفسه ويوبخها قائلًا: "كيف رذلتِ الصلاح واسهنتِ ببطالتك وعدم أثمارك كل هذه الأيام؟".

يجب أن تتذكر كل العذابات والملكوت الأبدي، موبخًا نفسك كل حين قائلًا: "انظري أيه كرامة أعطاكِ الله، وأنت أهملتيها واحتقرتيها" وعندما يخاطب الإنسان نفسه بهذا الكلام موبخًا إياها ليلًا ونهارًا، تأتيه فجأة حرارة الله، وهذه الحرارة الثانية أعظم من الأولى، فعندما رأى المبارك داود الهم والتثقل الذي كان عليه قال: "تَفَكَّرْتُ فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ، السِّنِينَ الدَّهْرِيَّةِ" (مز77: 5) و"لَهِجْتُ بِكُلِّ أَعْمَالِكَ. بِصَنَائِعِ يَدَيْكَ أَتَأَمَّلُ. بَسَطْتُ إِلَيْكَ يَدَيَّ، نَفْسِي نَحْوَكَ كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ." (مز143: 5، 6) وأشعياء أيضًا يقول: "عندما تنحني وتنوح، عندئذ تخلص وتدرك كيف يتم هذا نحوك" (أش30: 15 – سبعينية) (في الترجمة العربية المتداولة: "بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ".


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-amonas/letter10.html

تقصير الرابط:
tak.la/mak4dqg