* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى فليمون: |
أُنِسِيمُس العَبدَ الهاربُ
رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى فِلِيمُونَ
Η ΕΠΙΣΤΟΛΗ ΠΡΟΣ ΦΙΛΗΜΟΝΑ
← في بداية الكتاب المطبوع هناك مقدمة عن القديس بولس الرسول.
فحوى الرسالة: مقدمة، وموضوع، وخاتمة.
شخصيات الرسالة: 1- فِلِيمُون السيد الثري / 2- أُنِسِيمُسَ العبد الهارب / 3- مار بولس الرسول
رِسَالَةُ الْقِدِّيسِ بُولُسَ الرَّسُول إلى تلميذه القديس فِلِيمُونَ
هي أصغر رَسَائل الْقِدِّيسِ بُولُسَ الرَّسُولِ.
هي إصحاح واحد به خمسة وعشرون عددًا.
تفيض بمشاعر الحب وتُظهر السلوك الروحي المسيحي والحكمة الأبوية.
بها مهدت المسيحية لإلغاء العبودية، لا بثورة تراق فيها الدماء، بل بتليين القلوب، وإنارة العقول، وتهذيب الأخلاق. صار العبد ابنا لبولس (فل10) وصار نظيره (فل17) " لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ... لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (غَلاَطِيَّةَ 3: 28)، (كُولُوسِي3: 11)، الله صنع من دم واحد كل أمة (أع17: 6).
هي الرسالة الخاصة الوحيدة الباقية.
· نحن الآن في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، وعلى وجه التحديد سنة 62 أو63 للميلاد.
في داخل سجن روما المُحكم، حيث كتب القديس مار بُولُس الرسول رسائله الثلاثة إلى أفسس[7] وكولوسي[8] وفِلِيمُونَ أثناء أسره الأول[9] في روما، وكتبها في زمن متقارب: (ع1، 19)، (كو4: 7 ، 9)، (أف6: 21: 22) ولذلك سُميت هذه الرسائل فيما بعد برسائل الأَسْر، وقد أشار إلى أسره في هذه الرسالة في: (فل1، 9، 10، 23).
· وقُبيل إطلاقه من هذا الأَسْر (فل22) جلس مار بُولُسُ مُحدقًا بعينيه نحو السماء، شاخصًا بروحه إلى سماء السماوات وبكلماتٍ رصينة وصوتٍ خفيض أخذ يُملي رسالته العذبة إِلَى فِلِيمُونَ على أُنِسِيمُسَ، إلا عبارة واحدة كان مار بُولُسُ قد أخذ القلم من يد ابنه أُنِسِيمُسَ ليُسجلها بخطه لتكون صكًا عليه " أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي. أَنَا أُوفِي" (فل19).
· وبجوار مار بولس الرسول، وأُنِسِيمُسَ العبد الهارب، جلس أبفراس المأسور في المسيح مع مار بولس يستمع إلى كلمات الروح القدس الخارجة من فمه يستمتع بها، كأول من يطَلع على فحوى الرسالة التي يضمها الآن العهد الجديد كتاب الله.
· هدف الرسالة: يشفع القديس بولس في أنسيمس لكي يقبله فليمون لا كعبد بل أخا محبوبا، ولكي يعفو باختياره عنه، ويقوم الرسول بتسديد ما على أنسيمس من دَيْن.
· أوحَى الروح القدس بالرِسَالَة إِلَى فِلِيمُونَ، وأملاها مار بُولُس الرَّسُول بلغته وأسلوبه، ولكن الروح أيضًا أمسك بعقله ليرشده ويُذَكره ويعصمه من الخطأ فيما يُملي أو يكتُب، وسجلها خط أُنِسِيمُسَ العبد التائب، حقًا إننا شركاء الروح القدس (عب4:6) شُركاء الطبيعة الإلهية (أي الله) (2بط4:1)، حتى في تسجيل الوحي، إنها عبارة يجب أن نحفظها، إن الله من محبته منذ خلق آدم لم يعمل شيئًا يخص الإنسان إلا وأشرك فيه الإنسان، في الخلقة، في الفداء في الخلاص، في كل عملٍ صالح.
· ثم حمل تِيخِيكُسُ وأُنِسِيمُس هذه الرسالة مع رسالتي أفسس وَكولوسي[10] ليوصلا كل رسالة إلى أصحابها.
