(1) السيد المسيح يُقيم رسلًا للخدمة:
لقد أرسى السيد المسيح نظامًا في تدبير الكنيسة المُقدَّسة، ولم يترك الكنيسة بلا تدبير أو تنظيم.. ولعل التساؤلات الآتية تكشف لنا -بقليل من التفكير- فكر ربنا يسوع المسيح من جهة هذا الأمر:
- أول تساؤل: لماذا اختار السيد المسيح مجموعة من تلاميذه الكثيرين، وسَماهم رُسلًا؟
- "ولَمَّا كانَ النَّهارُ دَعا تلاميذَهُ، واختارَ مِنهُمُ اثنَيْ عشَرَ، الذينَ سمّاهُمْ أيضًا "رُسُلًا" (لو 13:6).
- "وبَعدَ ذلكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سبعينَ آخَرينَ أيضًا، وأرسَلهُمُ اثنَينِ اثنَينِ أمامَ وجهِهِ إلَى كُل مدينةٍ ومَوْضِعٍ حَيثُ كانَ هو مُزمِعًا أنْ يأتيَ" (لو 1:10).
- ألم يكن من حق كل تلميذ مؤمن بالسيد المسيح أن يكرز باسمه القدوس؟ فما الذي يُميز الآباء الرسل عن باقي المؤمنين؟!
واضح من النصوص التالية أن جمهور المؤمنين كانوا دائمًا مُشاركين في الكرازة والعمل باسم المسيح..
- "فالذينَ تشَتَّتوا جالوا مُبَشرينَ بالكلِمَةِ" (أع 4:8).
- "أمَّا الذينَ تشَتَّتوا مِنْ جَرّاءِ الضيقِ الذي حَصَلَ بسَبَبِ استِفانوسَ فاجتازوا إلَى فينيقيَةَ وقُبرُسَ وأنطاكيَةَ، وهُم لا يُكلمونَ أحَدًا بالكلِمَةِ إلا اليَهودَ فقط" (أع 19:11).
بل أن السيد المسيح لم يمنع إنسانًا عاديًا من العمل باسمه..
- "فأجابَهُ يوحَنا قائلًا: "يا مُعَلمُ، رأينا واحِدًا يُخرِجُ شَياطينَ باسمِكَ وهو ليس يتبَعُنا، فمَنَعناهُ لأنَّهُ ليس يتبَعُنا". فقالَ يَسوعُ: "لا تمنَعوهُ، لأنَّهُ ليس أحَدٌ يَصنَعُ قوَّةً باسمي ويستطيعُ سريعًا أنْ يقولَ علَيَّ شَرًّا. لأنَّ مَنْ ليس علَينا فهو معنا" (مر 38:9-40).
- هل كان للآباء الرسل وضع متميز بين جميع المؤمنين؟ بالقطع كان فعلًا كما هو واضح أيضًا من هذه النصوص:
- "ثُمَّ دَعا تلاميذَهُ الاِثنَيْ عشَرَ وأعطاهُمْ سُلطانًا علَى أرواحٍ نَجِسَةٍ حتَّى يُخرِجوها، ويَشفوا كُلَّ مَرَضٍ وكُلَّ ضُعفٍ" (مت 1:10).
- "وأُعطيكَ مَفاتيحَ ملكوتِ السماواتِ، فكُلُّ ما تربِطُهُ علَى الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السماواتِ. وكُلُّ ما تحُلُّهُ علَى الأرضِ يكونُ مَحلولًا في السماواتِ" (مت 19:16).
- "فقالَ لهُمْ يَسوعُ: الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّكُمْ أنتُمُ الذينَ تبِعتُموني، في التَّجديدِ، مَتَى جَلَسَ ابنُ الإنسانِ علَى كُرسي مَجدِهِ، تجلِسونَ أنتُمْ أيضًا علَى اثنَيْ عشَرَ كُرسيًّا تدينونَ أسباطَ إسرائيلَ الاِثنَيْ عشَر" (مت 28:19).
