* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى فليمون: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
كاتب الرِسَالَة: قدم مار بُولُس نفسه بهذه العبارة:
« بُولُسُ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ » (فِلِيمُونَ1)
Παῦλος δέσμιος Ἰησοῦ Χριστο
في ديباجة هذه الرِسَالَة يقدم مار بُولُس نفسه لا بوصفه رَسُولِ بل بصفة تُناسب موضوع الرسالة، ففي حديثه عن أُنسيمُس العبد رأي أن يصف نفسه بالأسير، لا سيما وأنه كتب هذه الرسالة أثناء أسره الأول في رومية سنة 60 أو61م من أجل يَسُوعَ الْمَسِيحِ ولنلاحظ أن الرسول لم يقل «أَسِيرُ من أجل يَسُوعَ الْمَسِيحِ» بل «أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ». فلماذا؟؟
وضع مار بولس نفسه بدلًا من العبد، كما فعل الرب الذي أخذ شكل العبد وأطاع حَتَّى الموت موت الصليب، لقد كتب مار بولس الصك على نفسه «أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي: أَنَا أُوفِي.» (فِلِيمُونَ19) وهكذا السيد المسيح وفيّ الديون عنا. وأطلقنا نحن أحرارًا.
«أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (فِلِيمُونَ1)
عبارة وصف بها مار بولس نفسه مرتين ([21]) خلال هذه الرسالة القصيرة في (فِلِيمُونَ1، 9) وهي عبارة موحية، فالأَسْر دائمًا يتبع المعارك والحروب، وهذا ما قد حدث بالفعل، فثمة معركةٍ حدثت بين شاول الطرسوسي الذي كان يتعقب المسيحيين أبناء الناصري وخدامه في كل مكان آخذًا رسائل من الولاة ليسوقهم إلى السجن والموت، أما الرب يسوع المحب فلم يعتبر حرب شاول ضد أولاده بل ضده شخصيًا ولذلك فعندما احتدمت المعركة في الطريق إلى دمشق وأبرق نور الناصري من السماء وسُمع صوته الرهيب والمهيب: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ، صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ» (أع5:9). وسقط شاول أرضًا وفقد بصره، وعندما نهض رافعًا يديه يتحسس الطريق مستسلمًا للناصري اقتادوه ليسلم نفسه أسيرًا لتلميذ الناصري الأسقف حنانيا[22].
والآن يجلس مار بولس ليسجل الرسالة إلى فليمون فيتذكر تلك الصورة عينها التي انتهت إليها قصة المعركة مع يسوع الناصري فيُملى على أنسيمُس فاتحة رسالته: «بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» فقد أسره الرب وسلمه إلى حنانيا الأسقف، أسره بمحبته وصيره رسولًا له بعد أن كان قبلًا مجدفًا.
وفي نشوة الفرحة صرخ مار بولس بكلمتين تبدوان كأنهما متعارضتين «أَسِيرُ يَسُوعَ» لأن «يَسُوع» تعني مُخلص، فهو يُخلص ولا يأسر، يحرر ولا يستعبد، ولكن ما أروع أن يصير الإنسان أسيرًا بإرادته للمخلص الذي يحرر بحبه كل الأَسْرى، ويعتقهم من عبودية الشر، ومع أن بولس كان أسيرًا مقيدًا أمام فيلكس أرتعب فيلكس.
نأتي إلى نقطة ثانية هامة في المقدمة، هي اتضاع الخادم ومحبته وروح الشركة، وفي هذا يقول مار بولس الرسول:
« وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ καὶ Τιμόθεο ὁ ἀδελφὸς »
« بُولُس... وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ » (فِلِيمُونَ1)
ما أعجبك أيها الرسول العظيم والمعلم، وما أعجب اتضاعك!
كَتبتَ الرسالة بمفردك بوحي خاص من الروح القدس لك شخصيًا لكنك باتضاعٍ لا تشاء أن تظهر وحدك في الصورة، بل تُشرك معك الآخرين، هم أبناء لك[23] ولكنك تقدمهم كإخوة[24] وشركاء في العمل فتقول: «بُولُسُ... وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى فِلِيمُونَ» (فِلِيمُونَ1).
وكأن تِيمُوثَاوُس كتب معك الرسالة مع أنك كاتبها الوحيد بالروح القدس
لكنها روح الجماعة، روح الفريق التي نفتقر إليها في عصرنا المسكين[25]. أنتعلم منك أيها الجالس على كرسي الرسولية أعلى درجات الكهنوت؟ وأنت الرسول تدعو تيموثاوس أخًا، وفليمون عاملًا معك، وأرخِبس مجندًا معك.
وهناك هدف أخر من ذكر اسم تيموثاوس هنا، فهو يؤكد تواضع الرسول، لأنه إذ يطلب إلى فليمون أن يقبل أُنسيمُس التائب مسامحًا إياه يطلب هذا من أجل وساطة تيموثاوس أيضًا معه، ليتنا نتعلم من أن نطرح عنا الذاتية ونقدم من معنا من خدام الأقل منا خبرة ونُشرك الكل في العمل حتى إذا كانوا في موقف التلاميذ أو الأبناء.
إن الخدمة في الكنيسة ينبغي أن تكون مفتوحة للكل دون التركيز على فردٍ أو مجموعة واحدة تحت أي ادعاءٍ كاذب. إنه الكبرياء بعينه ادعاء أن هذا الفرد أو هذه المجموعة أكثر كفاءة من غيرهم. فالله يخلص بالكثير والقليل ولكي يكون فضل القوة من الله وليس منا.
وهكذا وصف مار بولس نفسه باتضاع «إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا» (فل9).
يجيب مار بُولُس الرَّسُولُ:
«إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا،» (فِلِيمُونَ1).
«وَإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ، وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا،»
«وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ.» (فِلِيمُونَ2).
«إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ τῷ ἀγαπητῷ Φιλήμονι»
فِلِيمُون مسيحي تقِي اشتهر بالإحسان والعطاء (فِلِيمُونَ7)، ومن سخائه طلب منه مار بُولُس أن يُجهز له منزلًا (فِلِيمُونَ22) وقد أعدَّ كنيسة ليجتمع فيها المؤمنون حَتَّى وصفه:
«وَالْعَامِلِ مَعَنَا καὶ συνεργῷ ἡμῶν»
لُقِّب فليمون بالأخ، والْمَحْبُوبِ، وَالْعَامِلِ مَعَنَا (فِلِ1) وأسرته تقية وهم:
«وَإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَة » (فِلِيمُونَ2) καὶ Ἀπφίᾳ τῇ ἀδελφῇ»
أو أبيا وهذه زوجة فليمون المحبوب كما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم
τῷ συστρατιώτῃ ἡμῶν καὶ Ἀρχίππῳ »
«وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا » (فِلِيمُونَ2).
وهو ابنهما وكان شماسًا أو قسيسًا في كنيسة كولوسي وصفه الرسول بُولُس «الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا» (فِلِيمُونَ2). فالكهنوت نوع من الجندية المقدسة. فكما ينقطع الجنود لخدمتهم ليلًا ونهارًا هكذا رجال الكهنوت ينقطعون، مستعدون دائمًا للحرب لا عن أنفسهم فقط بل عن النفوس التي أُأُتمنوا عليها من قِبل الرب، ولذلك أرسل مار بُولُس مرة يقول: "قُولُوا لأَرْخِبُّسَ انْظُرْ إلى الْخِدْمَةِ الَّتِي قَبِلْتَهَا[26] فِي الرَّبِّ لِكَيْ تُتَمِّمَهَا" (كو4:17).