· كان فليمون الذي أُرسلت إليه هذه الرسالة موجودًا في كولوسي القريبة من أفسس بحيث أن تيخيكُس وأُنِسِيمُسَ وهما قادمان من روما إلى كولوسي كان لابد لهما أن يمرا بأفسس.
· يُظهر قيمة الفرد أمام الله، فمن أجل عبدٍ كُتبت الرِسَالَةُ التي وجدت مكانها بين دفتي الوحي الإلهي وصارت سفرًا في الكتاب المقدس.
· وأُنِسِيمُس العبد الذي لا يقدر أن يفي الدين يمثل الإنسانية العاجزة أن تفي دينها. ومار بولس إذ حمل دين العبد قائلًا "أَنَا بولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي، أَنَا أُوفِي." يمثل المسيح الذي وفَّى الدين عنا ومار بولس وفَّى الدين بالحب كما وفاه الرب كاملًا بالحب "هكذا أحب الله العالم".
في رسائل القديس مار بُولُسَ
تشمل هذه الرِسَالَةُ الصغيرة ثلاثة عناصر: مقدمة ثلاثة أعداد، وموضوع تسعة عشر عددًا، وخاتمة ثلاثة أعداد.
المقدمة وتشمل الأعداد الثلاثة الأولى من الرِسَالَة (فل1-3) وفيها:
· يقدم الكاتب نفسه (فل1)
· يوضح لمن كُتبت الرِسَالَةُ (فل1-2)
· يقدم السلام الرسولي (فل3)
الموضوع وفيه يُظهر الرَّسُول:
· محبته لفِلِيمُونَ ومدحه إياه (فل4-7).
· طلبه العفو عن أُنِسِيمُسَ (فل8-21).
· يكلفه بتجهيز منزل له لأنه سيخرج قريبًا من الأَسْر (فل22).
الخاتمة وفيها:
· يرسل سلامًا أصدقائه إلى فليمون (فل24،23).
· يعطي سلام الله لأرواحهم (فل25).
ثلاثة أبطال وثمانِ شخصيات أخرى تلعب أدوار هذه القصة الشيقة أما الأبطال فهم: فِلِيمُون السيد، أُنِسِيمُس[11] العبد الهارب، والقديس مار بولس الرسول.
أما الشخصيات الأخرى فهي حسب ترتيب ظهورها في القصة:
تِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، أَبْفِيَّة الْمَحْبُوبَةِ، أَرْخِبُّس الْمُتَجَنِّد مَعَنَا والخادم، أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَع مار بولس، القديس مار مَرْقُسُ الرسول، أَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الطبيب الْعَامِلُونَ وسنستعرض أبطال القصة الثلاث:
1. فِلِيمُونَ السيد الثري (مُحب Φιλήμονι)
· على شاطئ نهر ليكوس بآسيا الصغرى، وداخل القصر الفخم بمدينة كولوسي نشأ وَعاش فِلِيمُونَ الرجل الثري ذو السلطان الذي يملك عبيد، واسمه نبوة عن صفاته لأن فِلِيمُونَ يعني "مُحب" باليونانية.
· هو أحد مسيحي كولوسي، أُممي، آمن بالسيد المسيح بواسطة القديس بولس الرسول (فل19)، وكتاجر روماني أتى إلى أفسس المدينة التجارية فالتقى بمار بُولُسَ وصار من بين الذين يجتمعون ليستمعوا إلى مار بُولُسَ في مدرسة تيرانس[12] بأفسس والتي كان يعظ بها لمدة سنتين[13] متصلتين خلال الفترة من 54-57 م أثناء الرحلة الثالثة (أع10:19). وقد كانت كولوسي موطنه قريبة من أفسس (أع31:20).
واسمه نبوءة عن صفاته لأن فليمون كلمة يونانية معناها (مُحب)
· وقد كان فِلِيمُون ثريًا ثراءً مُضاعفًا، يجمع بين الغِنى المادي فكان له عبيد، والغنى الروحي. وكان تقيًا له شهرة في أعمال الرحمة، مضيفًا كريمًا (فل7،5)، عاملًا بوصية مار بولس: أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ.. يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ (1تيموثاوس17:6-18)، مما شجع مار بولس أن يطلب منه أن يعد له منزلًا في بيته (فل22).
· كانت له أسرة تقية مباركة: فقد كانت أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ (فل2) أو أبيا زوجته كما يقول ذهبي الفم.
