St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   all-may-be-one
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب ليكون الجميع واحدًا - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة

6- القصة من البداية الفردوسية

 

أولًا: القصة من البداية الفردوسية: 

دعنا نتتبع القصة من الأول بالتدقيق..

 لقد خُلق الإنسان ليكون على صورة الله، كشبهه ومثاله (تك1: 26-27)، ونحن قد تعلَّمنا من السيد المسيح.. وعرفنا من الإنجيل أن الله ثالوث في أقانيمه، وواحد في جوهره.

St-Takla.org Image: The Creation of Eve from Adam icon (details), private collection, France, 2013, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة خلق حواء من آدم (تفاصيل)، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: The Creation of Eve from Adam icon (details), private collection, France, 2013, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة خلق حواء من آدم (تفاصيل)، مقتنيات خاصة، فرنسا، 2013 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

 أراد الله أن يُقدم للخليقة كلها نموذجًا للثالوث.. جماعة في وحدة.. لذلك خلق كل البشرية متجمعة في شخص واحد هو آدم.. حتى حواء كانت هناك داخله "فأخذ واحدة من أضلاعِه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تُدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت" (تك2: 21-23).

 لم يخلق الله رجلين.. فتكون البشرية مُتشعبة من جذرين، ولم يخلق الله جمهرة من الرجال.. فتكون البشرية مُفتتة إلى أنواع متنافرة، ولم يخلق الله حواء من التراب كما فعل مع آدم.. بل أخذها من آدم، وذلك ليكون هناك إحساس الوحدة بين أول شخصين، بل أقول بين رأسيْ الخليقة البشرية كلها.. "فهذه عظم من عظامي ولحم من لحمى".

 لم تكن خلقة الإنسان كخلقة الملائكة (الكثيرين)، ولم تكن كخلقة الحيوانات أو النباتات (بكثرة)، ولكن هناك رجل واحد تجتمع فيه كل البشرية.

 كان هابيل هناك، وأيضًا قايين (مختبئين في صُلب آدم)، وكان نوح وإبراهيم هناك، وكانت سارة ورفقة وراحيل وليئة ومريم العذراء... كما كنا أنت وأنا هناك أيضًا.. كنا جميعًا في آدم حينما خُلق.

 ووضع الله لنا خطة.. أن البشرية في كل تعددها تكون من أصل واحد.. "صنع من دمٍ واحدٍ كلَّ أُمةٍ من الناس يَسكُنُون على كلِّ وجهِ الأرضِ" (أع17: 26).. ليكون الميل الطبيعي لكل إنسان أن يتحد بالآخر.. فيصير الجميع واحدًا كقصد الله.

 في هذا الصدد.. قال أحد مُعلِّمي الشريعة اليهودية: "لقد خلق الله البشرية من إنسان واحد، لكي تكون البشرية في سلام، ولكن عندما ننظر الآن.. نتساءل.. ما الذي كان سيحدث لو خلق الله آدميْن؟!!

 ولكن.. لم يفلح الإنسان في تحقيق قصد الله، ودخلت الخطية إلى العالم بحسد إبليس، وشوهت طبيعة الإنسان، وسببّت تفكُك الناس، وإحساس كل واحد بذاته المنفردة المنعزلة، ورفض الآخر مع الإحساس بالأنانية، والتنافس المريض بين الناس.

 وهذا واضح كل الوضوح من إجابة آدم عن سؤال الله له بعد أن أخطأ: "فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت" (تك3: 12).

 خسارة يا آدم.. ليس لأنك خالفت الوصية فقط.. بل أيضًا أعلنت انفصالك الكياني عن حواء، ولم يَعُد خلاصها يهمك، ولا مصيرها.. (يكفي أن أنجو بنفسي ولتهلك حواء "التي جعلتها أنت معي").

 لم تَعُد حواء في نظر آدم "عظم من عظامي ولحم من لحمى".. بل صارت آخرًا بكل معنى الكلمة.

 شعر آدم -بعد الخطية- بذاته وأنانيته، وبالتالي فَقَدَ إمكانية أن يجمعنا فيه.

 وكما كنا في صُلب آدم عندما خُلق، كذلك كنا فيه حينما سقط.. لذلك سقطت البشرية كلها معه وفيه بسقوطه.

St-Takla.org Image: Adam and Eve in the garden of Eden: the paradise on earth - from "Story of the Bible", authored by Rev. Hurlbut, 1904 صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم وحواء في جنة عدن: الفردوس الأرضي - من كتاب "قصة الكتاب المقدس"، إصدار الكاهن هيرلبات، 1904

St-Takla.org Image: Adam and Eve in the garden of Eden: the paradise on earth - from "Story of the Bible", authored by Rev. Hurlbut, 1904

صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم وحواء في جنة عدن: الفردوس الأرضي - من كتاب "قصة الكتاب المقدس"، إصدار الكاهن هيرلبات، 1904

 لقد تناثرت البشرية من آدم بسبب فساد الطبيعة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وورثت منه الأنانية والانقسام، وأعظم دليل على ذلك.. هو ما حدث بين أول أخيْن في التاريخ.. "وحدثَ إذ كانا في الحقلِ أن قايين قامَ على هابيل أخِيهِ وقتلَهُ" (تك4: 8).

 ولم تكن الخطية هي فقط القتل.. بل أيضًا الكراهية والذاتية والأنانية.. وأيضًا اللامبالاة بالآخر.. "فقال الرب لقايين: أينَ هابيل أخوكَ؟ فقال: لا أعلمُ! أحارس أنا لأخي؟" (تك4: 9).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وليدلني مَنْ يعرف..

* هل وقفت القصة عند قايين وهابيل؟

* هل انتهت الحروب بين الدول في عصر من العصور؟

* هل انتهت المظالم بين الناس، والقتل، والفتك، واغتصاب الحقوق والأموال، والسرقة بكل أنواعها؟

* هل توقفت المنافسة المريضة بين الناس بفئاتهم وتشعباتهم.. حتى هؤلاء الذين يحاربون بعضهم بعضًا باسم الدين نفسه؟

* هل انتهت المشاجرات، والمشاحنات، والقضايا، والخصومات، والطلاق، والمنازعات؟

 إن سوسة الأنانية قد دبّت في كيان البشرية منذ أن أخطأ آدم، ولم يَعُد أحد يستطيع أن يتحد بالآخر.. ليكون الجميع واحدًا.

 وتناثرت البشرية تحمل كل الخزي في العلاقات، والمآسي في التعاملات، وصار الجميع يتطاحنون، ويفتري الناس بعضهم على بعض بدون ضمير، وأحيانًا براحة ضمير.. "تأتي ساعة فيها يظُن كل مَنْ يقتلُكُم أنه يُقدِّم خدمةً لله" (يو16: 2). أين الضمير؟ أين معرفة الله الحقيقية؟

 لم تَعُد البشرية تصلُح لأن تكون أيقونة للثالوث القدوس.. الواحد في الجوهر، والمثلث في الأقانيم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/all-may-be-one/start.html

تقصير الرابط:
tak.la/jw39tq6