في الكتاب المقدس دستور إيماننا الوحيد من الآيات البينات ما يثبت الرهبنة ويدعم أصولها، وإليك قبسًا منها:
أولًا: عندما تقدم الفريسيون إلى السيد المسيح ليحربوه قائلين: ‹‹هل يحل للرجل أن يطلق إمرأته لكل سبب؟›› أبان له المجد: ‹‹أن من طلق إمرأته إلا لسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى والذي يتزوج بمطلقة يزنى، قال له تلاميذه إن كان هكذا أمر الرجل مع إمرأته فلا يوافق أن يتزوج، فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطى لهم، لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات، ومن استطاع أن يقبل فليقبل!›› (مت 19: 9-12).
وعندما قال بطرس لمعلمه له المجد: ‹‹ها نحن تركنا كل شىء وتبعناك›› أجاب يسوع وقال الحق الحق أقول لكم، ليس أحد ترك بيتًا أو أخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًا أو إمرأة أو أولادًا أو حقولًا لأجلى ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتًا وإخوة وأخوات وأمهات وأولادًا وحقولًا مع اضطهادات وفي الدهر الآتى الحياة الأبدية›› (مر 10: 28 - 30).
وإذ تقدم الصدوقيون إلى السيد بأحبولتهم قائلين: ‹‹عندنا سبعة إخوة وتزوج الأول ومات وإذ لم يكن له نسل ترك إمرأته لأخيه وكذلك الثاني والثالث إلى السبعة وآخر الكل كانت المرأة أيضًا ففى القيامة لمن من السبعة تكون زوجة؟ ›› أجاب يسوع وقال لهم: ‹‹تضلون إذ تعرفون الكتب ولا قوة الله لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء!! ›› (مت 22: 19و30).
أو ليس في هذه النصوص الإلهية ما يثبت أن الرهبانية قد شيدت على أساس متين من الكتاب المقدس الثمين؟!
ثانيًا: يدرك الجميع أن القديس بولس رسول الجهاد (السيرة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت) هو الذي أطنب في شرح سر الزواج شرحًا وافيًا إذ قال فيه: ‹‹ليكن الزواج مكرمًا عند كل أحد المضجع غير نجس›› (عب 13: 4) وشبهه بإتحاد المسيح بالكنيسة وقال ‹‹هذا السر عظيم ولكن أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة›› (أف 5: 32).
وقد عاد الرسول بعينه وفضل البتولية عن الزواج!. حيث قال بإيضاح: ‹‹لأنى أريد أن يكون جميع الناس كما أنا لكن كل واحد له موهبته الخاصة من الله الواحد هكذا والآخر هكذا ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل أنه حسن لهم أذا لبثوا كما أنا ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق، وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكن أعطى رأيًا كمن رحمه الرب أن يكون أمينًا فأظن أن هذا حسن لسبب الضيق الحاضر أنه حسن للإنسان أن يكون هكذا أنت مرتبط بإمرأة فلا تطلب الإنفصال أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة، لكنك وإن تزوجت لم تخطىء، وإن تزوجت العذراء لم تخطىء، ولكن مثل هؤلاء يكون لهم ضيق في الجسد، أما أنا فإنى أشفق عليكم فأقول هذا أيها الأخوة، الوقت منذ الآن مقصر لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم والذين يبكون كأنهم لا يبكون والذين يفرحون كأنهم لا يفرحون والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه لأن هيئة هذا العالم تزول فأريد أن تكونوا بلا هم غير المتزوج يهتم فيما للرب كيف يرضى الرب وأما المتزوج فيهتم فيما للعالم كيف يرضى إمرأته، إن بين الزوجة والعذراء فرقًا، غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة جسدًا وروحًا وأما المتزوجة فتهتم فيما للعالم كيف ترضى رجلها... إذن، من زوج فحسنًا يفعل ومن لا يزوج يفعل أحسن!!›› (1كو 7: 7 – 39).
