 |
أُثِيرَت في الأجواء الكنسيَّة عدة مشاكل لاهوتية تفسيرية، انشغل بها كثير من الشباب والخدام، وأحدثت نوعًا من السجس والتشكيكات وتبادل الاتهامات. وطالَب الكثيرون بإعلان رأي الكنيسة في هذه القضايا اللاهوتية الدقيقة.
ولأني أعتبر نفسي صديقًا لكثير من طرفي الصِّراع الفكري؛ وقد تحدّث كثيرًا مع كل من الطرفين؛ فقد وجد نِقاطًا مشتركة في الفهم في بعض القضايا المُثَارة. لذلك آليت على نفسي أن أحاول القيام بدور المُصَالحَة الفكرية؛ فكانت الثمرة هي هذه الدراسة المتواضعة، أضعها بين يدي الله القدير، وأمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الحبيبة، لِتُعَاوِن الآباء الكهنة، وخدام الكلمة في فَهْم هذه القضايا.
فقد انشغل بعض خدام الكنيسة، وشبابها، ببعض المناقشات العقيدية على وسائل التواصل الاجتماعي. وَتَبَنَّى البعض أفكارًا جديدة، في موضوع شرح تدبير الخلاص، مُستندين على بعض الدراسات، والأبحاث، والرسائل العلمية، التي قام بها بعض الدارسين سواءً من أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أو من كنائس أخرى. ويتهمون الكنيسة بأنها غرقت في تَبَنِّي اللاهوت الغربي، ولاهوت العصر الوسيط في أوروبا، وأننا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نُعَلِّم حاليًا بتعليم أنسلم، [6] رئيس أساقفة كانتربري Anselm of Canterbury في العصر الوسيط.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
والبعض الآخر يَتَمَسَّك بشدة بما استلمناه من آبائنا القديسين، متأكدين من صحة، وسلامة، وأرثوذكسية تعاليم الكنيسة من عصر الآباء الرسل، ومارمرقس الإنجيلي، حتى عصر قداسة البابا تواضروس، مرورًا بالطبع بِمُعَلِّم الأجيال قداسة البابا شنودة الثالث.
عند محاولة البعض التشكيك في تعليم الآباء المُسَلَّمَة للكنيسة، فإن هذا يلقي على الجميع بمسئولية البحث في كنوز الآباء الأولين بروح أمينة مُجَرَّدَة، غير مُوَجَّهَة بأفكار الآخرين؛ لتشبع الكنيسة بِغِنَى تفاسير الآباء، على ضوء نصوص الكتاب المقدس، والليتورجيات القبطية، والآباء المُعْتَبَرِين أَعْمِدَة، وقوانين المجامع المحلية والمسكونية المُعْتَرَف بها في الكنيسة الجامعة الواحدة.
إن موضوعات الخِلاف كثيرة ومتشعبة، لكنك تستطيع بسهولة أن تكتشف بداية الخيط؛ لأن خطأً لا بُد أن يقود لخطأٍ، وهكذا تستمر سلسلة الأخطاء المترابطة والمُتَراصَة، التي لو تُرِكَت هكذا، لانحرف الإيمان المسيحي كله في تيارات غريبة كلية الغرابة عن فِكْر ربنا يسوع المسيح.
_____
[6] أنسلم أسقف كانتربري (1033-1109) لاهوتي وفيلسوف، من أصل فرنسي، كان له تأثير مهم على المفكرين اللاحقين، بما في ذلك توماس الأكويني، وويليام بن أوكهام، وكذلك على عقيدة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية اللاحقة في مختلف الأمور. توفي أنسلم في كانتربري عام 1109 م. وَدُفِنَ في الكاتدرائية هناك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/response.html
تقصير الرابط:
tak.la/4j5rkrs
