83- هل تتوقع طريقة عمل الكماليون إنجاز فائق؟

لا! فالوقت يضيع في التفكير والتخطيط والروتين والنظافة والاحتفاظ بالكروت والتقارير.

إنهم يبذلون مجهودًا كبيرًا جدًا في كل أنشطتهم حتى الترفيهية ولا يقدرون على الاستمتاع أو الاسترخاء أو الرضا بأنصاف الحلول أو بشيء أقل من المثالية.

فإذا أراد الكمالي أن يعيش بتلقائية فهو يخطط لذلك متى سوف يبتسم ومتى سوف يلقى نكته وهو سوف يسند ظهره على الكرسي في اللقاء المقبل أم لا؟

والضمير هو الذي يحركها

والعقل هو المنطق هو رائدها

فهي شخصية ملتزمة ممتازة ولكنها شقية

يصعب التعامل معها وكثيرًا ما تجهد نفسها

St-Takla.org Image: La Gioconda, (the Mona Lisa, La Joconde), a second look at Leonardo da Vinci's masterpiece, ink on paper with Digital Painting for the Gioconda project, 2013, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: الموناليزا (الجيوكوندا)، رؤية جديدة للوحة الفنان ليوناردو دا فينشي الشهيرة، حبر على ورق مع رسم رقمي، لمشروع الجيوكوندا، 2013، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

إن هذه الشخصية تبدو منساقة إلى "الواجب" وشعارها كلمة "لا بُد" لا بُد من إنهاء العمل قبل يوم الخميس، لا بُد من مجاملة ابن عمي قبل يوم الثلاثاء أنه يضع نهاية افتراضية لأي عمل وكأنه لا يمكن تأجيله أو إهماله. إنها واجبات ولكنها غير مفروضة في الواقع من الخارج أو من المحبة بل من.. والقهر العقلي الداخلي الذي يفرض نفسه على هذه الشخصية المشدودة.

الضمير الحي- التفكير الحاد الإحساس الزائد بالواجب حتى في المهام الصغيرة أو غير المطلوبة الإرادة المتوترة دائمًا.

إن هناك أيضًا المراقبة الذاتية وكأن شعاره (لئلا) فألاحظ نفسي لئلا أخطى لئلا يظن الناس بي سوء لكي لا أهمل شيئًا هامًا.

 إن العمل بطريقة تلقائية مشلول لدى أصحاب المزاج القهري وكأنه يمسك دائمًا بساعة إيقاف، ويقدم لأتفه الأنشطة تقريرًا للضمير اليقظ قائلًا: لقد أكلت الساندوتش sandwich في دقيقة وأربعة ثواني!

 إن الكماليون يقومون بأدوارهم وواجباتهم في المجتمع فالأب والأم يربيان أولادهما والطبيب أو المدرس يقوم بعمله ولكنه يمثل هذا الدور فقط لأنه مطلوب منه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أنه لا يسترخى بطريقة كافية فيكون أب أو أم أو طبيب طبيعي بل يقوم بدوره كأب لئلا يلام سواء من داخله أم من الآخرين ويقول لنفسه باستمرار لقد أصبحت أب إذًا علىّ (واجب) أن أقوم بكذا.

 وتحت إلحاح الواجب تجده دائمًا موسوس علىّ أن ألبس محتشمًا وشيك. علىّ أن أزور حماتي مرة في الشهر علىّ أن أنهى تقارير العمل مرة كل خميس الاهتمام بالصحة يقتضى غسل الأسنان.. إلخ.، إن كل الأشياء بالنسبة له ضرورات حتى النزهة فهي هامة بالنسبة للصحة النفسية (ويجب) أن تتم بانتظام.

 أما من يسبب له القهر فهم كثيرون بالطبع الضمير الموسوس الذي غرس فيه منذ نعومة أظافره والآن فإن القاعدة تقول كذا والدين يلزمني بكذا وهناك التقاليد والعرف وقبل كل شيء إحساسي الداخلي بالواجب إني مجبر على القيام بكل هذه الالتزامات حتى لو يطلبها صاحب السلطة.

بقطار محمل ويسير طول الحياة بكفاءة وسرعة وذلك على قضيبين وُضِعَا من أجل ذلك.

أنهم ليسوا أحرار أمام الواجبات والمسئوليات التي لا تنتهي بل أن إحساسهم بالحرية والاختيار لا يريحهم، يتفق عليهم المثل (عايز تحيره غيره). فلسان حاله يقول: (قل لي ما هو المطلوب من بدقة أفعله على أتم وجه).

 إن الإجازات والعطلة مملة لهذه القطارات البشرية المتحركة. فإذا اضطر الكمالي لأخذ قرار فماذا يحدث؟

 إنه يبحث عن الحل الصحيح بناء على القيم والعادات والواجب والعقل والمنطق والدين ويتردد كثيرًا في أخذ القرار السليم.

فإذا أخذ قرارًا واكتشف معلومات جديدة تجعله يعدل من القرار فإنه لا يستطيع إن يفعل ذلك لنقص المرونة.

 وحتى قراراته تنشأ عن المفروض والواجب! قال أحدهم عن خطيبته: لا بُد إني أحبها لأن بها كل الصفات الحسنة. وقال آخر: هذا العمل لا بُد أنه يسرني أنه مناسب وبالتالي لا بُد إني أحبه.