وإن كان أَرْخِبُّس قد قَبِل نعمة الكهنوت بوضع يد مار بُولُسَ الرَّسُول إلا أنه قبلها لا من مار بُولُس بل من الرب، كان مار بُولُس وكيلًا يعطي موهبة من عند الرب. وهكذا أرسل مار بُولُس رسالته ليس فقط إلى فليمون المحبوب التقي، وأسرته المباركة، التي تحوي كاهنًا بل أرسلها أيضًا:
«وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِك» (فِلِيمُونَ2)
κατ’ οἶκόν σου καὶ τῇ ἐκκλησίᾳ
كان بيت فليمون مكانًا لاجتماع المؤمنين حول سر الافخارستيا حَتَّى تحول إلى كنيسة مقرًا وكرسيًا لأسقف كولوسي فيما بعد، حَتَّى قال الرسول «إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِك»، والكنيسة هنا لا تعني المعنى الضيق الذي هو أسرة فليمون، لأن الرسول بعدما ذكر فليمون وزوجته وابنه في العدد الأول (فِلِيمُونَ1) عاد فقال الكنيسة التي في بيتك في العدد الثاني (فِلِيمُونَ1) وبالمثل كان المؤمنون في لاودكية يجتمعون مع «نِمْفَاسَ وَالْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ». (كو4:15).
نموذج رائع للأسرة المباركة، فعلى الرغم من غناها لكن المال لم يدفعهم للشر. أسرة جعلت المال بركة لها ووزنة تستثمرها.
أسرة استثمرت غناها في الإحسان والعطاء(فِلِيمُونَ7).
استثمرته في تقديم الإمكانيات لخدام الله (فِلِيمُونَ22).
استثمرته في بناء كنيسة (فِلِيمُونَ2)
أسرة قدمت أكثر من هذا مكرسًا للخدمة، فاستحق أن يقبل الخدمة من الرب (فِلِيمُونَ2؛ كو4:17) لأن رب الأسرة فليمون كان معطاءً، محبًا للخدام، مضيافًا، عاملًا في الكنيسة.
وهنا نذكر مار بُولُس الرَّسُولَ، القلب الكبير والراعي المحب الذي يذكر كل أحد باسمه معطيًا له لقبًا مشجعًا: « الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا ».
«الْمَحْبُوبَةِ »، «الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا» مُشركًا الكل في العمل مهتمًا بكل أحد:
بفليمون الرجل وبأَبْفِيَّةَ المرأة، بالأسرة الصغيرة، وبالكنيسة كلها معًا.
في اتضاع يدعو أَرْخِبُّسَ الكاهن الصغير «الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا» في الخدمة.
في هذه المقدمة: اجتمع القديس بُولُس الرَّسُول اليهودي وَفِلِيمُون الأممي كما جمعت فِلِيمُونَ الثري والسيد مع أُنِسِيمُسَ العبد الهارب وتيموثاوس، مختلفون في الجنسية واللغة والوسط الاجتماعي ولكن الإيمان المسيحي جعل منهم مجموعة واحدة متجانسة عاملة معًا في خدمة واحدة وجهاد مشترك.
نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَم (فليمون 3) χάρις ὑμῖν καὶ εἰρήνη
ثُم يقدم مار بولس السلام الرسولي فيقول:
"نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ." (فل3) مع اختلاف طفيف تتكرر هذه العبارة بنفس كلماتها في جميع رسائل مار بولس الأربعة عشر ما خلا رسالة العبرانيين وهي تشابه البركة الرسولية التي تستعملها الكنيسة المقدسة إلى هذا اليوم " محبة الله الآب ونعمة ابنه الوحيد وشركة وعطية الروح القدس فلتكن مع جميعكم".
ففي عشر رسائل تأتي عبارة "نعمة لكم وسلام"، أما في الرسائل الرعائية الثلاثة المرسلة إلى الأساقفة رعاة الكنائس فتضاف كلمة الرحمة وتصبح العبارة " نعمة ورحمة وسلام ".
فإذا كان الشعب المسيحي يحتاج إلى النعمة التي ترافق جهاده الروحي ليصل إلى الله ويمتلئ بالسلام الحقيقي فإن الأساقفة رعاة هذا الشعب يحتاجون بالإضافة للنعمة والسلام إلى رحمة. فما أصعب طريق الخدمة قال أحد القديسين "عجبي لرئيس يخلص". وقال يشوع بن سيراخ "إذا خرجت لخدمة الله فأعدد نفسك للتجربة". إن عظم المسئولية يجعلهم أكثر احتياجا إلى الرحمة.
نِعْمَةٌ لَكُمْ يبدأ الرسول بالنعمة لنتذكر نعمة الله التي غفرت لنا الكثير فنغفر بعضنا لبعض، ويستطيع فِلِيمُون أن يسامح أُنِسِيمُسَ بما عليه، وإذ صالحنا بعضنا بعضًا نستحق السلام فنقول:
نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ جاءت النعمة قبل السلام، لأنها بالحقيقة تسبقها بل تُسببها؛ فالنعمة هي التي تملأ حياتنا بالسلام، ثم يُظهر مار بولس أن مصدر النعمة والسلام الحقيقي هو الله، فمعونة العالم باطلة والسلام لذي يأتي من غير الله سلام غاش ما أحوجنا إلى أن نسجد أمام الله طالبين منه وحده أن يسكب علينا نعمته ويملأنا من سلامه الكامل.
«مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (فِلِيمُونَ3)
»ἀπὸ θεοῦ πατρὸς ἡμῶν καὶ κυρίου Ἰησοῦ Χριστοῦ«
«مِنَ اللهِ أَبِينَا» عبارة تكررت ثلاث مرات: «من الله الآب» في الرسائل إلى غلاطية وتيموثاوس الثانية وَتيطس فالمعنَى واحد فعلاقتنا بالله أنه أبونا، والنعمة الحقيقية أن نصير أبناء الله وهذا وحده يكفي لسلامنا لأن القلب يمتلئ بالطمأنينة لأنه إذا كان الله معنا فمن علينا؟
والواو هنا لإضافة الصفات، فالله هو أبونا الآب، وهو أيضًا الرب يسوع المسيح
«وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (فِلِيمُونَ3) تأتي هذه العبارة في (رو7:1) (1كو3:1)،(2 كو1:2، أف1:2، في1:2، كو2:1، 1تس1:1، 2تس2:1)، (فِلِيمُونَ3).
وتصبح «وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مخلصنا» في (تي1:4)، «رَبِّنا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» في(غلا1:3)، «الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَّبِّنا» في(1تي1:2)، (2تي1:2). فبلا شك أن الله هو أبونا وهو الرَّبّ يَسُوع الْمَسِيح مصدر كل نعمة وسلام.
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
يبدأ القديس بولس الرسول رسالته بالشكر لله كعادته وبعبارة مشجعة لمن يرسل إليهم الرسالة:
«أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِين» (فِلِيمُونَ4)
Εὐχαριστῶ τῷ θεῷ μου πάντοτε«
في معظم رسائله يبدأ بعبارات الشكر لله. فَمَرةً ينسب الله إلى نفسه في اعتزاز ويقول «أشكر إلهي» كما في (رو1:8)، (1كو1:4)، (في1:3)، (فل4) أو يقول «إني أشكر الله» (2تي1:3). ومرة يُشرك الآخرين معه داعيًا إياهم إلى الشكر فيقول: «نشكر الله» كما في (كو1:3)، (1تس2:1) أو يقول: «ينبغي لنا أن نشكر الله» كما في (2تس1:3) ومرة أخرى يستبدل شكر الله بأن يباركه قائلًا «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح» كما في (2كو1:3)، (أف1:3). وعجيب أن يغفل مار بولس البدء بالشكر في رسالتين غير العبرانيين[27] هما رسالته إلى تيطس ورسالته الأولى إلى تيموثاوس حيث وُجِد في جو مشحون بالهرطقات، والشكر ينبغي أن يكون "كل حين" الأمر الذي أكده مار بولس أكثر من مرة (1كو1:4)، (كو1:3)، (1تس1:2)، (2تس1:3) كما في هذه الرسالة أيضًا (فل4)، وعلى نحو ما بدأ مار بولس جميع رسائله بعبارات الشكر، هكذا الكنيسة المقدسة تبدأ صلواتها الطقسية بصلاة الشكر وعلى نحو ما يقول الرسول: "أشكر الهي كل حين» تردد الكنيسة صلاة الشكر: «فلنشكر.. الله.. على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال». ثم يقول الرسول:
«ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي» (فِلِيمُونَ4)
كان الرسول مقيدًا مع جندي روماني وثني في سلسلة واحدة لكي لا يهرب- فهذه عادة الرومان- وهذا لم يمنعه من الصلاة.
