(21) انظروا إذن من الآن فصاعدًا أتحدث بكل أمان من خلال ما فهمتموه بالفعل. أنا ألقن درسًا ليس مجهولاً، لكني أوصل لكم فقط بالتلخيص ما قبلتموه بالفعل. الآن من بين هذه الأمور، شيء واحد تم تسميته والتعبير عنه. ”الذاكرة“ هو اسم لواحد مِن هذه الثلاثة، لكن الثلاثة كلهم يلتقون في إنتاج اسم هذا الشيء الواحد من الثلاثة.
كلمة ”الذاكرة“ وحدها لا يمكن التعبير عنها،
إلا بعمل الإرادة والفهم والذاكرة.
وكلمة ”الفهم“ بمفردها لا يمكن التعبير عنها،
إلا بعمل الذاكرة والإرادة والفهم.
وكلمة ”الإرادة“ وحدها لا يمكن التعبير عنها،
إلا بعمل الذاكرة والفهم والإرادة.
وبالتالي ما وعدت به صار مشروحًا، أي أن ما لفظته منفصلاً أدركته بلا انفصال. الثلاثة معًا قد أنتجوا كل واحدة منهم، لكن هذا الشيء الواحد الذي أنتجه الثلاثة لا يشير إلى الثلاثة بل إلى شيء واحد.
الثلاثة معًا انتجوا كلمة ”الذاكرة“،
لكن هذه الكلمة لا تشير إلا إلى الذاكرة فقط.
الثلاثة معًا انتجوا كلمة ”الفهم“،
لكنها لا تشير إلا إلى الفهم فقط.
الثلاثة معًا انتجوا كلمة ”الإرادة“،
لكنها لا تشير إلا إلى الإرادة فقط.
هكذا الثالوث تلاقى في تشكيل جسد المسيح،
لكنه لا يختص إلا بالمسيح فقط.
كذلك الثالوث تلاقى في تشكيل الحمامة النازلة من السماء،
لكنها لا تخص إلا الروح القدس فقط.
وكذلك الثالوث شكل الصوت الذي من السماء،
لكن الصوت لا يخص إلا الآب فقط.
(22) إذن لا يقول أحد لي، ولا أحد يحاول باتهامات تافهة غير عادلة أن يضغط على ضعفي، قائلاً: ”أي هذه الثلاثة، الذين بيَّنت أنهم في ذهننا أو أنفسنا، أيهم يقابل الآب، أو يشبه الآب، وأيهم يقابل الابن، وأيهم يقابل الروح القدس؟ لا أستطيع أن أقول، ولا أقدر أن أشرح هذا. دعنا نترك بعض الشيء إلى التأمل والصمت. ادخلوا إلى ذواتكم. افصلوا ذواتكم عن كل صخب. افحصوا داخل نفوسكم الداخلية، لتروا هل يوجد فيها مكان للراحة الحلوة للضمير حيث لا يوجد ضوضاء، ولا مشاحنات، ولا مجاهدة، ولا مجادلات، حيث لا يوجد فكر عن الشقاقات ولا النزاع العنيد. كونوا ودعاء لتسمعوا الكلمة، لكيما تفهموا. ربما عليكم أن تقولوا سريعًا: ”تُسمعني بهجة وسرورًا، فتبتهج العظام“ (مز 51: 10)[س]، العظام التي تواضعت وليس العظام التي تكبرت.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
(23) ومِن ثم يكفي أنني بيَّنت أن هناك بعض الأمور التي تظهر بشكل منفصل، إلا أن فعلها غير قابل للانفصال. إذا اكتشفت هذا في ذاتك، وإذا اكتشفت هذا في الإنسان، وإذا اكتشفت هذا في كائن يسير على الأرض ويحمل جسد ضعيف ”يُثَقِّلُ النَّفْسَ“ (حك 9: 15)، فلتؤمن أن الآب والابن والروح القدس يمكن أن يظهروا منفصلين، برموز مرئية معينة، بأشكال معينة مستقاة من المخلوقات، ومع ذلك لا يزال عملهم غير قابل للانفصال.
هذا يكفي، لا أقول إن ”الذاكرة“ هي الآب، و”الفهم“ هو الابن، و”الإرادة“ هي الروح القدس. لا أقول هذا. ليفهم الناس هذا كما يشاءون. لكني لا أجرؤ على قول هذا. دعنا نحتفظ بالحقائق الأعظم لمن هم قادرون عليها. لكن بقدر ضعفي، أوصل للضعفاء فقط ما هو في حدود قدراتنا. لا أقول إن هذه الأشياء يجب أن تتساوي بأي شكل مع الثالوث القدوس، أي تتطابق مع التشبيه، أو بنوع من التطابق الكامل في المقارنة. هذا ما لا أقوله. لكن ماذا أقول؟ انظروا. لقد اكتشفت هذه الأشياء الثلاثة، والتي تظهر منفصلة، ولكن عملهم غير قابل للانفصال. وينتج كل اسم من هذه الأمور الثلاثة بواسطة الثلاثة معًا، لكن هذا الاسم لا ينتمي للثلاثة، بل يخص أحد الثلاثة فقط.
فلتؤمنوا إذن بالثالوث، الذي لا تستطيعون معاينته إذا كنتم قد سمعتم ورأيتم واحتفظتم به في ذواتكم. لأن ما في ذواتكم يمكنكم معرفته، لكن ما في الذي صنعكم، أيًا كان هو، فكيف يمكنكم معرفته؟ ومهما بلغت قدرتكم، فأنتم لا تزالون غير قادرين بعد. وحتى إذا صرتم قادرين، فهل تقدرون أن تعرفوا الله كما يعرف هو ذاته؟ فلنكتفِ إذن بهذا أيها الأحباء. قلت كل ما كان في وسعي. وقد وفيت بالوعد كما طلبتم. أمّا البقية التي يجب أن تضاف، والتي يمكن لأفهامكم أن تتقدم فيها، فهذا اطلبوه من الرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-matthew-3-13/psychological-model.html
تقصير الرابط:
tak.la/mbh3594