من المعروف أن العقيدة هي أساس الإيمان المسيحي وجوهر معرفة المسيح.. وهي ينبوع كل ممارسة روحية وأصل تراتيل العبادة الأرثوذكسية..
ولا نأمن إلى أي تعليم إلا ونتأكد من سلامة عقيدته..
فالعقيدة هي ما عقدنا عليه إيماننا وفكرنا..
هي ما وثقنا به.. هي معرفتنا ومعايشتنا لله..
فنحن نعبد ونحيا مع من نؤمن به كقول الرسول لانى عالم بِمَنْ آمنت..
فمن هو الله الذي نعبده ونسبح له.. ولماذا نؤمن بالثالوث.. وكيف أن الله ظهر في الجسد..
لذلك تجد أن كنيستنا القبطية جعلت تلاوة قانون الإيمان جهرًا في كل صلواتها وممارساتها كإعلان جماعة المؤمنين عن إيمانهم وسلامة عقيدتهم إذ يرددون بصوت واحد.. هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى تألم وقبر وقام من الأموات..
وبحسب قول معلمنا يوحنا الرسول:
"وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ" (1يو 4: 3).
فلا توجد حياة روحية سليمة بدون إيمان سليم..
أحبائي ليست خدمتنا هي مجرد مناداة بمجموعة فضائل وأخلاقيات.. بل هي إعلان إيمان حقيقي بالثالوث القدوس الفاعل في حياتنا.. الآب الذي أحبنا والإبن الذي فدانا والروح القدس الذي يرشدنا ويعزينا ويقدسنا..
أي تعليم بدون عقيدة هو سفسطة كلامية..
حتى الذين ينادون بالتخلي عن العقيدة فهذه عقيدة.. وتسمى عقيدة اللاعقيدة..
ومن الملاحظ أن هناك اتجاه في الخدام بالابتعاد عن الحديث في الأمور العقائدية بل والهروب منها.. والاكتفاء بالتعاليم الروحية.. وفي هذا خطر عظيم.. لأنه يخلي المسيحية من جوهرها الإيماني..
ولنتذكر أن معلمنا بطرس الرسول بعد أن تكلم أمام أكثر من ثلاثة آلاف نفس وآمنوا بالسيد المسيح وسألوا ماذا نفعل..
أجابهم: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم".. (أع 2: 28).
والمعمودية هي ولادة جديدة وهي موت وقيامة مع المسيح فهي إعلان إيمان وعقيدة وليس مجرد ترديد كلمات.. وكذلك حينما تقابل الخصي الحبشي مع فيلبس الرسول وسأل بخصوص آيات في سفر إشعياء لم يفهمها.. وجدناه يتساءل ماذا يمنع أن أعتمد؟ وفي هذا دليل على أن القديس فيلبس بشره بضرورة المعمودية لقبول الإيمان بالمسيح.
فيجب على الخادم أن يدرك ضرورة تقديم العقيدة للمخدومين ويمزجها بالسلوك العملي..
فإن أردنا الحديث عن الطهارة نركز أن ينبوعها من عقيدة التجسد وأننا كرامة لتجسده نكرم أجسادنا ونحفظها..
وأننا نصوم ونجاهد كاشتراك في جسد المسيح المتألم ولا نخاف الموت لأننا نؤمن بالقيامة.. ونسلك بلياقة وتدقيق لأننا نؤمن بالدينونة وبمكافأة الأبرار..
أنه من الخطورة أن نعلم تعاليم مسيحية دون أن نعلن ما هي عقيدتنا في المسيح يسوع..
← اقرأ كتب أخرى لنفس المؤلف هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
ولنلاحظ أن:
السيد المسيح هو الذي وضع أساس تعاليم العقيدة فهو الذي أعلن عن طبيعة إتحاده بالجوهر الإلهي إذ قال:
"لَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ" (يو 14: 10)
"صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا" (يو 14: 11)
وهو الذي أشار لنا بضرورة الميلاد من الماء والروح ولزومه للخلاص:
"أَجَابَ يَسُوعُ الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ" (يو 3: 5)
وهو الذي أكد لنا بإرسال الروح القدس:
"وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يو 14: 26)
وهو الذي أخطرنا بضرورة دور الكنيسة التي تمثل جسده المقدس في غفران الخطايا ممثلة في رجال الكهنوت المقدس الذين هم امتداد للسلطان الرسولي:
"مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ" (يو 20: 22).
وهو الذي أسس وأكد على ضرورة التناول من جسده المقدس:
"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ" (يو 6: 53).
وكذلك مجيئه الثاني ودينونته للأشرار..
آباء الكنيسة
وإن نظرنا إلى تعاليم آباء الكنيسة وكيف أعطوا أولوية في تعاليمهم لتثبيت المؤمنين في إيمانهم وكم قدموا من كتابات وشروحات ورسائل وكم قدموا من تضحيات في سبيل الحفاظ على الأمانة فمنهم من نُفيَ ومن سُجن ومن عُذب ومن استُشهد في سبيل التمسك بسلامة الإيمان المسلّم لنا مرة من القديسين فكيف نهمل نحن في تعليم عقيدتنا..
عزيزي لخادم لا تقرأ كتب العقيدة من أجل فقط المعرفة أو إلقاء الكلمات بل من أجل منفعتك أنت أولًا لتثبت على ما تعلمت وأيقنت..
وإن أحببتها وأدركت مقدار تأثيرها على فهمك وعلى حياتك ستجد تعاليمك ممزوجة بالشرح العقيدي وتعلن بشكل تلقائي في كل مناسبة عن هذا الإله الذي تعبده بالروح والحق:
"الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ" (كو 1: 13).
"لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ" (1 بط 2: 9).
فلننتبه ولا نتبع أي تعاليم أو اتجاهات غريبة ولنعترف بإيماننا إلى النفس الأخير.. والله هو الذي يحفظ قطيعه المقدس بسلام.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fahmy/servant/dogma.html
تقصير الرابط:
tak.la/s3hsdg6