وهنا يعترف مار بولس بمبدأ الشفاعة لأنها صلاة إنسان تفيد إنسان آخر، وإيمان إنسان يفيد إنسان آخَر[28]، وهذا هو الأصل في الشفاعة التوسلية للقديسين، وهو مبدأ إنجيلي، فالشفاعة أنواع هي:
أ. شفاعة كفارية: قام بها السيد المسيح في حالة تجسده وأتمها وإن كان تأثيرها سرمدي لأنه إله سرمدي.
ب. شفاعة توسلية: للشهداء والقديسين المنتقلين وغير المنتقلين والكهنة والملائكة وهي ثلاثة أنواع هي:
1. شفاعة الأحياء في الأحياء.
2. شفاعة الأحياء في المنتقلين مثل الصلاة على الراقدين.
3. شفاعة المنتقلين في الأحياء: مثل الاستشفاع بالشهداء، القديسين، الملائكة.
ولنرجع الآن إلى عبارة «ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي» التي تؤكد الشفاعة لأن الأنواع الثلاث لا تختلف إلا في إدراكنا إن الذين يرقدون في الرب لم يموتوا بمعنَى العدم، بل إن محبتهم لإخوتهم المجاهدين على الأرض لم تنته بعد، ومحبتهم لله وَصِلَتَهم به ازدادت، فصلواتهم عنا التي كانت على الأرض تستمر في الفردوس. فهل نظن أن مار بولس الذي لم يَفترُ أن يتذكر فليمون في صلواته قائلًا: «ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي» (فِلِيمُونَ4) ولأهل كولوسي وَتسالونيكي «مصلين لأجلكم» (كو1:1؛ 3 تس2:1) بعدما ينتقل إلى الفردوس تبرد محبته للمجاهدين على الأرض أو تفتر غيرته على خلاصهم، فلا يطلب عنهم وهو أمام كرسي المسيح؟ أو يضعف إكرام المسيح لصلوات أولاده لانتقالهم إلى الفردوس أم تزداد كرامتهم بانتصارهم إلى النفس الأخير.
يحدثنا مار بولس عن: الإيمان العامل بالمحبة (فِلِيمُونَ5)،
والإيمان الفعال (فِلِيمُونَ6).
الإيمان العامل بالمحبة: «سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ» (فِلِيمُونَ5)
والآن نأتي إلى كلمات التشجيع التي إعتاد مار بولس الرسول أن يبدأ بها حديثه في معظم رسائله[29].
ما أروع الراعي القائد الذي يشجع الخدام العاملين معه
«سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، ἀκούων σου τὴν ἀγάπην
وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ καὶ τὴν πίστιν ، ἣν ἔχεις»
فقد طارت إلى مسامع الرسول سيرة فِلِيمُونَ، سيرة مباركة، إيمان وأعمال معًا، إيمان عامل بالمحبة.
«نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ πρὸς τὸν κύριον Ἰησοῦν καὶ ولِجَمِيعِ الْقِدِّيسِين (فل5) πάντας τοὺς ἁγίους εἰς»
مَحَبَّتِكَ... نحو الرب يسوع
مَحَبَّتِكَ... لجميع القديسين
فالمحبة ثمرة من ثمار الإيمان، ضمن الأعمال الصالحة، أو هي كل الأعمال الصالحة. فالصلاة محبة الحديث مع الله: "محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مزمور119). وقراءة الكتاب المقدس محبة كلمات الله "وجد كلامك كالشهد فأكلته... كم أحببت وصاياك... لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي" (مزمور119:92). ودخول بيت الرب هو محبة، "مساكنك محبوبة يا رَبّ... تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ" (مزمور84:1)
وهكذا العطاء نوع من الحب، فالعطاء المقبول هو تفضيل الآخرين عن مطالب النفس، ولذلك مدح الرب تلك المرأة التي أعطت الفلسين لأنها "أعطت من أعوزاها" (مرقس12:44)، (لوقا21:4)، فالعطاء مشاعر حب للرب يسوع "ولذلك سيقول في اليوم الأخير: "كنت جوعانًا فأطعمتموني" (متى25)، والخدمة ليست نشاطًا لكنها حب لمن مات ليخلص نفوس الناس، وشوق لانتشار ملكوته.
وأخيرًا فالاستشهاد قمة الحب فـ"لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يوحنا15:13) ولذلك كان الشهداء يستقبلون الموت من أجل الله بأفخر ثيابهم متهللين، وكان بعضهم يُقَبِّلون السلاسل التي يربطونهم بها وهم يجرونهم إلى ساحات الاستشهاد «رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلًا بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، وَهُمْ لَمْ يَكُنِ ألْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ" (عب11:38،37) من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح.
وهكذا يتضح إن كل الأعمال الصالحة إنما هي أعمال محبة نحو الرب. ولذلك فحينما أراد الرب أن يختصر وصاياه الكثيرة التي تملأ أسفار العهدين القديم والجديد قال: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. والثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ" (مت22:37)، وحفظ الوصية هي محبة لله الذي أعطاها إذ قال "إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ" (يوحنا14:15)
«محبتك... لجميع القديسين (فل5)
ما أروع الارتباط المبارك بين أولاد الله، أعضاء جسد المسيح الواحد: " نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الإخوة" (1يوحنا14:3). محبة لجميع القديسين المجاهدين على الأرض والمنتصرين في الفردوس، ما أروع السنكسار إذن الكتاب الذي يقدم لنا سير القديسين فيربطنا بهم. ما أروع صور القديسين وأيقوناتهم أمامنا في الكنيسة فوق حامل الأيقونات تُعمق محبتنا لهم وارتباطنا بهم، وما أروع صلاة مجمع القديسين في القداس الإلهي، وأثناء التسبيح، فكل هذا يربطنا بالقديسين، ما أروع إيماننا الأرثوذكسي بالشفاعة فهي الرباط المقدس الذي يربطنا بجميع القديسين.
إنه درس التجلي[30] علمنا إياه الرب يسوع عندما «أَخَذَ.. بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ... وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.» (متى17:2،1) وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ يَا سَيِّدِي جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ لَكَ وَاحِدَةً وَلِمُوسَى وَاحِدَةً وَلِإِيلِيَّا وَاحِدَةً» (مرقس9:5،4) «وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ» (متى17:5)، وفي بهائه المقدس يربط بين الكنيسة المجاهدة على الأرض، والكنيسة المنتصرة في السماء القديسين الذين انتقلوا فأتى الرب بموسى وإيليا من قديسي الكنيسة المنتصرة يربطهما مع كنيسة المجاهدين على الأرض، وتعلم مار بطرس الرسول الدرس من المعلم الأعظم وهتف بصوته المبارك «يَا سَيِّدِي جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ لَكَ وَاحِدَةً وَلِمُوسَى وَاحِدَةً وَلِإِيلِيَّا وَاحِدَةً»
إنها صرخات مسكينة وجاهلة يُعلمها البعض خطأً، لا نريد موسى ولا إيليا بل نريدك أنت متجليًا، يا للجهل من أتى بموسى وإيليا ليظهروا بجوار الرب المتجلي؟ أليس هو الرب؟ من أتى بهذه الفكرة أليست فكرة المعلم الأعظم؟ هل يرد الجهلاء على المعلم الأعظم لا يا رَبّ إن تعليمك يحتاج إلى تصحيح، فربما تأتي أنت بموسى وإيليا يظهران معك فيرتبط الناس بموسى وإيليا وينسوك أنت فتغار أنت على مجدك ولا تعطيه لآخر. لا نريد موسى ولا إيليا، آه من غرور الجهلاء، فالرب يرد عليهم، لقد قلت أنا للقديسين «من يكرمكم يكرمني»
تدريب: اِسمع عبارة "جميع القديسين" تنادينا بصوت ينفذ إلى أعماقنا.
