(مت15: 29 - 31 +مر7: 31 - 37 ، مر8: 22 - 26 + لو11: 27 - 3)
مع إزدياد الزحام ترك المسيح بيت الجليل على تخوم صور وصيدا، وإتجه إلى حدود ربع فيلبس ومنه إلى المدن العشر، متجها إلى الشاطئ الشرقى للبحيرة. والمدن العشرة هي بين حدود ربع أنتيباس وربع فيلبس وتخضع لحاكم سوريا. وتغلب الوثنية على المنطقة كما تشهد على ذلك أثار تماثيل الآلهة الوثنية الموجودة للآن. وسياسيا تعتبر من المدن اليونانية الحرة وأخذت هذا الوضع من أيام بومبى. ومع أن الرب يسوع كان في هذه الأماكن موجودا داخل حدود إسرائيل القديمة إلا أن كل ما كان يحيط به كان وثنيًّا. وهناك صنع يسوع معجزات شفاء كثيرة فمجد هؤلاء الناس إله إسرائيل (مت15: 31).
من ضمن معجزات الشفاء التي قام بها الرب في المدن العشر هذه المعجزة. وقطعا كان هذا الرجل وثنى والذين أتوا به أيضًا وثنيين ولكنهم يتعايشون مع اليهود في نفس المكان فعرفوا المسيح. وحدثت هنا عدة أشياء تميز هذه المعجزة * الرب يأخذ هذا الأصم على ناحية من وسط الجمع. *وضع الرب أصابعه في أذنيه. *أنَّ = تنهد الرب. *تفل ولمس لسانه (وهذا تكرر مع الأعمى في بيت صيدا مر8: 23). *رفع نظره نحو السماء. *قال له إفثأ أي إنفتح. وكل هذا يبدو واضحًا أنه موجه لهذا الوثنى أو للوثنيين الموجودين. ويمكن فهم هذا بأن الرب أراد أن يظهر أن ما يعمله ليس بالسحر كما يفهم الوثنيون، بل يربط ما يعمله بالله الذي في السماء وأن الشفاء من عند الله. وأن الله هو الذي أرسله ليشفى. وأن وضع يده على الأصم كأنه هو يفتح طريقا للسمع داخل أذنه، ووضع اللعاب على لسانه، كان ليظهر إرتباط الشفاء بشخصه. وكان الشفاء باللعاب معروفا عند الربيين. وكان الرب بطريقته اللطيفة في معاملة هذا الشخص المريض، حين أخذه من بين الجمع ليكون مع الرب على ناحية، كأنه يجذبه بلطف إليه بعيدا عن الجو الوثنى المحيط إلى حياة جديدة، ويشعره بمحبته. وكانت حركات شفتيه وهو يئن يراها الأصم فيشعر بتعاطف المسيح معه وإحساسه بمعاناته. ثم يشفيه جسديا وروحيا. كان كل هذا ليثير الرب فيه الإيمان به وبمحبته. فيؤمن ويخلص. وكانت كلمة إفثأ = إنفتح، التي نطقها المسيح بلغة اليهود كأنها موجهة لكل الأمم وكل الوثنيين لتنفتح أذانهم ويسمعوا ويفهموا فيؤمنوا.
الأعمى كان من بيت صيدا جولياس على الشاطئ الشرقى للبحيرة وليست بيت صيدا الغربية. بدليل أن الرب في (الآية27) نجده قد خرج إلى قرى قيصرية فيلبس وهذه في الشرق. والرب شفى الأعمى على مرحلتين وبنفس طريقة الشفاء التي إتبعها مع الأصم. فالرب أخذه وأخرجه خارج القرية وتفل في عينيه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهو ما زال وسط الوثنيين ويظهر لهم أن الشفاء منه وليس بالسحر. وأيضًا هنا تم الشفاء على مرحلتين وباللمس في المرتين وهذا يشير أن الموضوع لا علاقة له بالسحر. وكما قلنا أن الربيين كانوا يستعملون اللعاب في الشفاء وبالذات مع العينين. وهناك قصة مسجلة عن الربى مائير أن إمرأة كانت كثيرة التردد على محاضراته، وأثار هذا زوجها فأمرها بالبصق على هذا الربى. ولما أخبرت الربى ما طلبه زوجها لم يُرِد أنها تكسر أوامره. وكان أن إدَّعى أن عينيه مريضتين وطلب من المرأة أن تبصق فيهما ليشفوا. [ولكن من ناحيتنا نقول أن لعاب المسيح بل وأى جزء من جسده المتحد بلاهوته فيه الحياة والشفاء، وهذا ما نحصل عليه من سر الإفخارستيا أي حياة أبدية لمن يتناول منه].
ويرى الكاتب أنها تالية زمنيًّا للمعجزة السابقة. وقد حدثت وسط الوثنيين في منطقة العشر المدن. وما يثبت هذا في نظر الكاتب أن الرب طلب عدم نشر المعجزة كما طلب في المعجزتين السابقتين. والقديس متى يضع المعجزة خارج نطاقها الزمنى فهو غير ملتزم بالتسلسل الزمنى، بل له فكره الخاص يعرض به وجهة نظر معينة عن الرب يسوع. ونلاحظ كلمات الأعميان "إرحمنا يا ابن داود" وهو نفس فكر المرأة الكنعانية. ولكن واضح أن القصة أظهرت أيضًا أن المسيح أراد إظهار إيمان الأعميين وأنهما يستحقان الشفاء، وأن قولهم "ابن داود" كان عن إيمان وليس مثل المرأة الكنعانية التي كان لقب "ابن داود" بالنسبة لها بحسب فكر اليهود كملك يهودي أرضى يعمل معجزات ويحقق لهم أحلامهم وأطماعهم الأرضية. ونلاحظ أن المنطقة التي كانت فيها المرأة الكنعانية بعيدة عن مكان معجزة الأعميين، والفكر في المكانين مختلف. والمسيح يتعامل مع كل واحد بطريقة تناسبه غير الآخر. ولكن إيمان هؤلاء الوثنيين يدين هؤلاء الفريسيين والكتبة والربيين والرؤساء والكهنة الذين رأوا وسمعوا ثم رفضوه بل وصلبوه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/various-miracles.html
تقصير الرابط:
tak.la/563hqdy