ثالثًا: وفوق هذا سرد لنا الكتاب المقدس حياة طائفة من البتوليين ووصفهم بما يستحقون جزاء طهارتهم، وليس ثمة سبب لذلك إلا لنهتدى بهم ونقتفي أثر خطواتهم نحن الذين إنتهت إلينا أواخر الدهور والأيام... فإيليا النبى البتول الذي عاله الرب عند نهر كريت الذي هو قبال الأردن ‹‹إذ كانت الغربان تأتى إليه بخبز ولحم صباحًا وبخبز ولحم مساء وكان يشرب من النهر›› (1مل 17: 6) وصفه الوحى بقوله: ‹‹وقام إيليا النبى كالنار وتوقد كلامه كالمشعل بعث عليهم الجوع وبغيرته ردهم نفرًا قليلًا، أغلق السماء بكلام الرب وأنزل منها نارًا ثلاث مرات، ما أعظم مجدك يا إيليا بعجائبك ومن له فخر كفخرك، أنت الذي أقمت ميتًا من الموت ومن الجحيم بكلام العلي واهبطت الملوك إلى الهلاك والمفتخرين من أسرتهم وسمعت في سيناء القضاء وفي حوريب أحكام الإنتقام ومسحت ملوكًا للنقمة وأنبياء خلائف وخطفت في عاصفة من النار في مركبة خيل نارية... طوبى لمن عاينك ولمن حاز فخر مصافاتك، إنا نحيا هذه الحياة وبعد الموت لا يكون لنا مثل هذا الاسم وتوارى إيليا في العاصفة فإمتلأ اليشاع من روحه›› (سى 48: 1 – 13)
ودانيال النبى قيل عنه: ‹‹يوجد في مملكتك رجل فيه روح الآلهة القدوسين وفي أيام أبيك وجدت فيه نيرة وحكمة كحكمة الآلهة›› (دا 5: 11) وقيل أيضًا: ‹‹وإذ كانت سوسنة تنساق إلى الموت نبه الله روحًا مقدسًا لشاب حدث، إسمه دانيال وعظم دانيال عند الشعب من ذلك اليوم فيما بعد›› (دا 13: 45 و46).
ويوحنا المعمدان، يقول عنه السيد المسيح: ‹‹ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا أقصبة تحركها الريح، لكن ماذا خرجتم لتنظروا إنسانًا لابسًا ثيابًا ناعمة، هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك، لكن ماذا خرجتم لتنظروا، أنبياء، نعم أقول لكم وأفضل من نبى، فإن هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكى الذي يهيىء طريقك قدامك، الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان›› (مت 11: 7 – 11).
رابعًا: والكتاب المقدس لم يهمل البتوليين بل ميزهم وخصهم بمواعيد وتطويبات كثيرة وجليلة، فقال: ‹‹لا يقل الخصى هأنذا شجرة يابسة، لأنه هكذا قال الرب للخصيان الذين يحفظون سبوتى ويختارون ما يسرنى ويتمسكون بعهدى، إنى أعطيهم في بيتى وفي أسوارى نصيبًا واسمًا أفضل من البنين والبنات، أعطيهم إسمًا أبديًا لا ينقطع!!›› (إش 56: 3 و5).
‹‹وطوبى للخصى الذي لم تباشر يده مأثمًا، ولا أفتكر قلبه بشر على الرب فإنه سيعطى نعمة سامية لا مائته وحظًا شهيًا في هيكل الرب... إن البتولية مع الفضيلة أجمل فأن معها ذاكرًا خالدًا لأنها تبقى معلومة عند الله والناس، إذا حضرت يقتدى بها، وإذا غابت يشتاق إليها، ومدى الدهور تفتخر بإكليل الظفر بعد إنتصارها في ساحة المعارك الطاهرة››.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/amir-nasr/monasticism/proofs-biblical.html
تقصير الرابط:
tak.la/jw5h5h6