· لا يكن لكم الشفعاء المشهورون لدى جميع الناس. العذراء مريم أمنا جميعًا والقديسون مار جرجس ومار مينا والأنبا بيشوي فقط
بل لنرتبط كل يوم بقديس جديد نطلب شفاعته مثل قديس اليوم في السنكسار أو قديس جديد أعجبت بسيرته.
· ليتنا نرتبط بالقديسين العظماء الرسل الاثني عشر والسبعين وعلى رأسهم مار يوحنا الحبيب التلميذ الذي كان يسوع يحبه ومار بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميعهم، وكتب لنا أربعة عشر رسالة في العهد الجديد تحوي مئة إصحاحا.
· نرتبط بأبطال الإيمان الذين دافعوا عنه وسلموه لنا بعد أن ذاقوا العذاب مثل أثناسيوس الرسولي، وديسقورس بطل الأرثوذكسية، وَكيرلس عمود الدين وغيرهم.
· ومن الممتع أن نطلب شفاعة القديسين في المناسبات والأعياد. فنطلب شفاعة: زكريا الكاهن البار السالك في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم (لوقا5:1) والذي رأى جبرائيل رئيس الملائكة الواقف أمام الرب عن يمين المذبح (لوقا19:1).
· أليصابات نسيبة العذراء التي امتلأت من الروح القدس وفي أحشائها سجد الجنين للرب وسبحت الرب وتنبأت بالروح القدس (لوقا1:41-55).
· يوسف النجار البار خادم سر التجسد (متى1:18-25)
· سمعان الكاهن والشيخ البار الذي قاده الروح القدس إلى الهيكل ليحمل المسيح على ذراعيه ويقبله بكرًا مقدسًا للرب (لوقا2:25)
· حنة بنت فنوئيل التي لم تفارق الهيكل أربع وثمانين سنة عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا ووقفت تسبح الرب (لوقا2:36-38)
· وشفاعة يوحنا المعمدان السابق الصابغ الملاك الذي هيأ الطريق إلى قلوب البشر أمام الرب يسوع.
· وشفاعة أطفال بيت لحم أول شهداء في المسيحية.
وكل هذا في فترة عيد الميلاد وعيد الغطاس:
· وفي أسبوع الآلام نطلب شفاعة القديس يوسف الرامي الذي قدم قبره الجديد ليصير ممجدًا. والقديس سمعان الذي حمل الصليب عن المسيح له المجد وتباركت فيه البشرية التي تقدمت لتحمل صليبها الذي كان ينبغي أن تحمله.
· نطلب شفاعة لونجينوس الجندي الذي كان يمثلنا حينما طعن جنب المسيح المائت على الصليب فجرى منه دم وماء فسقطت قطرة من دمائك يا رَبّ على الجندي القاسي حولته إلى إنسان يؤمن بك ويعترف بلاهوتك.
· والقديس نيقوديموس الذي قدم للرب كفنًا، صار أُعجوبة هذا الزمان، وأطيابًا، وحمل الرب مع يوسف الرامي مسبحين له.
· وهكذا نطلب شفاعة مار لوقا الطبيب الإنجيلي أثناء طلب الشفاء لمريض وفي وقت نعظ فيه مثلًا عن التقليد الكنسي نطلب شفاعة أبو التقليد القديس إيريناؤس.
يحدثنا الرسول عن الإيمان والأعمال معًا في حياة أولاد الله فيقول:
لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَة (فليمون 6)
ὅπως ἡ κοινωνία τῆς πίστεώς σου ἐνεργὴς
مثل تعبير "الإِيمَانِ الْمُشْتَرَكِ" يقول مار بولس: "تِيطُسَ، الاِبْنِ الصَّرِيحِ حَسَبَ الإِيمَانِ الْمُشْتَرَكِ" (تي1:4) فليس لكل فرد إيمانه الخاص، ولا لكل جماعة. بل الإيمان محدد يشترك فيه جميع المؤمنين كما يشترك فليمون مع مار بولس في الإيمان الواحد "إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ" (أف4:5).
لذلك فحينما ننادي اليوم بوحدة الكنيسة ونصلي من أجلها نرفع شعارًا أساسيًا: وحدة لكن في الإيمان، ليس مجرد وحدة في الشكل أو توقيت الأعياد. والإِيمَان الفَعَّال هو الإيمان العامل.
فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ γένηται ἐν ἐπιγνώσει παντὸς
الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُم (فل6) ἀγαθοῦ τοῦ ἐν ἡμῖν
المعرفة شيء نظري ولكن بجوار المعرفة توجد الحياة العملية وبالمعرفة والصلاح معًا، بالفكر والعمل يحيا الإنسان حياة روحية سليمة، إنها المعرفة العملية
كُلّ الصَّلاَحِ: عظيم أن يتصف المؤمن ليس بالصلاح بل بكل الصلاح. فالنمو الروحي السليم لا يكون في فضيلة دون أخرى بل نموًا متكاملًا في كل الفضائل كزكريا الكاهن.
لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ (فل 6) γένηται εἰς Χριστόν
الْمَسِيح يَسُوع يعنى الإله المتأنس، فالمسيح هو اللقب الإلهي ويسوع هو الاسم الإنساني، فهكذا سُجل اسمه في دفاتر الميلاد، والمسيح يسوع هو هدفنا وغايتنا في كل عباداتنا. فاذا كان لنا إيمان مشترك وفعال، ولنا الأعمال الصالحة المتنوعة والنمو في كل فضيلة إنما الإيمان والأعمال هي من أجل الرب يسوع المسيح الإله الذي تأنس من أجلنا. "لأَنَّ لَنَا فَرَحًا كَثِيرًا وَتَعْزِيَةً بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ، لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ" (فل7).
(2كو7: 4، 13، 20) (1كو16:18).
وفي ترجمة أخرى "إذ استراحت بمحبتك أحشاء القديسين" (فل7).
يفرح القديس مار بولس الراعي بعمل القديس فليمون ويمدحه لأنه يهتم بالصدقات والعطايا للمؤمنين المحتاجين فيريح أحشاء القديسين. سواء بمعنى الفقراء الذين يريح أحشاءهم بالعطايا أو القديسين الذين يشعرون بحاجات الفقراء فيستريحون وتستريح أحشاؤهم داخلهم عندما يسمعون عن اهتمام القديس فليمون باحتياجات هؤلاء الفقراء.
والمعنى هنا هو عطايا القديس فليمون للفقراء والرسالة تشير إلى:
· أن فليمون يعطي بحب وفرح؛ ولذلك مدحه مار بولس ليس من أجل عطاياه بل "بسبب محبته"، فالمعطي المسرور يحبه الرب.
· اهتمام مار بولس بالفقراء كراعي إذ يرسل شكره للقديس فليمون على عطاياه للفقراء "لأن لنا فرحًا كثيرًا وتعزية." بماذا تفرح يا مار بولس وماذا يعزيك؟ الاهتمام بالفقراء هو فرحي وتعزيتي وهذه سمات الراعي المحب لشعبه.
· تواضع مار بولس فهو يخاطب تلميذه فليمون بتقدير: "لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ[31]" (فل7)
الفقراء عند مار بولس هم أحشاؤه "أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ."
" لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ،
مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هَكَذَا
نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا
أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي"(فل8-10)
ليس بالسلطان بل بالحب:
بهذه العبارات الرائعة أظهر مار بولس، الذي له سلطان كرسول المسيح أن يأمر القديس فليمون، لكنه لا يريد أن يأمر بل يفضل إن يطلب بحب ويقدم هذا بأسلوب رائع جذاب، لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِي بِالْمَسِيحِ ثِقَةٌ كَثِيرَةٌ أَنْ آمُرَكَ بِمَا يَلِيقُ (فِلِيمُونَ8)، فهو واثقٌ بسلطانه الرسولي أن يأمر فليمون لكن لا يأمر بأي شيء بل يأمر بما يليق وما هو واجب.
