ومما سبق تكتشف أن خطايا الشهوة لا تبدأ من الجسد وحواسه المختلفة.. بقدر ما تبدأ من تيارات دفينة تعمل في باطن الإنسان.. وتُوجِه سلوكه وشهواته وغرائِزه.. أما الجسد فهو مجال التعبير الخارجي المحسوس فقط.
وهكذا نجد أنَّ إنسان الله قد عبر مراحل النرجسية والأوديبية والجنسية المثلية والجنسية الغيرية العامة وبلغ إلى المرحلة الجنسية الأحادية وتسامى فوق كُلّ هذا وتخلص من كُلّ ارتباط أناني أو انحصار ذاتي.. وفهم أنَّ المعيار السليم للنمو الجنسي هو الانفتاح نحو الآخر.. وبلوغ أسمى مراتب الحب الكامل الذي لا تطلب الغريزة منه أنانية جامحة شاردة ولكنها تقترن بالمحبة والمشاركة..
(وبذلك تكون الحالة الجنسية هي مرآة للشخصية).. فهي تعكس الميول المستقرة في كيان الإنسان كُلّه.. وتعبر عن كُلّ ما هو في الشخصية من انقسام أو وحدة.
وقد يظن البعض أنَّ العفة كبتًا أو شذوذًا.. لا بل على العكس فهي تكشف كُلّ شذوذ وكُلّ انحراف في تيار النمو النفسي والإنساني.. فالذي يريد أن يستهلك الآخر فإنه يُظهر أنه تملُك عليه روح الاستيلائية ويعكس عدم نُضجه الروحي والنفسي والإدراكي.. وعليه أن ينطلق من سجن الأنا والذات إلى حرية العطاء والبذل.. وليكن معياره الحقيقي هو مقدار محبته وتقديره للآخر وإلى أي حد يقدر أن يقدم الآخر ويبذل من أجله مهما كانت ضعفاته.
وقدم لنا الرسول بولس أروع نموذج لهذا الحب الناضج حين قدم النموذج الرائع للحب الزيجي حيث يقدم محبة المسيح للكنيسة عروسه التي أحبها.. فحمل عارها.. وأزال خطاياها.. وبذل ذاته لأجلها.. فصارت له عروسًا مقدسة بلا عيب ولا دنس.. وهنا يبلغ كمال معنى الحب الزيجي المسيحي.. حيث يحيا الاثنان في كمال السر المبارك المقدس في وحدة وشركة واتفاق.. إنها أروع أيقونة لصورة محبة الله للإنسان الذي يجد لذته في محبته..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fahmy/purity/lust.html
تقصير الرابط:
tak.la/g4mt592