· وكان أَرْخِبُّس الْمُتَجَنِّد والشماس ابنه وقد كان من كولوسي (كو4: 17) لقبه الرسول الْمُتَجَنِّدِ معنا (فل2) ثم صار أسقفًا.
· كان في بيته كنيسة يجتمع فيها المؤمنون حول سر الافخارستيا
· كان فِلِيمُون الْمَحْبُوب سيدًا له عبيد من بينهم عبد يسمي أُنِسِيمُسَ وهذا هو الشخصية الثانية في هذه القصة وتحول بيته إلى كنيسة فأراح فليمون شعب الله إذ أعد لهم كنيسة، وأراح مار بولس الرسول فأعد له منزلًا (فل22،2) وسيم فِلِيمُون أسقفًا على كولوسي فيما بعد أي بعد كتابة الرسالة إليه.
استشهاد فليمون وَأبفية وَأرخبس:
هجم الوثنيون عليهم وعذبوهم بوضع مسامير محماة في النار في جُنوبهم وَطرحوا أرخبس في حفرة ورجموه حتى أسلم الروح، أما القديسان فليمون وَأبفية فقد عذباهما كثيرًا حتى أسلما الروح (يوم 25 أمشير).
2. أُنِسِيمُسَ Ὀνήσιμος العبد الهارب (مفيد)
· كان عبدًا وحسب قوانين الإمبراطورية الرومانية في ذلك الزمان العبد ملكٌ لسيده لا إرادة له، ولا يمتلك شيئًا؛ فالعبيد يُباعون ويُشترون في الأسواق. وكان وموطنه الأصلي كولوسي حَتَّى أن مار بولس في رسالته إلى كولوسي قال: "أُنِسِيمُسَ... الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ " (كولوسي9:4).
· كان أُنِسِيمُس[14] عبدًا لفليمون في وقتٍ كثر فيه العبيد في الإمبراطورية الرومانية حَتَّى صار عددهم نحو 60 مليونًا. وكانت روما عاصمة الإمبراطورية تكتظ بالعبيد إذ صار عددهم ثلثي السكان ويُخشَى من قيام ثورة ضد الدولة ليتحرروا، ولذلك كانت هناك محاولات إذلال دائمة لأي عبد ثائر أو هارب فيقبضون عليه ويسلمونه لسيده ويختم على جبهته بالحديد المُحمَى بالنار حرفًا يدل على ذلك فيجعل الحرس الروماني كلما التقى به في أي مكان يتحقق عما إذا كان تحت الخضوع لسيده أم لا؟ وعلى الرغم من هذا فإن أُنِسِيمُسَ كان جسورًا سرق أمتعة سيده وفر هاربًا إلى روما المدينة المزدحمة ليختفي هناك.
· في سجن روما التقى أُنِسِيمُس العبد الهارب بالقديس بُولُسَ الرَّسُولِ الذي كان هناك أثناء أسره الأول فبشره حَتَّى آمن بالسيد المسيح ثم عمده فصار عبدًا أمينًا للمسيح، واعترف أُنِسِيمُس أمام الرسول بولس بماضيه اعترافا كاملًا[15]، وانتهى الأمر بالنسبة لأُنِسِيمُسَ العبد الهارب أن صار أسقفا ثُم شهيدًا[16].
· عودة أُنِسِيمُسَ إلى فليمون سيده: كانت المسافة بين سجن روما وبيت فليمون بكولوسي طويلة نحو ألف ميل برًا وبحرًا، وَأُنِسِيمُس يحمل الرسالة، ومعه تيخيكس، وهو يفكر في لحظة اللقاء بسيده: هل سيصفح عني؟ وعندما سلم تيخيكس الرسالة ليقرأها فليمون أخذ أُنِسِيمُس يرقب سيده وهو يقرأ، وأخيرًا بادره فليمون مبتسمًا لننسَ الماضي يا أُنِسِيمُس ونبدأ من جديد، فتنفس أُنِسِيمُس الصعداء وشكر الله وعاد إلى الحياة بطريقة جديدة في بيت سيده.
ونحن نعَيِّد لاستشهاد القديس أُنِسِيمُسَ يوم 21 أمشير ونحكي قصة دفاعه عن الإيمان واحتماله الألم من أجل الله إذ قُبض عليه بعد استشهاد القديس بولس، ونفي إلى إحدى الجزر فمكث هناك يُعلم ويعمد، فضربه حاكم الجزيرة ضربًا موجعًا، حتى كسر ساقيه فتنيح بسلام، وهو يشفع في كل العبيد الذين آمنوا بالمسيح.