وهنا يشير الرسول إلى:
§ السلطان الرسولي الممنوح من المسيح (1تي2:7) أن يأمر المؤمنين فيطيعونه، وهذا ينطبق عليه "وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ" (متى18:17)
§ السلطان الكهنوتي له حدود، فهو ليس سلطانًا مطلقًا، بل حدوده هي أوامر الله (بِمَا يَلِيقُ) (أف5:4)، أي بما هو صحيح فلا يقدر الكاهن أن يعطي حِلًا أو ربطًا مستخدمًا سلطانه فيكسر قوانين الله في الكتاب المقدس أو قوانين الكنيسة أو التقليد، ولكنه لابد أن يستخدمه بطريقة قانونية عبر عنها مار بولس قائلًا "أن آمرك بما يليق"
§ يستخدم مار بولس الحب قبل السلطان فالحب أقوى وأكثر فاعلية، ويا ليت الرعاة يعرفون هذه الحقيقة فلا يستخدمون سلطانهم إلا بعد أن تنفذ كل طاقات الحب وهذه روح القانون الكنسي الذي يطلب من الأسقف "لا تسرع يا أسقف باستخدام المنشار الحاد الأسنان"
"مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ" (فِلِيمُونَ9)
عبارةٌ رائعة يستخدمها الراعي المثالي مار بولس إذ يقدم حبه لشعب الله فيستطيع أن يطلب فيأخذ، أو يطلب فيطاع.
إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا
(فِلِيمُونَ9)
يطلب مار بولس وهو يعرف أنه مجرد إنسان، ولكن:
باعتباره الكهنوتي (بولس الشيخ) أي بولس الكاهن.
باعتباره إنسان جرب الأَسْر والعبودية، فقلبه يشعر بحالة أُنِسِيمُسَ العبد الهارب بل تتمزق أحشاءه من أجله.
باعتبار شيخوخته فقد كتب هذه الرسالة وهو في سن الستين تقريبًا.
أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ ابْنِي أُنِسِيمُسَ:
الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي
الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلَكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي
الَّذِي رَدَدْتُهُ فَاقْبَلْهُ
الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي
الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي
قُيُودِ الإِنْجِيلِ (فليمون 10-13).
هذا هو أُنِسِيمُسَ العبد الهارب اسمه نبوءة عن صفاته فكلمة (أُنِسِيمُسَ) يونانية معناها (نافع أو مفيد) ونرى في مواضع عديدة من الكتاب المقدس أن الأسماء تُعلل وأن معظمها نبوءات عن مستقبل أصحاب هذه الأسماء، وقد وَصف مار بولس الراعي أُنِسِيمُسَ بستة صفات:
أَطْلُبُ إِلَيْكَ لأَجْلِ παρακαλῶ σε περὶ
ابْنِي أُنِسِيمُسَ τοῦ ἐμοῦ τέκνου Ὀνήσιμον
أُنِسِيمُس: مار بولس الرسول العظيم الذي تعلم على يد غمالائيل اليهودي بكل ما يُعرف به اليهود من غرور وكبرياء والذي أخذ الجنسية الرومانية الذين يعتقدون بأنهم سادة الشعوب لم يستنكف أن يجعل أنسيمس العبد الشرير الهارب ابنًا له.
كان يُمكن أن يحارب مار بولس بالغرور وَتشامخ الروح:
كيهودي فلا يقبل أن يكون ابنه شريرًا هاربًا، كان العبد في ذلك الحين قيمته أمام الناس قريبة من الحيوانات، وكان يمكن أن يحاربه الغرور الاجتماعي كروماني فلا يقبل أن يكون ابنه عبد والرومان سادة العالم في ذلك الحين، ولكن الرسول بكل تواضع قال: "ابْنِي أُنِسِيمُسَ" عبارة مملوءة بالتواضع، والحب لا سيما حينما نضيف الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي" (فل12). انظروا أي حب هذا (الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي).
ابْنِي: هذه هي الأبوة الروحية والبنوة الروحية، فما كان أنسيمس ابنًا جسديًا لمار بولس البتول، ومع هذا فقد دَعا أُنِسِيمُسَ ابنه. ألا يكفي هذا دليلًا على وجود الأبوة الروحية؟ فالرسل آباء، لهم أبناء روحيون. وأن لقب "أبونا" الذي نستخدمه في كنيستنا المقدسة أمر كتابي يتفق مع تعليم العهد الجديد. إذن فلنفهم ذلك النص الكتابي «لاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.» (مَتَّى9:23) فهمًا صحيحًا، فقد قالها الرب يسوع للاثني عشر وليس لعامة الشعب. فالرسل ومن في رتبتهم من الأساقفة لهم أبناء فقط وليس لهم أب على الأرض، لكن أباهم واحد هو المسيح. أما الكهنة من القسوس فيمكن أن يدعوهم الأساقفة أبناء، أما أفراد الشعب فيدعونهم آباء.
حينما يكون عندنا ثلاثة أجيال، جيل الأبناء وجيل الآباء وجيل الجدود يكون الجيل الأصغر أبناء فقط والجيل الثاني (الآباء) هم آباء للجيل الأول وأبناء للجيل الثالث (الجدود)، أما جيل الجدود فهم آباء للجيلين الأول والثاني وليس لهم أبا على الأرض، هذا مجرد مَثل للشرح فقط. فجيل الأبناء هم العلمانيون والشمامسة، وجيل الآباء هم القساوسة فهم آباء للشمامسة والعلمانيين وأبناء للأساقفة، وجيل الجدود وهم الأساقفة أصحاب الرتبة الرسولية آباء للجيلين السابقين من القساوسة والشمامسة والعلمانيين وليس لهم آباء على الأرض.
الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي ὃν ἐγέννησα ἐν τοῖς δεσμοῖς
ولادة روحية فالمعروف أن أُنِسِيمُسَ التقى بمار بولس الرسول في سجن روما أثناء أسْره الأول سنة62-63م، وقد آمن بواسطته ثم اعترف بخطاياه على يديه وَصار ابنًا لمار بولس الرسول.
الَّذِي كَانَ قَبْلًا لَكَ غَيْر نَافِعٍ τόν ποτέ σοι ἄχρηστον
لكِنَّهُ الآنَ لَكَ νυνὶ δὲ σοὶ
وَلِي نَافِعٌ καὶ ἐμοὶ εὔχρηστον (فل 11)
هذا هو تأثير التوبة «كَانَ قَبْلًا... لكِنَّهُ الآنَ» التحول والتغيير فالتوبة هي تغيير النية (ميطا - نية)، والتوبة إصلاح السيرة «كَانَ غَيْر نَافِعٍ لكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ»، تغيير إلى الضد من السلبيات إلى الإيجابيات. ونلاحظ هنا أن كلمة أُنِسِيمُسَ معناها نافع فقد صار أُنِسِيمُس اسمًا وفعلًا، الحقيقة مثل الاسم. "ليتنا لا نكتفي بأسمائنا المسيحية فعلينا أن نكون مسيحيين فعلًا "رسالة المسيح المعروفة والمقروءة من جميع الناس"، وإن كنا نحمل أسماء القديسين مثل: يوحنا وبولس وأثناسيوس، فلنتمثل بمحبة يوحنا وخدمة بولس وإيمان أثناسيوس وحكمة مار مرقس، ومن يحمل اسم فضيلة مثل: متواضع ووديع ورؤوف فليقدم هذه الصفات كصورة للمسيحية الحقيقية في حياتنا مقتدين بأنسيمس الذي لم يكن نافعًا أو مفيدًا كاسمه ثم صار نافعًا ومفيدًا كما شهد مار بولس وقال: وَ... الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِى (فل11)
فتوبة الإنسان وحياته المقدسة ليست بركة له فقط بل وللآخرين أيضًا. فحين بدأ أُنِسِيمُسُ حياة التوبة صار نافعًا لنفسه ولسيده فليمون وللقديس مار بولس أيضًا.
