العطاء أو الصدقة ركن هام من أركان العبادة المسيحية الثلاثة وهى الصدقة والصلاة والصوم.
يقول المرنم "أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ اللهُ فِي مَسْكَنِ قُدْسِهِ" (مز 5:68) ولما كان الله هكذا في محبته فهو يعتني بهم ويهتم بأمورهم وقد أوصى كثيرًا بالعطف عليهم والاهتمام بأحوالهم فيقول "إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ.. فَلا تُقَسِّ قَلبَكَ وَلا تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ الفَقِيرِ. بَلِ افْتَحْ يَدَكَ لهُ.. أَعْطِهِ وَلا يَسُوءُ قَلبُكَ عِنْدَمَا تُعْطِيهِ لأَنَّهُ بِسَبَبِ هَذَا الأَمْرِ يُبَارِكُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" (تث 15: 7ـ10) ويوصى طوبيت الرحوم ابنه طوبيا بعد أنْ اختبر بركات الرحمة وخدمة الفقراء والمحتاجين قائلًا "تصدَّق من مالك ولا تُحوِّل وجهك عن فقير وحينئذ فَوَجه الرب لا يحول عنك. كن رحيما على قدر طاقتك.. فإنَّك تدخر لك ثوابا جميلا إلى يوم الضرورة. لأنَّ الصدقة تُنجِّي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير إلى الظلمة. إنَّ الصدقة هي رجاء عظيم عند الله العلي لجميع صانعيها" (طو 4: 7ـ12).
ويقول الحكيم يشوع بن سيراخ في هذا المعنى "كن أبًا لليتامى وبمنزلة رجل لأمهم فتكون كابن العلي وهو يحبك أكثر من أمك" (سى 10:4).
ويشجعنا الرب يسوع على العطاء والصدقة مبينًا فوائدها وبركاتها فيقول "بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ" (لو 33:12).
كما يقول أيضًا "أَعْطُوا مَا عِنْدَكُمْ صَدَقَةً، فَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَقِيًّا لَكُمْ" (لو 41:11) وفي ـ الدينونة الأخيرة سيكون للرحمة بكل أنواعها قيمة عظمى في نظر الرب الديان العادل فيقول للرحومين "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ" (مت 25: 34ـ40) ثم يفعل العكس تمامًا مع الأشرار وغير الرحومين (مت 25: 41ـ45) "فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَاب أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ" (مت 46:25) "لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ" (يع 13:2).
وقد تعلَّم الرسل من معلمهم الأعظم فوائد الرحمة والصدقة سواء من أقواله أو من أفعاله فطفقوا يفعلون مثله ويُعلِّمون المؤمنين بالاهتمام بالصدقة كركن هام من أركان العبادة المسيحية فيقول القديس يعقوب الرسول "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ" (يع 27:1) ـ كما يذكرنا الرسول بولس بتعاليم الرب يسوع عن الصدقة فيقول "متذكرين كلمات الرب يسوع أنَّه قال الغبطة (السعادة) في العطاء أكثر من الأخذ" (أع 35:20).
وقد استجابت الكنيسة الأولى لكل تعاليم الرب وتعاليم رسله الأطهار "وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ" (أع 32:4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهكذا "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا" (أع 32:4) و"كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ" (أع 4: 34ـ35).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-metaos/worship/giving.html
تقصير الرابط:
tak.la/pfvb27w