- "فبَعدَ ما تغَدَّوْا قالَ يَسوعُ لسِمعانَ بُطرُسَ: "يا سِمعانُ بنَ يونا، أتُحِبُّني أكثَرَ مِنْ هؤُلاءِ؟". قالَ لهُ: "نَعَمْ يا رَبُّ، أنتَ تعلَمُ أني أُحِبُّكَ". قالَ لهُ: "ارعَ خِرافي" (يو 15:21).
- تساؤل آخر: لماذا اُختير متياس بديلًا عن يهوذا؟
- "أيُّها الرجالُ الإخوَةُ، كانَ يَنبَغي أنْ يتِمَّ هذا المَكتوبُ الذي سبَقَ الرّوحُ القُدُسُ فقالهُ بفَمِ داوُدَ، عن يَهوذا الذي صارَ دَليلًا للذينَ قَبَضوا علَى يَسوعَ" (أع 16:1).
- "فيَنبَغي أنَّ الرجالَ الذينَ اجتَمَعوا معنا كُلَّ الزَّمانِ الذي فيهِ دَخَلَ إلَينا الرَّبُّ يَسوعُ وخرجَ، منذُ مَعموديَّةِ يوحَنا إلَى اليومِ الذي ارتَفَعَ فيهِ عَنّا، يَصيرُ واحِدٌ مِنهُمْ شاهِدًا معنا بقيامَتِهِ". فأقاموا اثنَينِ: يوسُفَ الذي يُدعَى بارسابا المُلَقَّبَ يوستُسَ، ومَتياسَ. وصَلَّوْا قائلينَ: "أيُّها الرَّبُّ العارِفُ قُلوبَ الجميعِ، عَينْ أنتَ مِنْ هذَينِ الاِثنَينِ أيًّا اختَرتَهُ، ليأخُذَ قُرعَةَ هذِهِ الخِدمَةِ والرسالَةِ التي تعَدّاها يَهوذا ليَذهَبَ إلَى مَكانِهِ". ثُمَّ ألقَوْا قُرعَتَهُمْ، فوَقَعَتِ القُرعَةُ علَى مَتياسَ، فحُسِبَ مع الأحَدَ عشَرَ رَسولًا" (أع 21:1-26).
- ألم يكن كافيًا أن يبقى الرسل أحد عشر بدلًا من اثني عشر؟
- ولماذا لم يَختر السيد المسيح بنفسه شخصًا بديلًا ليهوذا في فترة الأربعين يومًا، التي كان يظهر فيها لهم بعد قيامته المُقدَّسة؟
- ألعله كان يرسي مبدأ الخلافة الرسولية وسلطان الكنيسة في اختيار خلفاء الرسل الأطهار؟
- ولماذا إذ وجدوا رجلين صالحين لهذه الرتبة الرسولية، لم يضموهما معًا إلى جماعة الرسل، ويصير عددهم ثلاثة عشر؟
- ألعل الأمر يشير إلى مبدأ الخلافة الرسولية، حيث يُسام واحد خليفة للأب المنتقل!!
- إذا كان كل من يوسف (برسابا) ومتياس لهما نفس الكفاءة والموهبة في الخدمة، بدليل حيرة الآباء الرسل في اختيار أحدهما واللجوء إلى القرعة.. فما هي الميزة التي تَميز بها متياس عن يوسف بعد الاختيار للرسولية؟
- وهل امتنع برسابا بعد ذلك عن الخدمة بحجة أنه لم يُختَر من الاثني عشر؟ أو هل ضعفت مواهبه الكرازية؟
واضح هنا أن الجميع مدعوون إلى خدمة الكرازة والتبشير، لكن كان دائمًا هناك مجموعة مُختارة للخدمة الرسولية، ولها امتيازات وصلاحيات خاصة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.
إن كل المؤمنين: "قديسون، وتلاميذ للرب، وخدام، وكارزون، ومدعوون للأبدية السعيدة، ولهم كل الحقوق باعتبار الجميع أبناء الله الحي".. لكن هناك القيادة الكهنوتية للكنيسة مُمثلة في الآباء الرسل، ثم خلفاؤهم من بعدهم، بحسب النظام المعمول به منذ العصر الرسولي، من أجل استمرارية الكنيسة وسياستها سياسة حكيمة مُقدَّسة، وقيادتها قيادة إلهية بشرية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/apostolic-succession/christ.html
تقصير الرابط:
tak.la/a3vpa2q