الَّذِي رَدَدْتُهُ ὃν ἀνέπεμψά σοι، αὐτόν،
فَاقْبَلْهُ، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي τοῦτ’ ἔστιν τὰ ἐμὰ σπλάγχνα (فِلِ 12)
كان القديس مار بولس الرسول معلمًا من الطراز الأول، فكان يعرف أن
بعودة أُنِسِيمُسَ العبد السارق الهارب إلى سيده يهدر دمه فلا يُعتبر قتله جريمة يعاقب عليها القانون الروماني.
والتوبة تغيير من الخطية إلى محبة البر والسلوك فيه، وبجانب عدالة الرسول في الحكم فإنه يجعل التائب يحمل مسؤوليات وتبعات خطئه فيرجع إلى من أخطأ إليه طالبًا الصفح، نعم كان أُنِسِيمُس نافعًا لمار بولس وكان محتاجًا أن يستبقيه معه، لكنه رَدَّه أولًا إلى سيده فليمون طالبًا أن يقبله عندما يرجع إليه حاملًا له هذه الرسالة، الَّذِي رَدَدْتُهُ. فَاقْبَلْهُ (فل12) ثم يُظهر احتياجه إليه إذ هو "الآنَ نَافِعٌ... لِي" (فل11) فيقول:
الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي. (فِلِيمُونَ12)
ما أروع رِقتك أيها الراعي العظيم مار بولس:
تصف أُنِسِيمُسَ العبد الهارب التائب أنه أَحْشَاءك (فِلِيمُونَ12)
وتمدح فليمون تلميذك: "أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ" (فِلِيمُونَ7)
ثم تطلب منه: "أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ" (فِلِيمُونَ20)
هل هناك راعٍ يحنو على رعيته، أو خادم يحب مخدوميه مثلك، يحبهم كنفسه ملقبًا إياهم أحشاءَه ويضع نفسه وسيطًا بين أفراد رعيته.
يمدح السيد "أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ""، ويحتضن العبد ويصفه
"أَحْشَائِي" فيضع العبد في أحضان سيده "أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ" (فل20)
هذا هو الحل الذي نادى به مار بولس في معالجة مشكلة العبيد ليس حلًا سياسيًا أو اجتماعيا بل حلًا روحيًا، يمكن أن تقوم ثورة تُنهي مشكلة العبيد تمامًا وفي هذا خير. والمسيحية وإن كانت لا تعالج بهذه الطريقة السياسية أو الاجتماعية باعتبارها دين وليست مذهب سياسي أو اجتماعي، لكن الثورة السياسية الاجتماعية تنهي المشكلة في ظاهرها ويبقى العداء نتيجة الثورة بين طبقتي المجتمع حَتَّى إذا تعاملا يظهر هذا العداء، لكن المسيحية تترك شكل النظام الخارجي لرجال السياسة والمجتمع وتدخل إلى داخل القلوب فتغير روح التسلط والسيطرة والقسوة في السادة لتملأهم من الحنان والحب والشفقة والأُخوة، وتُغير روح التمرد والكراهية في العبيد فتملأهم بالطاعة والخضوع والحب.
الَّذِي كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ ὃν ἐγὼ ἐβουλόμην πρὸς
أُمْسِكَهُ عِنْدِي لِكَيْ ἐμαυτὸν κατέχειν، ἵνα ὑπὲρ σοῦ
يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ μοι διακονῇ عِوَضًا عَنْكَ (فِلِيمُونَ13)
ما أروعك يا مار بولس، سيف مقدس هو لسانك، ما هذه القوة التي فيك أيها الرسول العظيم؟ في قوة الأب والمعلم تساوي بين العبد وسيده، بين أُنِسِيمُسَ وفليمون بلا التفاف أو مواربة "لِكَيْ يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ فِي قُيُودِ الإِنْجِيلِ." (فِلِيمُونَ13)
ففي المسيحية ليس عبد ولا سيد، العبد التائب يقوم بنفس عمل السيد العظيم، معلم أنت بالحقيقة تساوي بين أبنائك مهما كان مركزهم. فأُنِسِيمُسَ في نظر مار بولس له نفس الأهمية التي لسيده فليمون "يَخْدِمَنِي عِوَضًا عَنْكَ." (فِلِيمُونَ13)، وهكذا يشترك في الخدمة الكل بلا تفرقة. وقبل أن تصل هذه الرسالة إلى فليمون كان أُنِسِيمُس قد اشترك فعلًا مع مار بولس وصار معاونًا له في كتابة الرسالة، فقد كُتِبت بيده، كما كُتبت الرسالتان إلى تسالونيكي على يد القديس الأسقف تيموثاوس ورسالتا غلاطية وكورنثوس الثانية على يد القديس الأسقف تيطس. وفي نفس الأثناء كتب مار بولس الرسالة إلى فليمون كتب الرسالة إلى أهل كولوسي وأرسلها بيد تيخيكس، هذا ونجده يُلقب "أبفراس" بأنه العبد الحبيب معنا، أما أنسيمس فلم يقل بأنه عبد.
في قُيُودِ الإِنْجِيل ἐν τοῖς δεσμοῖς τοῦ εὐαγγελίου (فل13) وهل للإنجيل قيود؟ بالطبع كثيرة منها:
التجارب قيود: فالذي جعل مار بولس الرسول والفيلسوف الذي تعلم على يد غمالائيل المعلم الشهير محتاجًا لمن يكتب له الرسائل مستخدمًا تلاميذه هو أن مار بولس من أجل خدمته الناجحة في نشر الإنجيل وإعلانات الله له كان لابد أن يُعطَى شوكةً في الجسد لكي لا يرتفع. وكان ضمن هذه الشوكة مرض يجعله يضع عصائب على عينيه، ومن أجل هذا المرض احتاج الرسول إلى من يكتب له رسائله.
الأَسْر قيد: أُسر القديس بولس الرسول مرتين في سجن روما وكان هذا الأَسْر من أجل خدمة الإنجيل وَكتب خمس رسائل سُميت فيما بعد رسائل الأَسْر وهي:
رسائل (فيلبي وكولوسي وفليمون) أثناء أَسْره الأول (سنة62-63م)
رسالتي (أفسس وَتيموثاوس الثانية) أثناء أَسْره الثاني (سنة66م)
واحتاج إلى من يحمل هذه الرسائل الرعائية إلى الكنائس أو الأساقفة الذين كتب إليهم وهو في قيود الإنجيل.
وَلكِنْ بِدُونِ رَأْيِكَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا (فل14)
χωρὶς δὲ τῆς σῆς γνώμης
οὐ δὲν ἠθέλησα ποιῆσαι
مار بولس القائد والأب يحترم رَأْي التلميذ والابن، وبِدُونِ رَأْيِه لا يفْعَلُ شَيْئًا، بل في حنوٍ وحزم يُظهر اتضاعه في معاملاته. ونحن نتساءل أكان ممكنًا أن يُمْسِكَ فليمونُ عبدَه عن مار بولس بعد هذه العبارات الرقيقة؟ بالطبع لا، فلُطف الرسول بولس واتضاعه يجعلان كلامه لا يُرَد.
لِكَيْ لاَ يَكُونَ خَيْرُكَ كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَارِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ.
لِكَيْ لاَ يَكُونَ ἵνα μὴ
كَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الاضْطِرَار ὡς κατὰ ἀνάγκην
بَلْ عَلَى سَبِيلِ الاخْتِيَارِ ἀλλὰ κατὰ ἑκούσιο
خَيْرُكَ τὸ ἀγαθόν σου ᾖ(فِلِيمُونَ14)
الإنسان مُخير، هذا يُوضحه مار بولس، وبدون هذا لا يُحسب خيره خيرًا أمام الله، فالخير يُحسَب بقدر الرغبة المُقدسة التي تدفعنا إليه، وبقدر الجهاد الذي نبذله في تحقيقه.
