كان البابا متاؤس الأول يعاون الذين يقعون في شدة من الشدائد التي كانت فخاخها منصوبة لشعب الله المختار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فيسأل السيد المسيح إله الخلاص في خلاصهم من شدائدهم فيخلصون ويمجدون الله على هذه النعمة العظيمة التي منحها للقديس الطاهر البطريرك المذكور نذكر هنا بعضها على سبيل التذكار.
وقع شاب من أولاد الوزراء في شدة قوية مع الملك برقوق بمصر والتجأوا لهذا البابا كي يعينهم على خلاصه ولعظم هذه الشدة كان البابا يستغيث بالشهيد تاودروس في خلاصه قائلًا: "أنا أعلم يا شهيد الله إنك بشجاعة عظيمة خلصت أولاد الأرملة من فم ذلك التنين القاتل (وأنا أربطك بالسلطان الذي أعطى لي من ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ابن الله الحي ولا أحلك من الرباط إلا إذا أسرعت وخلصت ذلك) وأنا أطلب إليك أن تسرع وتخلص هذا الإنسان من الشدة الواقع فيها الآن" ولم يتمم البابا كلامه هذا وطلب وساطة القديس تاودروس حتى خلص ذلك الإنسان من تلك الشدة التي وقع فيها متعجبًا لا يعلم كيف كان خلاصه فازداد تعجبه من الكرامة والوقار الذين يكرم بهما القديسون والشهداء هذا البابا.
وكان البابا متاؤس يفعل مثل ذلك مع كثيرين من الشهداء والقديسين فكان إذا فقدت آنية بيعة من البيع كان يربط بصلاته الشهيد ولا يحله حتى يظهر له من سرق أواني البيعة.
سرقت ذات مرة أواني بيعة القديس أنبا شنودة بمصر فلما علم البابا بهذه السرقة حضر إلى البيعة وربط صورة القديس المذكور ولم يحله حتى أرسل له من عرفه بالذي سرق أواني بيعته وكان هذا السارق اعتاد سرقة أواني البيع فهاجم هذا البابا بيته وقام عليه وانتهره قائلًا: "كم لي من مرة وأنا أحتملك وأنهاك عن العودة إلى السرقة من بيع الله المقدسة وأنت لا ترجع عن سرقة أوانيها المقدسة ولا تكف عن السطو عليها. ولكن من الآن سيأتي عليك الانتقام القوى الذي لا يكون لك بعده حياة على الأرض بل تموت شر ميتة" وبعد كلام البابا هكذا لم يمكث هذا الإنسان إلا قليلًا حتى وقع في يدي متولي الحكم في القاهرة بأواني ذهب وفضة سرقت من بيته ولما تحقق أنه تجاسر وأقدم على سرقتها سمره لساعته وتم عليه قول البابا شر ميتة جزاء ما كنت يداه.
أتى إلى البابا متاؤس شاب شماس وقال له: "يا رجل الله ارحمني فإن شابًا جنديًا عبر اليوم على وهو راكب فرس أبيض لم أرى أحسن منه فضربني ضربًا وجيعًا من غير رحمة وذلك لأني أكلت في يوم الأربعاء ويوم الجمعة من باكر لأني كنت أكل في خفية ولم أعرف من هو الذي عرف ذلك الجندي بي وكان كلما يضربني يقول لي: "كيف تكون نصرانيًا وشماسًا وتأكل في يومي الأربعاء والجمعة مبكرًا ولهذا فإن قلبي خائف منه". فقال له البابا: "لا تخف لأن الجندي الذي ضربك أنا أعرفه ولكن إذا مضيت بك إليه تتوب أمامه عما اقترفته" فأجابه الشماس: "نعم يا أبى" وللوقت أخذه وأقامه أمام صورة رئيس الملائكة الطاهر ميخائيل. وكانت تلك الصورة تحوى صورة الملاك راكبًا على فرس أبيض فلما تأملها الشماس خر ساجدًا أمامه وقال: "بالحقيقة يا أبى هذا هو ذلك الجندي الذي ضربني وأنا منذ الآن قد تبت أمامه لأني شماس على بيعته المقدسة وقد افتكرني وضربني لكي أترك ما أنا فيه من لهو واستهتار وسأقوم كما يجب بتأدية خدمته" ثم تاب من ذلك اليوم وهو يتعجب من صلاة هذا البابا ويستغرب أمر وجوده مع الناس على الأرض ويشاهد المكتومات الخفية.
