إن سر قوة الكنيسة القبطية برغم كل الضغوط التي وقعت عليها على مر العصور هو حياة الرهبنة. لأن هناك من يصلون، فيجد الله مكانًا يرتاح فيه.
يقول المزمور "لاَ أُعْطِي وَسَنًا لِعَيْنَيَّ وَلاَ نَوْمًا لأَجْفَانِي. أَوْ أَجِدَ مَقَامًا لِلرَّبِّ مَسْكَنًا لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ" (مز132: 4، 5). يريد الله قلبًا ليستريح فيه.
الرهبنة ليست سلبية، بل بالعكس. نحن نحزن على الوقت الذي يضيع في الخدمة ولا يأتي بنتيجة. أو على الخدام الذين يتعبون أنفسهم أزيد من اللازم بأنشطة لا تثمر شيئًا لملكوت الله: خدمات اجتماعية، وحفلات، ورحلات... أين هي ثمار الملكوت الحقيقية؟
تجد أناس تائهون وسرقتهم السكينة، ومن الفشل يتهمون الرهبنة بالسلبية!
في قصة مرثا ومريم اختارت مريم النصيب الصالح الذي لا ينزع منها، بينما مرثا كانت تهتم بأمور كثيرة. أنا لا أتفق مع من يقول أن مرثا تمثل الخدمة ومريم تمثل الرهبنة، لأن خدمة مرثا لم تكن خدمة كرازة أو تعليم، بل خدمة في المطبخ. فلا يصح أن نقول عن المبشرين مثل بولس الرسول وآباء الكنيسة أنهم مرثا.
قال السيد المسيح لمرثا "أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ" (لو10: 41، 42). الحاجة إلى واحد أي إلى صنف واحد من الطعام، أو قليل من الأصناف، لكي تقدر أن تنتهي من عمل المطبخ سريعًا وتأتى لتسمع كلام الرب. بمعنى أنه لا يريد أن يكون انشغالها بالخدمة الجسدية فقط بل بالغذاء الروحي أيضًا. أما مريم فقد اختارت النصيب الصالح الذي لا ينزع منها، وهو سماع كلام الله.
هناك لمحة في هذه القصة إلى أن من جلست تحت قدمي السيد المسيح تتعلم هي التي وجدت المتعة الحقيقية.
الخدمة التي تعتبر مثل خدمة مرثا هي الخدمة الخالية من البعد الروحي، مثل الحفلات والرحلات والنادي بلا صلاة أو درس كتاب.. هي الخدمة التي تخدم الحياة الحاضرة لكن لا تفكر في البعد التعليمي والبعد الروحي.
على أي الأحوال الكنيسة فيها أنواع من العطاء، لذلك قال بولس الرسول "إِنْ قَالَتِ الرِّجْلُ: لأَنِّي لَسْتُ يَدًا لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ. أَفَلَمْ تَكُنْ لِذَلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟. وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ: لأَنِّي لَسْتُ عَيْنًا لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ. أَفَلَمْ تَكُنْ لِذَلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟... لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَنْ تَقُولَ لِلْيَدِ: لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ. أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ: لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا" (1كو12: 15-21). فكل واحد له موهبته من الله "أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي الْخِدْمَةِ أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي التَّعْلِيمِ. أَمِ الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ" (رو12: 7، 8).
نستنتج من ذلك أن من يريد أن يعيش حياة روحية مع الله، ويدخل في عشرة قوية معه، عليه أن يعيش حياة التسبيح، والرهبان في الأديرة يصلون تسبحة نصف الليل يوميًا. وهذه التسبحة لا ينفع أن تكون تأدية واجب بل يجب أن تكون منهج حياة كمقدمة للتسبيح في السماء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/monasticism/church.html
تقصير الرابط:
tak.la/96kn7gn