St-Takla.org  >   books  >   anba-macarious  >   eternal-life
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الحياة الأبدية - الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا

16- الإفخارستيا عَربون الحياة الأبدية

 

بعد أن أكل من شجرة معرفة الخير والشر، طُرد آدم من الفردوس لئلا يأكل من شجرة الحياة فيحيا إلى الأبد في خطيته، فما أن أتى ابن الله وافتداه حتى صار مسموحًا له بالأكل منها، وما هذه الشجرة إلاَ جسد الرب ودمه الأقدسين، فالسيد المسيح هو شجرة الحياة التي لا يموت آكلوها [شجرة الحياة عديمة الموت] (إبصالية الاثنين) وفي تذاكية يوم الخميس، وبعد الحديث عن اللعنة التي أصابتنا بالسقوط، ثم فتح باب الفردوس بعد الفداء يقول [استحققنا شجرة الحياة لنأكل منها أي جسد الله ودمه الحقيقيين].

وبالفداء عاد الإنسان إلى رتبته، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومن ثم وُهِب أن يأكل من هذه الشجرة كعربون للحياة الأبدية "مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ،" (يوحنا 6: 54) وفي هذا يقول القديس كيرلس الكبير: [إن الفصح هو العبور من الموت إلى الحياة، والمسيح فصحنا الجديد هو الخبز الحقيقي الذي يهب الحياة الأبدية ويحررنا من رباطات الموت](1).

St-Takla.org Image: Eucharist and the heaven, 2012, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: الإفخارستيا والسماء، 2012، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: Eucharist and the heaven, 2012, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: الإفخارستيا والسماء، 2012، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

وعندما صرَح المسيح بأن "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يوحنا 6: 56) كان بذلك ينبَهنا إلى أن الإفخارستيا تهبنا من صفات الله ومواهبه ومنها الخلود وعدم الفساد إذ بالإتحاد من خلال التناول تنتقل هذه الصفات إلينا.

يحكي عن شخص يُدعى بطرس، كان مُرابيًا بخيلًا محبًا للمال، وفي ذات يوم وبينما كان عائدًا إلى مسكنه بعد تحصيل بعض الديون، لمحه أحد المتسولين يحمل في يده رغيف خبز، فتبعه آملًا أن يحصل على شيء منه، وراح يستعطفه بينما بطرس ينهره، ولما ألحَّ عليه أغلظ له بطرس في القول وراح يطرده، ولكن المسكين تبعه في -إصرار الجائع- حتى باب بيته فما كان منه إلّا أن ألقي في وجهه بقطعه من الخبز حتى يتخلص منه، فألتقطها المسكين وأكلها في كثير من البؤس.

وأما بطرس فقد مضي من توه إلى خزانة المال وأطمئن إلى الأكداس التي فيها، وبعد ذلك أزدرد بقية الخبزة قبل أن يأوي إلى فراشه، وما هي إلا ساعات قليلة حتى وجد ذاته أمام مائدة عظيمة يجلس إليها قوم في كامل البهاء والمجد.

كان كلَ منهم يجلس في كرسيه وقدامه لوحة صغيرة مدون عليها أسمه. فأشار بطرس إلى أحد الملائكة الواقفين هناك مستفسرًا عما إذا كان له مكان بين هؤلاء؟، فأكد له الملاك ذلك ثم أقتاده بلطف إلى أحد الكراسي حيث كان مدونًا اسمه قدامه على اللوحة.

ولم يكن الاحتفال قد بدأ بعد، وكان كل مِن الجالسين أمامه طبق مغطي بآخر، فلما حان الوقت رُفعت الأطباق وإذا بكثير من الخيرات وألوان الطعام الشهية في الأطباق، فلما رفع بطرس الطبق وجد تحته لقمة صغيرة من الخبز، فأشاح بيده إلى الملاك مستنكرًا بعجرفة، فأجاب الملاك برقة وهدوء متسائلًا: ألا تعرف هذه؟ فأجاب: كلا، فقال له الملاك: حاول أن تتذكرها، وهنا تهاوي بطرس في مقعده قائلًا بصوت كسير وكسيف (وكأنه يحدث نفسه) الآن أتذكرها جيدًا، إنها كسرة الخبز التي ألقيت في وجه ذلك المسكين ليلة البارحة لأتخلص من إلحاحه(2).

واستيقظ بطرس مذعورًا وهو يتصبب عرقًا، ثم قام على الفور وكأنه مسبي فمزق صكوك الديون المستحقة له، ثم وزَع أمواله، وهو يقول: لو كنت أعطيت لك الخبزة كاملة لوجدتها في ذلك الطبق فما بالي إن أعطيت كل مالي ونفسي لله... فوزع ماله ولم يكتف بذلك بل باع نفسه كعبد، ولما عرف سيده قصته وتأثر بفضائله أعتقه، فأتجه إلى برية القديس مقاريوس وترهب هناك، وأينما حل كان يشيع الفرح والتعزية، وتُعَيِد له الكنيسة في 25 طوبة من كل عام.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) الإفخارستيا عند القديس كيرلس الكبير / مركز الدراسات الآباء.

(2) ورد في رواية أخرى أنه عند الدينونة (في الحلم) وجد أكداسًا من الخطايا توضع في كفة الميزان اليسرى بينما لم يجد الملائكة ما يضعونه في الكفة اليمني سوى كسرة الخبز المشار إليه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-macarious/eternal-life/eucharist.html

تقصير الرابط:
tak.la/h3tpn23