وهنا نأتي للبطل الأعظم في أبطال الرواية الثلاث ألا وهو:
3. القديس مار بُولُسَ الرَّسُولِ:
· كان القديس مار بُولُسَ الرَّسُولِ يناهز الستين من عمره وقد كتب الرسالة إلى فليمون في أسره الأول في روما حيث التقى بأُنِسِيمُسَ العبد الهارب والذي قُبض عليه وأودع نفس السجن وفيه آمن بالسيد المسيح بواسطة مار بُولُسَ الرَّسُولِ.
· وفي هذا السجن أيضًا كان أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعه (فِلِيمُونَ23)، واسمه يعني الجميل أو الجذاب، وهو من كُولُوسِي، وكان رفيق مار بُولُسَ أثناء كتابته الرسالة إليها (كُولُوسِي 7:1، 8)[17].
· وأملى مار بُولُس هذه الرِسَالَة على أُنِسِيمُسَ ليرسلها إِلَى فِلِيمُونَ طالبًا إليه أن يصفح عن أُنِسِيمُسَ ويقبله لاَ كَعَبْدٍ بل أَخًا مَحْبُوبًا.
· أرسل مار بُولُس رسالته مع أُنِسِيمُسَ وَتيخيكس فحملاها لفِلِيمُون.
· وصف مار بُولُس نفسه في الرِسَالَة إِلَى فِلِيمُونَ هكذا:
أ. بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (فِلِيمُونَ1).
ب. إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا (فِلِيمُونَ9).
ت. له سلطانه الرسولي حتى يقول: «وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ.» (فِلِيمُونَ8).
ث. بُولُسُ يعرف قدر نفسه فيقول لفِلِيمُونَ عن أُنِسِيمُسَ: «لاَ كَعَبْدٍ.. بَلْ أَفْضَلَ.. أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا!» (فِلِيمُونَ16).
ج. «أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي: أَنَا أُوفِي. حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا. » (فِلِيمُونَ19).
ح. «إِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِإِطَاعَتِكَ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ، عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ. وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلًا، لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ.» (فِلِيمُونَ22،21).
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
في أحد قصور كُولُوسِي كانت تقطن تلك الأسرة الثرية المباركة، التي تتكون من ثلاثة أفراد:
فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا: الذي أمن بواسطة كرازة بولس الرسول.
أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ: زوجته، وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا: ابنه الشماس. وله عبد يُدعي أُنِسِيمُسَ.
وفِلِيمُون هذا كان غنيًا في الروح والجسد معًا، فقد خصص جناحًا من قصره ليكون كنيسة يجتمع فيها المؤمنون حول سر الافخارستيا. وكان تقيًا اشتهر بأعمال الرحمة، مضيفًا للغرباء كريمًا، مما شجع الرسول بولس أن يطلب منه أن يعد له منزلًا في بيته ليستقر فيه بعد خروجه من سجن روما.
أما أُنِسِيمُس العبد إذ رأى طٍيبة سيده بعد الإيمان استغلها فسرق شيئًا من ممتلكاته وفرّ هاربًا ليختفي في روما المدينة المزدحمة، لكن الحرس الروماني كان يقظًا لهؤلاء العبيد، فقبض على العبد الهارب وألقاه في سجن روما.
وكأن يد الرب الضابط الكل تُحرك كل شيء، وتحول الكل للخير «ومن الآكل خرج أكلٌ ومن الجافي خرجت حلاوة" (قضاة14:14) ففي السجن التقى أُنِسِيمُس بمار بُولُسَ في أَسْره الأول وأَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعِه، والذي يلتقي بمار بُولُسَ يلتقي بالله الساكن فيه، فالتقى أُنِسِيمُسَ بالمسيح داخل مار بُولُسَ، وعلى لسانه سمع كلمة الكرازة فأمن واعتمد واعترف أمامه بقصته الكاملة وبخطيئته، وصار عبدًا أمينًا لا لسيده فقط بل للمسيح أيضًا. إن عدم أمانة أُنِسِيمُسَ قادته إلى سجن روما ولكن نعمة الله قادته إلى مار بُولُسَ الرَّسُولِ في السجن، فمحبة الله تغلب عدم أمانتنا، هرب أُنِسِيمُس من سيده الأرضي، فالتقى به سيد الكل، وقَبِلَ مار بُولُس أُنِسِيمُسَ العبد التائب وأملى عليه هذه الرسالة بإرشاد الروح القدس، وسجلها أُنِسِيمُس بِخَطِّه، إلا عبارة واحدة أمسك مار بُولُس بالقلم وكتبها بخطه لتكون صكًا عليه، وحمل أُنِسِيمُس وَتيخيكُس الرسالة وسلماها إلى فليمون فقبلها بفرح شديد.
