ليس لأن قايين لا يستحق قصاصًا، ولكن لكي يعلن الله مقدار طول أناته وانتظاره لرجوع الخاطئ. ولكن قايين أصبح يمثل الحياة المنفصلة تمامًا عن الله، لذلك بدأ يبنى مدنًا في الأرض حيث إنه باع الأبدية نهائيًا، إذ كان أولاد الله في ذلك الوقت يسكنون الخيام. وكان قايين هو أول من بني المدن مثل مدينة "حَنُوك" (تك4: 17) وصنع حضارة عظيمة جدًا هو ونسله.
وغالبًا مات قايين مقتولًا بواسطة أحد أحفاده وهو لامك الذي كان ضعيف البصر، فبالرغم من العلامة إلا أنه قتل قايين بطريق الخطأ "وَقَالَ لاَمَكُ لإمْرَأَتَيْهِ عَادَةَ وَصِلَّةَ: "اسْمَعَا قَوْلِي يَا مْرَأَتَيْ لاَمَكَ وَأَصْغِيَا لِكَلاَمِي. فَإِنِّي قَتَلْتُ رَجُلًا لِجُرْحِي وَفَتىً لِشَدْخِي. إِنَّهُ يُنْتَقَمُ لِقَايِينَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ وَأَمَّا لِلاَمَكَ فَسَبْعَةً وَسَبْعِينَ" (تك4: 23، 24).
وكما نقرأ في سفر التكوين (تك4) إن من أولاده مَن كان يعمل الآلات النحاس والحديد، ومن يضرب على الآلات الموسيقية، بعد أن بنيت المدن العظيمة؛ لقد صنع قايين حضارة ضخمة لأن كل آماله انحصرت في الحياة الزمنية على الأرض، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ولأنه أصبح في حالة انفصال تام عن الله، فإن نسله كله كان شريرًا، وللأسف إن أولاد الله أي الأولاد من نسل شيث دخلوا في مخاطرة ومجازفة أنهم رأوا البهرجة والزينة والخلاعة التي للبنات من نسل قايين فاتخذوا لأنفسهم نساءً منهن "وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا" (تك6: 1، 2).
واختلط نسل الأبرار بالنسل الفاسد الشرير. وابتدأ الشر يكثر في الأرض، وكانت حياة قايين أكبر دليل على أنه لا يمكن أن يكون مقبولًا أن يَسمَح الله للخاطئ بأن يحيا إلى الأبد في خطيته، ويكفى هذا سببًا لكي يترك الله قايين حيًا عددًا من السنين. ليس فقط إنه أعطاه فرصة للتوبة، ولكن في الجانب المقابل صار واضحًا لكل الخليقة من الملائكة ورؤساء الملائكة ومن البشر الأرضيين أنه لا يمكن أن يُسمَح ببقاء الخاطئ حيًا إلى الأبد ولابد أن يمحى الشر. ولذلك "َرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: "أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ. وَأَمَّا نُوحٌ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ" (تك6: 5-8). تأسف الله في قلبه أنه خلق هؤلاء الأشرار.
إن هلاك الجنس البشرى في ذلك الوقت ونجاة نوح وأولاده؛ كان رمزًا لانتهاء العالم وهلاك الأشرار والدينونة الأبدية، تمامًا مثلما كان مقتل هابيل بيد أخيه قايين رمزًا لمقتل السيد المسيح بيد إخوته من اليهود حينما أسلموه لقضاء الموت و"َصَرَخُوا: اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!" (لو23: 21). "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا" (مت27: 25).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/abel/sign.html
تقصير الرابط:
tak.la/c8hzds8