يتساءل بولس الرسول هل إبراهيم تبرر بناموس الأعمال أم بناموس الإيمان؟ ويجيب إنه تبرر بالإيمان. هكذا يقول: "بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ" (رو3: 27، 28). وربما يبدو هذا الكلام في ظاهره أنه عكس ما قاله يعقوب الرسول..
لكن عندما تكلم بولس الرسول عن ناموس الأعمال، كان يقصد أعمال الناموس التي هي تقديم الذبائح الحيوانية والشرائع الرمزية المتعددة والختان، وكل هذه الأمور التي يمكن أن يظن الإنسان أنه بواسطتها سوف ينال الخلاص، وأن البشرية من الممكن أن تستغنى بها عن ذبيحة الصليب.. هذه الأعمال تعطل الإيمان.
لكن عندما قدم إبراهيم ابنه ذبيحة كان يؤمن أن الله قادرٌ أن يقيمه من الأموات. إذن كان هذا عملًا من أعمال الإيمان؛ أي الأعمال التي هي وليدة الإيمان بذبيحة الصليب نفسها. وهذا يؤكِّد صدق إيمانه الذي بسببه حسب له إيمانه برًا "فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا". هذه الأعمال تكمل الإيمان كما قال يعقوب الرسول.. فليس هناك تناقض بين الآيات.
كان إبراهيم مؤمنًا أن الله سوف يقيم إسحاق مرة أخرى حيًا.. حتى وإن كان سيذبحه ويحرقه ويصير رمادًا على المذبح، لكنه سوف يرجع إسحاق حيًا كقول معلمنا بولس الرسول: "بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ. الَّذِي قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضًا.." (عب11: 17-19).
فالذي آمن بالقادر أن يقيم من الأموات إذ قد آمن بموت المسيح وقيامته، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وإذ آمن بهذا حُسب له برًا، ولم يحسب له فقط بل لنا نحن أيضًا نحن الذين نؤمن بموت المسيح وقيامته.. مثلما قال بولس الرسول في رسالة رومية "لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا" (رو4: 3). "لِذَلِكَ أَيْضًا حُسِبَ لَهُ بِرًّا. وَلَكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ. بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا" (رو4: 22-25).
لقد نزل إبراهيم من جبل المُرِيَّا، نزل شخصية جديدة بمفهوم جديد، ولم يعد إسحاق بالنسبة له موضوع انشغال شخصي، ولكن أصبح إسحاق بالنسبة له هو رمز لمعنى كبير جدًا. فهمه هناك على أحد جبال أرض المُرِيَّا، بقرب الموضع الذي قرَّب فيه ابن الله نفسه ذبيحة عن خلاص العالم.
ونحن أيضًا لابد أن تكون لنا مع السيد المسيح خبرات خاصة، ويجب أن لا نقف عند حد معين بل تمتلئ حياتنا من الإعلانات الإلهية على مثال إبراهيم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/abraham/does.html
تقصير الرابط:
tak.la/tj9hggc