كان الوالي في اليهودية معتادًا أن يطلق للجميع أسيرًا واحدًا. ويقوم الجمع بتحديد هذا الأسير الذي يطلق سراحه. وكان لهم حينئذ أسير مشهور يسمى. "وكان المسمى باراباس موثقًا مع رفقائه في الفتنة. الذين في الفتنة فعلوا قتلًا" (مر15: 7).
كان رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب وكل جمهورهم.. مجتمعين أمام دار الولاية "ففيما هم مجتمعون قال لهم بيلاطس: من تريدون أن أطلق لكم. باراباس أم يسوع الذي يدعى المسيح؟" (مت27: 17).
"ولكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرّضوا الجموع على أن يطلبوا باراباس ويهلكوا يسوع. فأجاب الوالي وقال لهم: مَن مِن الاثنين تريدون أن أطلق لكم؟ فقالوا: باراباس. قال لهم بيلاطس: فماذا أفعل بيسوع الذي يدعى المسيح. قال له الجميع: ليصلب" (مت27: 20-22).
هكذا اختارت الأمة الجاحدة رجل قاتل ليطلق حرًا وأسلمت عريسها البار إلى قضاء الموت. وهذا ما تفعله كل نفس تختار الخطية وترفض البر الذي في المسيح.
هذا هو حال البشرية التي لم تعرف ما هو لسلامها، ولم تدرك محبة الله لها.. اختارت طاعة الشيطان ودخلت في شركة معه بينما رفضت الوصية المقدسة وخسرت شركتها مع الله.
ولكن السيد المسيح جاء ليشفي عصياننا وليدفع ثمن خطايانا، موفيًا العدل الإلهي حقه، ومعلنًا محبة الله المخلصة والشافية والمحيية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد احتمل هذا كله في اتضاع عجيب مرفوضًا من خاصته.
وقد وبّخ القديس بطرس الرسول اليهود على هذا الموقف الرديء في طلبهم صلب السيد المسيح فقال: "هذا أخذتموه مسلمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه" (أع2: 23).
كان ينبغي أن يوفي الابن المتجسد العدل الإلهي حقه. وقد تم ذلك بأيدي البشر الخطاة، لكي تظهر بشاعة خطية الإنسان الموجهة ضد الله وضد الإنسان نفسه، بآنٍ واحد، لأن الذي وجهت إليه سهام الكراهية والشر هو الله الظاهر في الجسد كلمة الله المتأنس.
والموقف بكامله أمام الوالي الحاكم الروماني يحمل في طياته رمزًا عجيبًا - بالرغم من عدم التطابق في جميع الوجوه.
الحاكم الروماني يرمز إلى القضاء الإلهي. وباراباس يرمز إلى الإنسان الخاطئ. ويسوع هو المخلّص.
فلو أطلق يسوع حرًا لأسلم باراباس إلى قضاء الموت عقابًا على خطاياه. ولو مات يسوع مصلوبًا، لأمكن لباراباس أن يحيا. ويكون يسوع قد مات عوضًا عنه..
وكان التدبير الإلهي أن يموت يسوع عوضًا عن البشرية لينقذها من الموت والهلاك الأبدي..
وبالفعل أسلم يسوع بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق إلى قضاء الموت ليكشف بشاعة الخطية ويحرر البشر من سلطانها بالتوبة والإيمان باسمه.
وأطلق باراباس حرًا لينظر يسوع معلقًا بدلًا منه فوق الإقرانيون kranion. ولسان حاله يناجي السيد المسيح ويقول:
أنت لم تنصت إلى الحية بل أخطأت أمي وأصغت لنداها
أنت لم تقطف من الشجرة بل قطفت أمي حرامًا من جناها
فلماذا أنت مصلوب هنا؟ وأنا الخاطئ حر أتباهى
حكمة يا رب لا أدركها وحنان قد تسامى وتناهى
(من الشعر الروحي لقداسة البابا شنودة الثالث)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/barabas.html
تقصير الرابط:
tak.la/v3h4tyv