لا تعني هذه العبارة فقط أننا سوف نغفر في المستقبل، أو نغفر للمسيئين والمذنبين إلينا في الوقت الحاضر. بل تعني أيضًا إننا قد غفرنا فعلًا لمن أذنبوا إلينا، وذلك قبل أن نتقدم إلى الصلاة.
إن العبارة كما وردت في النص اليوناني من الممكن أن تعطي معنى "كما غفرنا نحن للمذنبين إلينا".
ولذلك فبعد انتهاء نص الصلاة الربانية قال السيد المسيح لتلاميذه: "إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي. وإن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم" (مت6: 14، 15).. إن شرط مغفرة الآب لنا، هو أن نغفر نحن لمن أساء إلينا وذلك قبل أن نطلب المغفرة.
يُحكَى عن القديس الأنبا إبرام أسقف الفيوم أن فريقين متخاصمين قد أتيا ليحتكما إليه. وبعد مناقشات طويلة لم يتمكن من مصالحتهم بأية حال. فاقترح عليهم أن يقفوا للصلاة. وعند تلاوة الصلاة الربانية قالها القديس بصوت مسموع. وعندما وصل إلى عبارة "واغفر لنا ذنوبنا.."، قال: "ولا تغفر لنا ذنوبنا، كما لا نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا". فاستوقفه أحد المشتركون في الصلاة ليصحح له القول حسب نص الصلاة الأصلي. فرد القديس وقال: (يا أبنائي إننا يجب أن لا نكذب على الرب في صلواتنا ونطلب المغفرة قائلين: "كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا" ونحن في الحقيقة لم نغفر.. بل ينبغي أن نقول الصدق لكي لا نخدع أنفسنا ونتصور أن الرب قد قبل صلاتنا).
وقد أوضح القديس بهذا أنه أراد أن يوبخهم على قساوة قلوبهم.
وهنا ندم المتخاصمون وطلبوا من الأسقف القديس الحِل والبركة والسماح، إذ قبلوا أن يتصالحوا جميعًا. وهنا ردد معهم القديس الصلاة الربانية بحسب نصها الصحيح..
إن السيد المسيح يريدنا أن نتشبه بأبيه السمائي في صفحه وغفرانه للتائبين الحقيقيين، مهما كانت جسامة خطاياهم.
فكما نرتاح نحن لمغفرة الآب لنا، هكذا ينبغي أن نريح الآخرين بمغفرتنا لهم.
وإن كان الرب قد قال: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم" (مت7: 12) فإن هذا بالحري ينطبق على أن كل ما نريد أن يفعله الله معنا ينبغي أن نفعله نحن مع الآخرين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وذلك لأن مديونيتنا نحن لله في خطايانا هي أبلغ بكثير من مديونية الآخرين لنا في إساءاتهم.
وقد شرح السيد المسيح مثل العبد الذي لم يترك الدين لأخيه بعد أن ترك له سيده الدين الذي عليه. وقال إن سيده حينما علم بذلك، أمر بإلقائه في السجن إيفاءً لما عليه..
ولكننا ينبغي في مسألة المغفرة أن لا نفرط في حقوق الرب، أو أن نستهين بالمقدسات. فالذي يسلك بأسلوب غير تائب، أو يكون عثرة للآخرين، ينبغي أن تحرس الكنيسة القطيع منه لئلا يكون سببًا في هلاك غيره.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/forgive.html
تقصير الرابط:
tak.la/9byg7qs