 |
1- إن الله في محبته الصالحة قد صنع كل الخليقة لكي يُظهر عنايته العظيمة والمتنوعة. لقد بسط السماء ونشر البحار وأضاء مصباح الشمس وصنع القمر لينير ليلًا وأعطانا الأرض لنقيم عليها وأعطانا منتجات الأرض ليغذينا ويقوت أجسادنا وأعطانا أيضًا رفات الشهداء القديسين مع أنه أخذ نفوسهم عنده، لأن مكتوب "نفوس الصديقين في يد الله" (حك س 3: 1). لكنه ترك لنا أجسادهم حتى إلى هذا اليوم ليعطينا درسًا وتشجيعًا نحتاجه. لذلك أثناء وقوفنا أمام قبور هؤلاء القديسين فلنحث نفوسنا على مثال هذه الغيرة لنقتدي بهم، وبينما نحن نتطلع إلى قبورهم فلنذّكر أذهاننا بالأعمال التي نالوا بها النصرة ولنتذكر المكافأة المحفوظة لمن ينتصر انتصارهم.
2- إن كنا يقظين فإن منفعة عظيمة ستنهمر على نفوسنا من الإقتداء بهم، لأنه لا حديث من جانبي يمكنه أن يعلّمكم ويقدم إليكم التعليم الصحيح واحتقار الحياة الحاضرة مثلما تستطيعه عذابات الشهداء. إن عذاباتهم ترسل صوتًا يدوي بصوت أكثر وضوح من صوت البوق، وبأعمالهم يظهرون للكل المكافأة التي نالوها بآلامهم والأجر الفائق الذي نالوه بالمقابل وكما أن الكلمة قاصرة عن العمل هكذا تعليمي قاصر بالنسبة لما يستطيع هؤلاء القديسين أن يعلّموكم إياه بأعمالهم.
3- أيها الأحباء عندما تقفون بجوار هذه القبور وذهنكم يتفكر أن كل هذا الجمع يسارع بمثل هذه السرعة ليجتمع هنا لكي يقبّل التراب ويجني بركة آتية من هذه القبور، فكيف يخيب ذهنكم عن الارتفاع إلى العلا وكيف ستخيبون عن السعي لإظهار نفس غيرة الشهداء لكي ما تحسبوا أنتم أيضًا جديرين بهذه المكافأة؟ إن كانوا يتمتعون بمثل هذا الإكرام منا نحن رفقائهم في العبودية فكم ستكون الدالة التي ينعمون بها من الرب في اليوم الرهيب (يوم الدينونة) عندما يضيئون ببهاء أكثر من أشعة الشمس؟ لأنه مكتوب "حينئذ يضئ الأبرار كالشمس" (مت 13: 23).
4- لذلك إذ قد أدركنا الدالة التي لهم فلنتشفع بهم ونقبل دائمًا المعونة التي يقدمونها. إن الناس الذين لديهم دالة عند ملك أرضي يمكنهم أن يصنعوا الكثير ليساعدوا من يلجأ إليهم. إن هؤلاء الشهداء الطوباويين الذين بسبب عذاباتهم قد نالوا دالة لمخاطبة ملك السموات، سيكون في مقدورهم كلهم أن يكسبوا لصالحنا بركات عظيمة. هذا فقط إن عملنا ما علينا. لأنهم سيستطيعون مساعدتنا بشفاعتهم، خصوصًا إن كنا غير متراخين بل برهنا بالاهتمام الشديد والحرص الذي نوليه لحياتنا أننا مشتاقين أن نجتذب لأنفسنا العطف الودود للرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q9w8kba