كانت الرسالة إلى فِلِيمُون تحمل إليه أخبارًا سارة كما تحمل تشجيعًا فقد آمن أُنسيمُس بالمسيحية وعاد تائبًا خاضعًا لسيده معترفًا بخطيئته ووصلت أخبار فِلِيمُون وثمار محبته إلى مار بُولُسَ فاستراحت أحشاؤه فرحًا به، ولذلك سيحضر مار بُولُس ليستقر في بيت فليمون فترة، ووجود مار بُولُسَ في مكان هِبةٌ لا تقدر بثمن.
والرسالة في عذوبة أسلوبها مملوءة عاطفة وتشجيعًا واحترامًا لفليمون.
تظهر أهمية رسالة القديس بُولُسَ الرَّسُولِ إلى فِلِيمُون رغم صغرها، وهى تقدم المسيحية مُطبَّقة عمليًا في حياة المؤمنين بها فهي:
1. تُظهر اهتمام الرسول الراعي بفرد واحد مثل أُنِسِيمُسَ العبد السارق وكُتبت الرِسَالَة من أجله، وعلى الرغم أن مار بُولُسَ كان في الأَسْر إلا أنه نسي آلامه الخاصة كسجين في غمرة اهتمامه الرعوي بكل فرد في رعية المسيح، ما أروع الرسول الذي يُقدر قيمة النفس الواحدة التي من أجلها مات المسيح، لاسيما أنها نفس عبد سارق لا يهتم به أحد.
2. إنها قصة توبة تُظهر كيف حولت النعمة العبد السارق الهارب إلى أخ مسيحي تقي ظهرت ثمار توبته فحولته إلى أُسقف لمدينة أفسس، بل إلى قديس شهد عنه القديس أغناطيوس الشهيد العظيم قائلًا: "إن أُنِسِيمُسَ صار اُسقفًا لأفسس بعد نياحة أُسقفها القديس تيموثاوس" واستخدم القديس أغناطيوس طريقة مار بولس فقال إن أُنسيمُس أصبح مفيدًا[18] اسمًا وفعلًا.
3. تُبين الرسالة عظم حياة مار بُولُسَ الرَّسُول وأسلوب تعليمه فالرب يقول: "مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (مت19:5). فمار بولس قبل أن يطلب من فِلِيمُونَ أن يعطي حبًا لأُنِسِيمُسَ غمره بالحب ثم أمره في انسحاق أن يهب محبته لغيره.
4. تَظهر أهميتها في أنها الرسالة الخاصة الوحيدة من رسائل مار بولس فهي موجهة لشخص معين بسبب خاص، ليس لشرح الإيمان أو العقيدة ولا للحث على الفضيلة وإصلاح السيرة، بل إن الرسول لم يرسلها بسلطانه الرسولي بل بوصفه صديق محب يلتمس أمرًا من صديقه، ولذلك لم يبدأها بعبارة "بُولُسُ، رَّسُول يَسُوعَ الْمَسِيحِ"[19] أو "بولس المدعو رسولًا"[20] كما في باقي رسائله، إنما بدأها بـ«بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ » (فِلِيمُونَ8).
5. تعتبر الرِسَالَةُ إِلَى فِلِيمُونَ إحدى رسائل الأَسْر فمار بُولُسَ الرَّسُول أُسِير في روما مرتين وكتب أثناءهما خمس رسائل:
· في أسره الأول كتب ثلاثة: إلى أفسس، كولوسي، فليمون
· في أسره الثاني كتب رسالتين: إلى فيلبي، تلميذه تيموثاوس
6. تُظهر الرسالة اتضاع مار بولس الذي لم يكتبها بسلطانه الرسولي بل قدم نفسه: "بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" وخاطب فِلِيمُونَ على أنه "الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا" وقال "َإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا، فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي".