وقعت شدة كبيرة على بعض من أعيان الأراخنة الموجودين بالقاهرة ولما عزموا الهرب عند البابا متاؤس والالتجاء إلى معونته وكان قداسته يقيم وقتئذ في مصر لم يقووا على النهوض وأدركهم الليل فناموا. وفي تلك الساعة أبصر أحدهم في حلم البابا متاؤس قائمًا أمام صورة الشهيد مار جرجس يسأل في خلاص أولئك الأراخنة ويقرع الصورة بيده ويقول: "يا شهيد الله يا مار جرجس إني لا أعرف خلاصهم إلا منك" فأمال الشهيد رأسه من الأيقونة كمن يقول له نعم وكرر ذلك ثلاث مرات ثم أحنى رأسه كمن يقول: "نعم نعم أنا أخلصهم" فلما نظر البابا ما كان من تواضع الشهيد انطرح ساجدًا على الأرض فعظم الأمر على الشهيد من سجوده له وخرج من الأيقونة مثل فارس متجسد. فمسك بأذيال البابا متاؤس وتبارك منه أن البابا فعل بالمثل أعنى أخذ الواحد يتبارك من الآخر.
ولما انتبه هذا الأرخن من نومه وقص تلك الرؤيا على رفقائه لم يصدقوه. وفي الباكر خرج الأمر من الله بشفاعة شهيدة العظيم مارجرجس بخلاص أولئك الأراخنة وفعلًا بعد برهة وصل إليهم أن الأمير عفا عنهم من غير سعى. ولما تحقق لهم أمر خلاصهم قاموا في الحال ومضوا إلى البطريرك يقدمون له الشكر على ما رأوه في الرؤيا المتقدم ذكرها من غير أن يحضروا إليه ودون أن يسألوه في ذلك بل كان ما صنعوه أنهم اضمروا في نفوسهم أمر الاستعانة بشفاعته لا غير وأن البابا شعر بنيتهم وعمل على خلاصهم بدون سؤال منهم وتعجب جميعهم لهذا الحادث العظيم ومجدوا الله على خلاصهم ببركة قديسه البابا متاؤس. (كتاب 15 تاريخ ص 292 و293 وفوه ص 176 {أ} و177).
وأتى إلى البابا متاؤس أحد الكتبة وهو مكروب في شدة عظيمة وقدم إليه خمسمائة دينار قائلًا: "يا رجل الله اقبل منى هذه الخمسمائة دينار وصلى لي لأن الملك برقوق يريد قتلى اليوم ولا أعلم كيف يكون خلاصي" فقال له البابا المكرم: "لا تخف يا هذا ولا تظن أنه بالذهب الذي أحضرته يكون خلاصك لأن الصلاة بالذهب ليس فيها خلاص بالكلية فإن أردت أن تخلص أعد الذهب الذي أحضرته إلى مكانه والرب يخلصك من غير ذهب بالمرة" ثم قام البابا وصلى عليه وباركه وأرسله إلى الملك برقوق وأعطاه صليبه ومنديله وقال له: "احمل هذين حولك وادخل على الملك ولا تخف" فامتنع وخاف بالأكثر أن يحمل الصليب فتقع عليه الأفكار إذا شعر به أحد. فقال له البابا: "قلت لك احمل الصليب والمنديل من الداخل وقابل الملك وأنا أضمن لك بإذن الله تعالى الذي تحمل صليبه خلاصك فلا يضرك الملك ولا يؤذيك بالمرة".
فأطاع الكاتب كلام البابا وحمل المنديل والصليب ودخل بهما على الملك وكان مملوءًا من الغضب عليه ولكن في تلك الساعة تبدل الحال وانقلب غضب الملك إلى اللين والرأفة وصارت كل كلمة يفوه بها هذا الكاتب أمام الملك تدخل في أذن الملك مثل الندى البارد فتطفئ ما عنده من الغضب جميعه فخرج الكاتب المذكور من عند الملك فرحًا متقويًا ومباشرًا على عادته وتعجب من الصلاة القوية التي لهذا البابا والتي بدلت غضب الملك وحنقه وغيرت نيته على قتل الكاتب إلى محبة وحنو وعطف ورضا وكان كل من سمع بهذه الحادثة العجيبة يمجد الله ويقدم له الشكر على رحمته بعباده وقبول صلوات قديسه الورع متاؤس البطريرك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-metaos/pope-mattheos/help.html
تقصير الرابط:
tak.la/xcsny73