يتساءل البعض إن كانت الدينونة
والحكم بالتالي على البعض بالهلاك الأبدي، تتفق ومحبة الله وكثرة
رأفته؟ وكيف سيتحول الله الوديع الحمل الصامت إلى صورة أسد مزمجر؟
ولكن علينا ألا نتصوَر الله في يوم الدينونة وكأنه يقتص لنفسه من
الأشرار! حاشا، فالله محب، كما أنه لا يُسَر بهلاك أحد، وفي
المقابل فإنه لن يهلك إلا ابن الهلاك "الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي
حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ
الْهَلاَكِ" (يوحنا 17: 12) فإن النار الأبدية هي المستقر الحتمي
للأشرار، كما أن الملكوت هو المكافأة الطبيعية للأبرار. إن الله سَيُدين الناس بحسب القوانين
والوصايا التي وضعها لهم، كما
ذكرنا أيضًا هنا في
موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.
غير انه سيراعي في الدينونة حجم الخطية
وليس نوعها فقط،
فالخطية بالفكر ليست كالخطية التي بالفعل، والخطية
التي يرتكبها الإنسان في حق نفسه تختلف عن تلك التي يرتكبها في حق
الآخرين، والتي يصنعها بكامل إرادته ليست كتلك التي إرادته غير
كاملة فيها، وتلك التي لا إرادة له فيها أصلًا، هكذا يقول الكتاب
إن الله سيجازي كل واحد بحسب أعماله، ولكن الله رحيم في عدله وعادل
في رحمته. إن عدل الله يقتضي بأن يُعاقب الشرير. روي لي أحد الآباء عن شاب تقابل معه
منذ سنوات وكان يبكي، فلما سأله الأب عن سبب بكاءه عرف منه أنه رسب
في امتحانات الثانوية العامة، وهنا سأله الأب إن كان قد ذاكر وأجاب
جيدًا أم لا؟ فأجاب بالنفي، وهنا قال له الأب: أتظن أن الله يكون
عادلًا إذا أنجحك ولم تجتهد!! إن الله يريد منا أن نجاهد قدر
استطاعتنا، لقد سأل الرب واحدًا بخصوص إيمانه فقال ":أُومِنُ يَا
سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" (مرقس 9: 24) حيث يُلاحظ أن
إيمان الرجل كان من الضالة بحيث يقترب من العدم، ومع ذلك فقد أجابه
الرب إلى طلبه وشفي له أبنه. فمن جهة حنو الله فإنه حنون، غير أن
خطايا الإنسان هي التي تقوده للعقاب، وأما من جهة عدله فكيف يساوي
الله بين المجاهد البار والخاطئ الشرير! "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ
الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ
مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.
وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ
بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ
عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ
يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ
الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (متي 25: 31-34).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-macarious/eternal-life/love.html
تقصير الرابط:
tak.la/v3cs2gz