7. تكشف الرِسَالَة عن عمق مار بُولُس في الخدمة فلا يكتفي بالنتيجة الأولي لكرازته، كما نحن الآن. بأن يتحول أُنِسِيمُس العبد الهارب إلى تائب ولكنه يذهب إلى ما هو أعمق، إلى تفجير طاقات أُنسيمُس ومواهبه واستخدامها بصورة إيجابية وكاملة في خدمة الله ونشر ملكوته، وهكذا رسمه شماسًا كما يشهد القديس إيرونيموس كما صار نافعًا معه في الخدمة.
تُظهر هذه الرِسَالَة القصيرة في وضوح كامل موقف المسيحية من النظم الاجتماعية والسياسية القائمة، فهي ديانة روحية أبدية يمكن الحياة بموجبها تحت أي ظروف أو نُظم، فليست المسيحية دعوه اجتماعيه أو سياسية، وما أقام الرسول ثورة اجتماعية ضد نظام السادة والعبيد، وقد كان هذا ممكنًا لا سيما وقد صار عدد العبيد كافيًا جدًا لإقامة هذه الثورة، وإذا كانت الثورة تحتاج إلى قائد قوي فما من شك أن مار بولس الذي استطاع أن يكرز ويبشر ثلثي العالم في وقته دون أي مُنظمة تُعينه على ذلك كان في مقدوره أن يقود هذه الثورة بواسطة آلاف العبيد الذين يتمنون ذلك.
لكن مار بولس الذي يفهم حقيقة الحياة المسيحية يعرف أنها ليست ثورة اجتماعية تهدف إلى نُظم معينة، ولكنها قادرة فيما هي تنشر ملكوت الله في قلوب البشر أن تصل إلى نتائج عميقة وحقيقية أعظم مما تصل إليها الثورات السياسية والاجتماعية وبطريقة أعمق وأبقى.
لم يثُر مار بُولُسَ الرَّسُول على نظام العبيد والسادة، وما شجع أُنِسِيمُسَ على التمرد بل عَلَمَه أن يُقدم توبة ويعود إلى سيده، وما طلب الرسول من فليمون السيد أن يطلق سراح عبده.
ومع كل هذا فلم تكن المسيحية قط سلبية أمام تلك المشكلة، بل في إيجابية قدمت حلًا للمشكلة بطريقتها الخاصة، علمت العبد كيف يعيش كمسيحي وفيًا طائعًا لسيده، وأيقظت في قلب السيد الحب كما أشعرته بقيمة الإنسان عمومًا حَتَّى بات يعامل العبد كأخ.
وتكلم مار بولس عن أُنِسِيمُسَ العبد موجهًا كلامه لفليمون سيده:
"أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي،... الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي... لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ. فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي." (فليمون10-12، 16-17).
فكيف إذًا يعامل فليمون أُنِسِيمُسَ بعدما أوصاه مار بولس معلمه هكذا؟
فالمسيحية لا تُغير النظام الخارجي، لكنها تَنفُذ إلى ما هو أعمق فبدلًا من أن تصرف جهدها في تغيير ألقاب سادة وعبيد، تبحث كيف تغير النظرة إلى العبد وكيفية معاملته، فإن كان المعلم يقول "اقْبَلْهُ نَظِيرِي" فلتسقط إذًا المعاملات غير الإنسانية التي يعامل بها السادة عبيدهم ويعاملوهم كإخوة، ومار بولس الذي نَفذ إلى أعماق المشكلة كتب أيضًا إلى أهل كولوسي يقول للعبيد: «أَيُّهَا الْعَبِيدُ، اطِيعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ، لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ بِبَسَاطَةِ الْقَلْبِ، خَائِفِينَ الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فَعَلْتُمْ فَاعْمَلُوا مِنَ الْقَلْبِ، كَمَا لِلرَّبِّ لَيْسَ لِلنَّاسِ، عَالِمِينَ انَّكُمْ مِنَ الرَّبِّ سَتَأْخُذُونَ جَزَاءَ الْمِيرَاثِ، لأَنَّكُمْ تَخْدِمُونَ الرَّبَّ الْمَسِيحَ. وَأَمَّا الظَّالِمُ فَسَينَالُ مَا ظَلَمَ بِهِ، ولَيْسَ مُحَابَاةٌ." (كولوسي3:22-25).
