سؤال: كيف يثبت القبر الفارغ بأن يسوع قد صلب؟ أليس الله بقادر على رفع رجل آخر من القبر وبعثه أيضًا؟
الإجابة:
هذا السؤال لا يقدّم تشكيكًا لكنه يرد على إثبات. فمن ضمن الدفاعات التي تثبت قيامة السيد المسيح أنه لو لم يكن المسيح قد قام لما وُجد القبر فارغًا. إن قضية القبر الفارغ لا ينكرها أحد كدليل على قيامة السيد المسيح.
إن القصة التي طُلب من الحراس أن يقولوها يوم الأحد صباحًا وهي أن التلاميذ أتوا ليلًا وسرقوا جسد الرب بعدما دُحرج الحجر من على فم القبر، تجعلنا نطرح السؤال التالي: هل لم يكن لليهود القدرة في ذلك الحين على ملاحقة سارقو الجسد؟
لقد قام السيد المسيح في فجر الأحد بدليل أن الحراس لم يدخلوا المدينة سوى يوم الأحد صباحًا، ولم يُدحرج الحجر من على فم القبر سوى يوم الأحد صباحًا، فهل لم يكن لليهود القدرة على ملاحقة الجسد بتمشيط المنطقة كلها بحثًا عن جسد يسوع في ذلك الوقت. إن عملية إخفاء جسد -إذا افترضنا جدلًا أن هذا الجسد لم يقم من الأموات أو لم يفسد- هي عملية صعبة جدًا وتحتاج إلى مجهود كبير.
كان من الممكن أن يطلب اليهود من الحاكم الروماني أن يخصص لهم فرقًا من فرسان الجيش الروماني لملاحقة مَن أخذ تلك الغنيمة. لكن سكوت اليهود عن ملاحقة الجثمان هو دليل على معرفتهم بقيامة السيد المسيح.
لم يحدث إطلاقًا أن طلب شخص من الوالي الروماني أن يأمر بخروج قوة من الجيش لملاحقة هذه السرقة التي يدّعونها. مع العلم بأن القانون الروماني يحكم بإعدام الجندي الذي يُسرَق شيء موضوع تحت حراسته. وقد ذُكر هذا الأمر في قصة بطرس الرسول عندما أخرجه الملاك من السجن فأمر هيرودس الملك بإعدام جميع الحراس وعددهم ستة عشر (أربعة أرابع يتناوبون أربع ورديات الليل لكل نوبة أربعة حراس). "وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَحَصَ الْحُرَّاسَ وَأَمَرَ أَنْ يَنْقَادُوا إلى الْقَتْلِ" (أع12: 19).
وأيضًا في سجن فيلبى عندما فتح الملاك باب السجن فأضاء السجن وسقطت السلاسل، همَّ مأمور السجن بقتل نفسه، لأنه يعلم أن القانون الروماني يحكم بإعدام الحارس الذي يفقد حراسته "وَلَمَّا اسْتَيْقَظَ حَافِظُ السِّجْنِ وَرَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَةً اسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ ظَانًّا أَنَّ الْمَسْجُونِينَ قَدْ هَرَبُوا" (أع16: 27).
عند قيامة السيد المسيح واكتشاف القبر الفارغ قال رؤساء الكهنة للجنود "إِذَا سُمِعَ ذَلِكَ عِنْدَ الْوَالِي فَنَحْنُ نَسْتَعْطِفُهُ وَنَجْعَلُكُمْ مُطْمَئِنِّينَ" (مت 28: 14) وهذا يعنى أنهم تنازلوا عن قضية الحراسة. ولأنهم أصحاب الحق في حراسة القبر، كان يحق لهم استبدال الحراسة بملاحقة السارقين. لكن هذا لم يحدث..
كما أن القانون الروماني يحتّم أن عملية ختم القبر بأختام الدولة الرومانية لا بُد أن يُعمل بها محضر خَتْم يُسجّل في سجلات الدولة الرومانية.
عندما كتب القديس متى إنجيله في الفترة ما بين عام 60-70 ميلادية، كان من الممكن جدًا أن يعترض عليه اليهود ويقولوا كل الأمور التي لا تتفق مع الرواية التي أوردها في إنجيله بما في ذلك ختم القبر، وكان من الممكن أن يعترض على روايته المعترضون من المعاصرين للأحداث. لكن كل هذا لم يحدث، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. فالسجلات موجودة ولا يوجد بها إصدار أمر بخروج جماعة من الحراس لتعقب السارقين والبحث عنهم.
القبر الفارغ هو، في حقيقة الأمر، دليل قوى.. ولذلك يحاول المشككون طمس هذا الدليل بقولهم إن القبر الفارغ ليس دليلًا على القيامة..
إن صلب السيد المسيح وقبره هو حقيقة مؤكدة. فقد صلب اليهود السيد المسيح لكي تثبت عليه عبارة أن "المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ" كما ورد في سفر التثنية (تث21: 23) وفي رسائل بولس الرسول (انظر غل3: 13). لكن حيث إنه قام من الأموات، فاللعنة الخاصة بالصليب قد محيت لأنه حمل لعنة خطيتنا. وبموته تصور اليهود أنهم قد تخلصوا من حياته لكنه قام حيًا من بين الأموات..
وقد أصر اليهود على صلب السيد المسيح، وليس قتله بأية وسيلة أخرى، لأنهم وجدوا أن له شعبية كبيرة جدًا فأرادوا أن يثبتوا من التوراة أنه ملعون من الله. لأن سفر التثنية يقول: "فَلا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلى الخَشَبَةِ بَل تَدْفِنُهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لأَنَّ المُعَلقَ مَلعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا" (تث21: 23). هذه هي الأوامر التي وردت في التوراة.
لذلك قال اليهود لبيلاطس "اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!" (لو23: 21) لأنهم غير متنازلين عن أن يموت مصلوبًا. "قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ لأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً" (يو19: 6). "خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا" (يو18: 31).
لقد رفض اليهود أن يحكموا عليه حسب الشريعة لأن حكم الشريعة اليهودية على المجدّف -وهى التهمة التي اتهموا بها السيد المسيح- هي الرجم، وهم لا يريدون أن يرجموه لأنهم أرادوا أن تلحق به اللعنة بالصلب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/resurrection-doubts/empty.html
تقصير الرابط:
tak.la/56zt3hp