ليت الآباءَ والمُربين يتعلمون طريقة القيادة، فلا نُجبر أبناءنا على الفضيلة، الصوم والصلاة و..، وفي نفس الوقت لا نتركهم، فمار بولس عرض على فليمون الفضيلة وقاده إليها، وشجعه عليها، وحببه فيها دون أن يُجبره.
لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ.
لأَنَّهُ رُبَّمَا لأَجْلِ هذَا Τάχα γὰρ διὰ τοῦτο
افْتَرَقَ إِلَى سَاعَةٍ، ἐχωρίσθη πρὸς ὥραν
لِكَي إِلَى الأَبَدِ يَكُونَ لَكَ ἵνα αἰώνιον αὐτὸν (فل 15)
افْتَرَقَ أُنِسِيمُس العبد عن فِلِيمُونَ سيده فترة هروبه، وسِجنه، بل وسيعود مرة أخرى إلى مار بولس مفْتَرَقًا عن سيده، وعن كل هذا الزمن قال مار بولس افْتَرَقَ عَنْكَ إِلَى سَاعَةٍ، وربما تمتد هذه الفترة إلى نهاية العُمر، فيُعلمنا مار بولس إن حياتنا على الأرض ساعة لا تستحق كل هذا الاهتمام الذي نعطيه لدُنيانا، فهو لا يُقاس بالحياة الأبدية.
لِكَيْ يَكُونَ لَكَ إِلَى الأَبَدِ: بإيمان أُنِسِيمُسَ سيصير أخًا لفليمون إِلَى الأَبَدِ، وهنا يرفع أفكاره إلى الإخوة الأبدية التي سنحياها معًا في الملكوت.
لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخًا مَحْبُوبًا. (فل 16)
لاَ يَعُدْ كَعَبْدٍ οὐκέτι ὡς δοῦλον
بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْد ἀλλ ὑπὲρ δοῦλον
أَخًا مَحْبُوبًا ἀδελφὸν ἀγα πητόν (فل 16)
يفرح مار بولس بأخوة أُنِسِيمُسَ الذي اعتمد وصار مسيحيًا ابنًا لله، فيكون أخًا لنا جميعًا، وفرح الرسول بأُخُوَّته الأبدية.
نعم فالأبوة الروحية لا تَلغي الأُخوة الأبدية بيننا جميعًا، تحت أُبوة الله. وبالتالي أُخوتنا بعضنا لبعض لا تَلغي وجود آباء روحيين يقودوننا في طريق الروح.
أَخًا مَحْبُوبًا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا!
ولاَ سِيَّمَا إِلَيَّ،μάλιστα ἐμοί،
فَكَم بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ πόσῳ δὲ μᾶλλον σοὶ
فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًاκαὶ ἐν σαρκὶ καὶ ἐν κυρίῳ (فِلِيمُون16)
عظيمٌ مار بولس يفهم التواضع فهمًا صحيحًا، فالاتضاع هو معرفة النفس على حقيقتها، وليس هو صِغر النفس. فالرسول يُدرك قيمته، فإذا هو في هذه السن، والدرجة الرسولية العالية، والجنسية الرومانية السامية أمام المجتمع، يفرح بأن يدعو أُنِسِيمُسَ أَخًا مَحْبُوبًا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ فِلِيمُونَ ينبغي أن يفرح بإخوته لأُنِسِيمُسَ جَسَدِيًا وروحيًا "فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ".
فَإِنْ كُنْتَ تَحْسِبُنِي شَرِيكًا εἰ οὖν με ἔχεις κοινωνόν
فَاقْبَلْه προσλαβοῦ αὐτὸν
نَظِيرِي ὡς ἐμέ (فِلِيمُونَ17)
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
في العددين 19،18 يقول الرسول:
ثُمَّ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذلِكَ عَلَيَّ.
ثُمَّ إِنْ بِشَيْءٍ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ εἰ δέ τι ἠδίκησέν σε
أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ، ἢ ὀφείλει
فَذلِكَ عَلَيَّ احْسِبه τοῦτο ἐμοὶ ἐλλόγα (فِلِيمُونَ18).
أنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي، أَنَا أُوفِي.
حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا. " (فل19)
هنا أمسك مار بولس القلم بيده، وبدلًا أن كان يُملي هذه الرسالة ليكتبها أُنِسِيمُس بخَطِّه. فقد كانت عادته أن يُملي رسائله جميعها لتُكتب بخط تلاميذه إلا أنه أمسك القلم بيده وكتب بخطه: "إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ. أَنَا بُولُسَ كَتَبْتُ بِيَدِي أنَا أُوفِي." (فل19،18) كتبها بخطه لتكون وثيقة عليه وأرسلها إلى فليمون مسجِّلًا فيها اسمه.
إنها وثيقة تجعل أُنِسِيمُسَ بريئًا من ذنبه ومن الدين الذي عليه.
وتجعل مار بولس هو المديون البديل الملتزم بالسداد، وكأن الرسول وضع نفسه هنا موضع المخطئ في حق سيده، إنها صورة رائعة فيها يتمثل الرسول بولس بسيده رب المجد الذي أخذ صورة العبد ووضع نفسه مكان آدم المخطئ وحمل خطايانا، فقد تعلم مار بولس الدرس تمامًا وصار في صورة العبد لفليمون بدلًا من أُنِسِيمُسَ وحمل خطيئته وصار عليه أن يوفي الدين كبديل له.
أليست هذه صورة التجسد "آخِذًا صورة العبد."
أليست هذه صورة الفداء "الذي لم يعرف خطيئة صار خطيئة من أجلنا"
وهكذا حُسب مار بولس الرسول البريء في موقف المذنب.
وحُسب أُنِسِيمُسُ العبد المخطئ في صورة البريء الذي وُفَّى دينه
ما أروع أن نتعلم من الرب
ما أروع أن نتعلم من مار بولس الرسول هذا الدرس:
حَمَل صليب الآخرين ووَجَد لذة حقيقية. يحق لك أيها الرسول العظيم أن تقول "تمثلوا بي كما أنا بالرب" يحق لك أن تقول "وَأَنْتُمْ صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِنَا وَبِالرَّبِّ" (1تس6:1).
"حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ إِنَّكَ مَدْيُونٌ لِي بِنَفْسِكَ أَيْضًا." (فل19)
ἵνα μὴ λέγω σοι حَتَّى لاَ أَقُولُ لَكَ
ὅτι καὶ σεαυτόν إِنَّكَ أَيْضًا بِنَفْسِكَ
μοι προσοφείλεις لِي مَدْيُونٌ
قبل أن يفكر فليمون، السيد التقي متسائلًا هل مار بولس سيوفي الدين فعلًا أم لا، وقد أكد الرسول بأنه سيوفي، أسرع مار بولس ليضع الأمور في نصابها.
فهناك نوعان من الديون بينهما فرق واسع:
دين مادي: فيه فليمون هو الدائن ومار بولس صار مديونًا.
دين روحي: بالحياة كلها، فيه فليمون هو المديون والرسول هو الدائن.
وما أعسر السداد في هذه الحالة الأخيرة، فإن أعطى الإنسان كل ثروته لا يوفي شيئًا، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه. فإحساس فليمون أمام هذا الدين يجعل كل دَين آخر تافهًا لا يُذكر ومار بولس الرسول لم يطلب من فليمون إيفاء الدّين، إنها عودة إلى مثل الدائن المخطئ، وحاشا للقديس فليمون التقي أن يكرر نفس القصة بعد أن سامحه مار بولس بالدين الكبير أن يعود هو ليطالب أُنِسِيمُسَ بالدين الصغير، ففليمون الإنسان المبارك يكفيه أن مار بولس قد دخل كضامن لهذا العبد الهارب التائب ليسامحه تمامًا بكل شيء.
نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ.
أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ " (فِلِيمُونَ20)
ναὶ ἀδελφέ ، ἐγώ σου ὀναίμην ἐν κυρίῳ· ἀνάπαυσόν μου τὰ σπλάγχνα ἐν Χριστῷ.