وكتب لأهل أفسس «أَيُّهَا الْعَبِيدُ، أَطِيعُوا سَادَتَكُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، فِي بَسَاطَةِ قُلُوبِكُمْ كَمَا لِلْمَسِيحِ لاَ بِخِدْمَةِ الْعَيْنِ كَمَنْ يُرْضِي النَّاسَ، بَلْ كَعَبِيدِ الْمَسِيحِ، عَامِلِينَ مَشِيئَةَ اللهِ مِنَ الْقَلْبِ، خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ كَمَا لِلرَّبِّ، لَيْسَ لِلنَّاسِ. عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَيْرِ فَذَلِكَ يَنَالُهُ مِنَ الرَّبِّ، عَبْدًا كَانَ أَمْ حُرًّا " (أفسس6:5-8)
ويقول للسادة: «أَيُّهَا السَّادَةُ، قَدِّمُوا لِلْعَبِيدِ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ، عَالِمِينَ أن لَكُمْ انْتُمْ أيضًا سَيِّدًا فِي السَّمَاوَاتِ." (كولوسي 4:1)
«وَأَنْتُمْ أَيُّهَا السَّادَةُ، افْعَلُوا لَهُمْ هَذِهِ الأُمُورَ، تَارِكِينَ التَّهْدِيدَ، عَالِمِينَ أَنَّ سَيِّدَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي السَّمَاوَاتِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مُحَابَاةٌ." (أفسس9:6).
وأستمر أُنِسِيمُسَ عبدًا لفليمون وما طلب أن يحرره ولو طلب ذلك لكان متكبرًا، وأنانيًا يطلب ما لنفسه، ولكنه رجع كعبد أما فليمون فعامله كأخ محبوب ثم اشترك في الكرازة.
تشمل هذه الرسالة الخاصة والصغيرة ثلاثة عناصر:
المقدمة: السلام الرسولي (ع 1-3)
وتشمل الأعداد الثلاثة الأولى من الرسالة (فل1-3) وفيها
· يقدم الكاتب نفسه (فل 1).
· يوضح لمن كُتبت الرِسَالَة (فل1-2).
· يمنح السلام الرسولي (فل3).
الكاتب: بُولُسُ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ (فل1).
إِلَى: فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا، وإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ (أو أبيا).
وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا، وَإلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ
السلام: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (فل3).
الموضوع: ويشمل تسعة عشر عددًا (فل4-22) وفيه يُظهر الرسول:
· شكر الرسول بولس لله ومحبته لفليمون وتشجيعه (فل4- 7)
3 أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي،
سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ،
4 وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ،
5 لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ.
6 لأَنَّ لَنَا فَرَحًا كَثِيرًا وَتَعْزِيَةً بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ،
لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ.
· طلب الرسول بولس من فليمون العفو عن أُنِسِيمُسَ (فل8-21)
8 لِذلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ 9 مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخ
وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا
10 أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي
11 الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي،
12 الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي.
13 الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ
14 فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ، وَلكِنْ بِدُونِ رَأْيِكَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا،
15 لِكَيْ لاَ يَكُونَ خَيْرُكَ كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ 16 لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ أَخًا مَحْبُوبًا،
وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا
17 فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا، فَاقْبَلْهُ نَظِيرِي.
18 ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ. 19 أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي أَنَا أُوفِي.
حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا.
20 نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ. أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ. 21إِذْ أَنَا وَاثِقٌ بِإِطَاعَتِكَ، كَتَبْتُ إِلَيْكَ،
عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ.
· وأخيرًا يكلفه بتجهيز منزل لأنه سيخرج قريبًا من الأَسْر(فل22)
22 وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلًا،
لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ.
الخاتمة والبركة الرسولية (فل22– 25):
وتشمل الأعداد الثلاثة الأخيرة من الرِسَالَة (فل24- 25)
· يرسل سلام أصدقائه إلى فليمون (فل24،23)
· يعطي سلام الله لأرواحهم (فل 25)
23 يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَبَفْرَاسُ الْمَأْسُورُ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ،
24 وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي.
25 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ.
_____
[7](أفسس
6: 21 و22)
[8](كولوسي
4: 7، 9)
[9]كتب
مار بولس الرسول هذه الرسالة أثناء أسره ولذلك قال "بُولُسُ أَسِيرُ"
(فل9،1) وعن أنسيموس قال "الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي" (فل10) وعن
أبفراس قال "الْمَأْسُورُ مَعِي" (فل23).
