في مثل هذه الأيام من كل عام يحلو الحديث عن خدمة الصيف لأنها قضية مطروحة، هي قضية روحية في أعماقها كما أنها إجتماعيه أيضًا، وهي كنسية بقدر ما هي انسانية أيضًا.
+ هي روحية لأن وقت الفراغ مفسدة للشباب، إذ فيه يكثر الحروب الروحية، ويحتاج الشباب إلى حضانة قوية ورعاية مستمرة حتى يقطع رحلة الصيف بلا عثرة.
+ وهي إجتماعية لأن الدولة عبر الأجيال الطويلة لم نتمكن من إيجاد مجالات للترويح والخدمة والأنشطة المتنوعة التي تفي باحتياجات الشبيبة.. مثل الأندية الكثيرة، والحدائق الواسعة، والمعسكرات المتسعة والهوايات وفرص العمل وزيارة الأماكن البعيدة بأرخص الأثمان.
+ وهي كنسيه لأن فرصة الأجازة الصيفية تعطى مجالًا طيبًا للدراسات المتسعة، والخدمات المكتفة وإعداد القيادات والانتظام في المؤتمرات المحلية والعامة..
+ ثم هي أخيرًا قضية إنسانية، لأن الإنسان قيمة في حد ذاته، وتركه فترة طويلة بلا عمل، وبلا تخطيط لوقت فراغه إمتهان لإنسانيته وتبديد لطاقاته الثمينة. إن خدمة الصيف إن وجدت عناية مركرة تخصب شخصيات الناشئة، كما تثري العمل الكنسي، كما تفيد الوطن فائدة مذهلة.
ولنقدم في إختصار ثلاثة توجيهات لهذه الخدمة الحيوية:
1 -
مواجهة ميول الأفراد المختلفة
2 - مواجهة حاجات الكنيسة المعاصرة
3 - مواجهة ظروف العصر
ليس كل الأفراد ميالون إلى قضاء أوقات الصيف كلها في النشاط الروحي الخالص مثل اجنماعات الصلاة، وحلقات درس الكتاب، وحفظ الألحان والتسبحة، وخدمة التريبة الكنسية وحضور المؤتمرات الروحية الممتدة إلى أيام كثيرة.
ولكن هناك من يحبون أن يقتربوا إلى الكنيسة من خلال أنشطة أخرى قريبة مثل فرقة الموسيقی، فرقة الكورال، جماعات وسائل الإيضاح، لجان الرحلات والحفلات والمعسكرات، جماعات خدمة البيئة: جماعة الفنون والأعمال اليدوية.. ليس ثمة ثنائية وتضارب بين هذه الحالات وتلك، وإنما هناك نوع من التكامل والتنوع.. فالخدمة الإجتماعية ليست بعيدة عن إختصاص الكنيسة، بل هي من صميمها..
إنما الثنائية في الخادم نفسه، والمشرف ذاته. فهناك خادم روحي يصبغ كل المجالات بطابع روحي، وهناك مشرف جسدي يفسد الأجواء حتى الروحية منها. يقول ذهبي الفم: من هو ليس روحاني في جسدياته جسدي في روحياته.
منذ فترة بعيدة لم تكن الكنيسة في حاجة إلا إلى الكاهن والواعظ، أما اليوم فقد تنوعت مسئوليات الكنيسة وإزدادت أعباءها، فهي تحتاج اليوم إلى الكاهن، والشماس المكرس، والأخت المكرسة والأخصائية للخدمة الإجتماعية، وأمينة مركز الوسائل التعليمية، ومشرف للطباعة والإعلان والتوزيع، كما تحتاج أيضا إلى الدياكونية الريفية والأخصائيين في ترجمة الكتب النافعة من اللغات الحديثة إلى العربية ومن العربية إلى لغات المهجر.. وهكذا. مثل هذه المجالات الجديدة تحتاج إلى إعداد قيادات على مستوى الصف الأول والثاني على الأقل حتى يستمر العمل ولا ينقطع لغياب أحد المسئولين..
إن فترة الصيف فرصة كنسية لإعداد هؤلاء القادة سواء كانت الإمكانيات المحلية أو بالخبرات الخارجية وهنا تبرز أهمية التعاون الوثيق بين الإيبارشيات وخاصة المتقاربة، فإيبارشية تبعث بجماعة للتدريب على أعمال المشغل الناجح في إيبارشية مجاورة بينما ايبارشية أخرى ترسل من يعد ويدرب استخدام الوسائل التعليمية في إيبارشية أخرى أو في المركز الرئيسي بالبطريركية، وهنا يلزمنا:
(1) إكتشاف من يصلح لقيادة الأعمال والخدمات والأنشطة المتنوعة وفقا للمواهب والمهارات والميول.
(2) تهيئة الفرص لحسن اعدادهم على أحدث الطرق.
(3) متابعة هؤلاء الأفراد حتى يستمروا وينجحوا ويتجاوزوا العقبات.
(4) تكليف هؤلاء بإعداد مساعدين لهم يحملوا المشعل من بعدهم وليكون كل عمل بروح الجماعة وليس بروح إنفرادية وإنعزالية.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كنا تحدثنا في إختصار عن العامل السيكولوجي، والجانب الكنسي، لا بُد أن نلمس الجانب الاجتماعي والاقتصادی , فمما لا شك فيه أن ظروف الحياة قد أصبحت صعبة للغاية، وأضحى كل شاب وشابة مسئولًا
على أن يعمل ليربح ويقتصد ما بريحه لإعانة الأسرة ومقابلة الأعباء المادية المتزايدة.
وقد رأينا مئات الشباب يهرعون إلى البلاد الأوروبية يقضون فترة الصيف يكدون ویكدحون كی يعودوا بمبلغ يعينهم ويعين أسرتهم وأقاربهم. وعلى ذلك فمسئولية الكنيسة تنحصر فيما يلي:
(1) رعاية هذه الجماعات والعمل على ربطها بكنائس المهجر ومراسلاتها والإطمئنان على سلامتها روحيًا واجتماعياَ.
(3) إيجاد مكتب للإتصالات بالمهجر لخدمة الراغبين في لسفر وتوجيههم إلى أفضل الطرق للعمل الشريف.
(3) إيجاد مجالات التربية المهنية وبالأخص في الجمعيات والقاعات الملحقة للتدرب على أعمال تدر ربحًا وفيرًا وتستغل أوقات الفراغ وتقابل حاجات الأفراد وميولهم المهنية والجسمية والإجتماعية..
ثمة كلمة أخيرة هي أنه بقدر ما تصبح كنائستا كخلايا النحل في خدمة الصيف كلها حيوية وكلها نشاط يلزمنا أن نحرص على هدوئنا وسلامنا وخلاص أنفسنا وخلو مجتمعاتنا من الصراعات والخلافات والإنقسامات وتضارب الإتجاهات.
هوذا الرب يحدثنا بصوته المبارك: "أرفعوا أعينكم وأنظروا الحقول إنها قد أبيضت للحصاد" (يو 4: 30)..، "الحصاد كثير ولك الفعلة قليلون. فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده" (مت 9: 37 - 38؛ لو 10: 2)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/youth-service/summer.html
تقصير الرابط:
tak.la/9vhdhj6