(20) هذا الرأي يعارضه مَن يظنون أن هذه الرابطة المشتركة التي ندعوها ”الألوهة“، ”المحبة“، ”الإحسان“ ليست جوهرًا (أقنومية). إنهم يريدون أن يُمثل الروح القدس بمصطلحات الحقيقة الأقنومية، لكنهم لا يدركون أن عبارة ”الله محبة“ لا يمكن أن تقال إلا إذا كان الحب جوهرًا (أقنوم). هؤلاء المعارضون قد ضلوا بالطبع بسبب الاتصال المعتاد بالموجودات المادية. فعندما يتحد جسدان بحيث يوصفان متجاورين، فإن الاتحاد نفسه ليس جسدًا لأنه في الواقع لن يوجد الاتحاد بمجرد أن ينفصل هذان الجسمان اللذان اتحدا قبلاً. غير أننا لا نعتقد أن هذا الاتحاد قد فارق -إن جاز التعبير- وذهب إلى مكان آخر، مثلما يحدث في حالة الأجسام. الأشخاص من أمثال هؤلاء ينبغي بالأحرى أن يبذلوا أقصى ما في استطاعتهم ليحصلوا على نقاوة القلب بحيث يستطيعون أن يروا أنه في حالة جوهر الله لا شيء مثل هذا يمكن أن يكون له مكان، أعني أن يكون جوهر الله شيئًا ووصف الجوهر شيئًا مختلفًا بمعزل عن الجوهر. في المقابل كل ما يُعرف عن الله هو شيء جوهري.[46]
في الواقع إنه لأمر سهل أن نقتني هذه الحقائق المذكورة وأن نصدِّق عليها بالعقيدة، لكن معناها الداخلي يمكن فقط أن يُستوعب بالكامل بواسطة القلب النقي. لذلك سواء كان هذا الرأي الصحيح، أو شيئًا آخر، لا بُد أن نتشبث بثبات في الإيمان بأن ندعو الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس. ولا نقول إن هناك ثلاثة آلهة، بل الله الواحد، الثالوث. ولا نقول إنهم يختلفون في الطبيعة، بل بالأحرى هم من نفس الجوهر. ولا نقول إن الآب هو الابن في وقت ما، والروح القدس في وقت آخر. لكن بالأحرى الآب هو دائمًا آب، والابن هو دائمًا ابن، والروح القدس هو دائمًا الروح القدس.
يجب ألا نقول أي شيء بتسرع عن الأمور التي لا ترى، كما لو كنا ندركها، لكن نتحدث عنها كمؤمنين. لأن هذه الأمور لا يمكن أن تُرى إلا بالقلب الذي صار طاهرًا. كذلك فالشخص الذي يرى هذه الحقائق في الحياة الحاضرة ”جزئيًا“ كما قيل ”فِي لُغْزٍ“ (1كو 13: 12) لا يمكنه أن يجعل سامعه أيضًا يراها إذا كان هذا السامع معاقًا بنجاسة القلب. لكن ”طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ“ (مت 5: 8). هذا هو الإيمان الذي نعترف به من جهة الله خالقنا ومخلصنا.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
(21) لكن وصية المحبة قد فرضت علينا ليس فقط بمن جهة الله في العبارة ”تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ“ (مت 22: 37)، بل أيضا من جهة القريب، لذلك يضيف: ”وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ“ (لو 10: 27). وبالتالي إذا لم يتضمن هذا الإيمان جموع ومجتمع البشر الذي تعمل فيه المحبة الأخوية، فإنه لا يحمل ثمرًا كثيرًا.
_____
[46] هنا نفي لوجود أعراض accidents في الله. (المترجم)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/adel-zekri/augustine-faith/holy-spirit-hypostasis.html
تقصير الرابط:
tak.la/hhjha7v