[10]ولذلك
قال مار بولس في رسالته إلي أهل كولوسي "جَمِيعُ أحْوَالِي سَيُعَرِّفُكُمْ
بِهَا تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ، وَالْخَادِمُ الأَمِينُ، وَالْعَبْدُ
مَعَنَا فِي الرَّبِّ، الَّذِي ارْسَلْتُهُ الَيْكُمْ لِهَذَا عَيْنِهِ،
لِيَعْرِفَ احْوَالَكُمْ وَيُعَزِّيَ قُلُوبَكُمْ، مَعَ انِسِيمُسَ الأَخِ
الأَمِينِ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ. وهُمَا سَيُعَرِّفَانِكُمْ
بِكُلِّ مَا هَهُنَا." (كولوسي4:7-9) وقال أيضًا في رسالته إلي أهل أفسس:
"وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ أَيْضًا أَحْوَالِي، مَاذَا
أَفْعَلُ، يُعَرِّفُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ
وَالْخَادِمُ الأَمِينُ فِي الرَّبِّ، الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ
لِهَذَا بِعَيْنِهِ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَحْوَالَنَا، وَلِكَيْ يُعَزِّيَ
قُلُوبَكُمْ" (أفسس22،21:6).
[11]ولذلك
خاطبه الرسول "ابْنِي
أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي"
(فل10) " حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ
أَيْضا" (فل19) إذ أن نفسه أمنت بالمسيح له المجد بواسطته وهناك من يقول أن
أبفراس تلميذ بولس الرسول كان واسطة في إيمان فليمون وتقريبه إلى مار بولس
[12]تيرانس
فيلسوف يهودي صار مسيحيًا بواسطة مار بولس (أعمال19:9)
[13]ذكرت
هذه القصة في سفر الأعمال فمار بولس "دَخَلَ الْمَجْمَعَ وَكَانَ يُجَاهِرُ
مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ
بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْمٌ يَتَقَسُّونَ وَلاَ يَقْنَعُونَ
شَاتِمِينَ الطَّرِيقَ أَمَامَ الْجُمْهُورِ اعْتَزَلَ عَنْهُمْ وَأَفْرَزَ
التَّلاَمِيذَ مُحَاجًّا كُلَّ يَوْمٍ فِي مَدْرَسَةِ إِنْسَانٍ اسْمُهُ
تِيرَانُّسُ وَكَانَ ذَلِكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ حَتَّى سَمِعَ كَلِمَةَ
الرَّبِّ يَسُوعَ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ فِي أَسِيَّا مِنْ يَهُودٍ
وَيُونَانِيِّينَ" (أع 19:8-10)
[14]أنسيمُس
Ὀνήσιμος
كلمة يونانية معناها نافع أو مفيد وعنه تحدثت الأعداد 10-13 ثم 14-20 كان
العبد تدور برأسه أفكار مرعبة إن باعه سيده لمناجم الفضة فيكدح في عمل شاق
مضني، وربما يعرض في سوق الرقيق فيباع كالحيوانات لسيد قاسي يفري جلده
بالسياط ويذيقه العذاب وحين يشيخ يُلقَى في الطريق ليموت جوعًا.
[15]أشار
المفسر البروتستانتي الشهير وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة كلاسكوا
إلى اعتراف أنسيمس أمام الرسول بولس بخطاياه الماضية في تفسيره لرسالة
فليمون ص370 وهذا اعتراف بأن كنيسة الرسل كانت في أجيالها الأولى تمارس سر
الاعتراف.
[16] الأنبا
يوأنس، الكنيسة المسيحية في عصر الرسل، الطبعة الأولى، ص151.
[17]كَمَا
تَعَلَّمْتُمْ أَيْضًا مِنْ أَبَفْرَاسَ الْعَبْدِ الْحَبِيبِ مَعَنَا،
الَّذِي هُوَ خَادِمٌ أَمِينٌ لِلْمَسِيحِ لأَجْلِكُمُ، الَّذِي
أَخْبَرَنَا أَيْضًا بِمَحَبَّتِكُمْ فِي الرُّوحِ
[18]أنسيمس
كلمة يونانية معناها مفيد أو نافع
[19]كما
بدأ رسائله (2كو، غلا، أف،كو،1تي، 2تي،تي)
[20]كما
في (رومية، كورنثوس الأولي)
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
← تفاسير أصحاحات رسالة فليمون: مقدمة | 1
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/philemon/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/nhn682c