أنه فرح مثلوث لا ينقطع، فرح في الرب فلا يتبدد:
1. فرحٌ لأُنِسِيمُسَ: بالحرية الحقيقية، بالإيمان المسيحي، بانتهاء الدّين الذي عليه، وقبول سيده له "لاَ كَعَبْدٍ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ أَخًا مَحْبُوبًا" (فِلِيمُونَ16)، فرح بكلمات الرسول المملوءة حنوًا "ابْنِي أُنِسِيمُسَ، الَّذِي وَلَدْتُهُ فِي قُيُودِي (فِلِيمُونَ10)، الَّذِي هُوَ أَحْشَائِي (فِلِيمُونَ12) أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ" (فِلِيمُون20)، لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ. (فِلِيمُونَ7).
2. فرحٌ لفليمون: فهو سبب بهجة الرسول وفرحه في الرب، فامتاز فليمون بعد إيمانه بأن صار إنسانًا معطاءً، والكتاب يقول "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ." وفليمون هنا وصل إلى ذروة العطاء، أعطى حرية لعبده، أعطى فرحًا لمار بولس، أراح أحشاءه في الرب، سامح السارق، وصار دائنًا لمار بولس الرسول المحبوب لقلبه.
3. فرح لمار بولس الرسول: كم هو فرح الراعي والخادم بعمل الله معه
فقد صار له فرح في الرب بالخادمين:
أ. بفليمون المطيع، الثمرة الطيبة، فهو عمله في الرب حتى قال "نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ." (فليمون20).
ب. بأُنِسِيمُسَ الذي طلب عنه "أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ" (فل20) إذ تحرر بواسطته من عبودية الشيطان والإنسان وصار معينًا له في الخدمة.
جـ. قدم صورة مسيحية رائعة عن تحرير العبيد لا بالثورات السياسية والاجتماعية بل بتغيير النفس البشرية، نفوس السادة والعبيد، إنها ثورة روحية تدخل بهدوء إلى حياة الناس وتُغير لا النظم الخارجية بل صُلب الحياة الداخلية، تُغير نظرة الازدراء من السادة للعبيد إلى نظرة أُخوة ومحبة ورقة، تغير كراهية العبيد تجاه السادة فتحول الخوف والرعب إلى عاطفة حب واحترام، وهكذا ينتشر تعليم المسيح بأن الجميع واحد فيه (مت21:8؛ يو17:21)،
إذْ أَنَا وَاثِقٌ بِإِطَاعَتِكَ، Πεποιθὼς τῇ ὑπακοῇ σου
كَتَبْتُ إِلَيْكَ، عَالِمًا أَنَّكَ ἔγραψά σοι، εἰδὼς ὅτι
أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ تَفْعلُ καὶ ὑπὲρ ἃ λέγω ποιήσεις
أهذه حكمة من القديس مار بولس الرسول؟
فلا يُحَمِّل الناس أكثر من طاقاتهم بل كراعٍ يعرف إمكانيات رعيته فيطلب ما هو في مقدورهم، ومار بولس يعرف تاريخ فليمون في العطاء. أم أنها كلمات التشجيع من القائد الناجح؟ التي تُفَجر طاقات الإنسان عندما يسمعها من راعيه؟ أم أنها هذا وذاك معًا، وفوق هذا إنها كلمات الله الخارجة من فم مار بولس التي لا ترجع فارغة بل تأتي بثمر كثير بعمل روح الله القدوس.
وما أروع الرسول بولس وهو يثق بمحبة فليمون له ويثق في طاعته
والطاعة وحدها تجعل الإنسان يعمل ما هو مطلوب منه،
أما الطاعة مع الحب فتجعل الإنسان يسير الميل الثاني وهكذا قال الرسول "عَالِمًا أَنَّكَ تَفْعَلُ أَيْضًا أَكْثَرَ مِمَّا أَقُولُ" (فليمون21)
أهذه ميزة في الراعي الواثق من محبة شعبه؟؟
أم هي ميزة في الشعب المحب لله وبالتالي المحب للرعاة؟؟
إنها ميزة في الاثنين معًا الراعي والشعب.
وَمَعَ هذَا، أَعْدِدْ لِي أَيْضًا مَنْزِلًا، لأَنِّي أَرْجُو أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ. (فليمون22)
علم مار بولس أنه سيخرج من الأَسْر بعد قليل.
أَنَّنِي بِصَلَوَاتِكُمْ سَأُوهَبُ لَكُمْ: شفاعة
يطلب مار بولس الرسول الصلاة من أجله كما في: (رو15: 30، 2كو1: 11، أف6: 19، في1: 19، كو4: 3، 1تس5: 25، 2تس3: 1، 2، عب13: 8)
يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَبَفْرَاسُ Ἀσπάζεταί σε Ἐπαφρᾶς
الْمَأْسُورُ مَعِي ὁ συναιχμάλωτός μου
فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، ἐν Χριστῷ Ἰησοῦ (فليمون23)
(كولوسى7:1)، (كولوسى12:4)
وَمَرْقُسُ، وَأَرِسْتَرْخُسُ، وَدِيمَاسُ، وَلُوقَا الْعَامِلُونَ مَعِي (فليمون24)
Μᾶρκος، Ἀρίσταρχος، Δημᾶς، Λουκᾶς،
οἱ συνεργοί μου
(أعمال12:12، 25)، (أعمال37:15-39)
(أعمال29:19) (أعمال 4:20) (أعمال 2:27)
(كولوسى10:4) (2 تى10:4، 11) (1 بط13:5)
نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ. آمِينَ. (فليمون25)
Ἡ χάρις τοῦ κυρίου Ἰησοῦ Χριστοῦ μετὰ τοῦ πνεύματος ὑμῶν
خاتمة الرسالة: كما بدأت بالسلام في المقدمة
"نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فليمون3)
هكذا تنتهي بإعطاء السلام في الخاتمة.
إلى فليمون كُتبت من رومية على يد أنسيمس الخادم.
_____
[21]كما وصف نفسه مرة ثالثه بالأسير ولكن في رسالة أخرى هي رسالة أفسس (أفسس1:3)
[22]وردت القصة مرتين (أع9:1-22؛ 22: 6-16) وأشار لها الرسول في (أع26:12-18)
[23]في رسالة مار بولس الرسول إلي تيموثاوس لقبه بـ: الابن الصريح في الإيمان (1تي1:2)
[24]تيموثاوس الأخ (فل1)كان تيموثاوس مع مار بولس أثناء كتابة الرسالة (كولوسي1:1)
[25]هذا أسلوب مار بولس أن يُشرك الآخرين معه في العمل ويمكن عمل بحث بعنوان روح الفريق في حياة مار بولس كخادم ويظهر هذا في (2كو1:1؛ في1:1؛ كو1:1؛ 1تس1:1؛ 2تس1:1).
[26]الخدمة التي قبلها من الرب هي الكهنوت وإن كان بواسطة الأسقف.
[27]رسالة العبرانيين لها طريقتها الخاصة في مقدمتها وليس في موضوع الشكر فقط.
[28]كما ظهر في قصة المفلوج التي قال فيها القديس... فلما رأي إيمان الأربعة قال للمفلوج قم
[29] في معظم رسائل القديس بولس نجد عبارة مشجعة في بدء الرسالة تتناسب مع المرسل إليهم تلك الرسالة (رومية1:8؛ 1كو 1:4؛ فيلبي1:5؛ كو1:4؛ 1تس 1:3؛ 2تس 1:3-5).
[30]قصة التجلي جاءت في (متي17:1-13)، (مرقس9:7-13)، (لوقا9:28-36)
[31]نَعَمْ أَيُّهَا الأَخُ، لِيَكُنْ لِي فَرَحٌ بِكَ فِي الرَّبِّ. أَرِحْ أَحْشَائِي فِي الرَّبِّ. (فل20)
← تفاسير أصحاحات رسالة فليمون: مقدمة | 1
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص يوحنا فايز زخاري |
مقدمة رسالة فليمون |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/philemon/chapter-01.html
تقصير الرابط:
tak.la/amph73v