مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس

1- مقدمة

 

موسيقية الألحان القبطية

"مقال كتبه جورج كيرلس

 خصيصا للموسوعة الروسية الأرثوذكسية المجلد رقم 37"

 

· مقدمة Literature

يمكن توصيف "الموسيقى القبطية" طبقًا لما جاء بالموسوعة القبطية بأنها "تعبيرًا عن فخر وإيمان مستمر ما زال حيًا لليوم بين الأقباط كأثر لتقليد حقبة قديمة، وهي أحادية الصوت تُرنم بدون مصاحبة آلية "آكابيلا" من الرجال فقط باستثناء بعض المردات تُسند لكل الشعب، ويمكن توظيف الناقوس الصغير والمثلث لمصاحبة ألحان محددة في بعض الخدمات"[1].

والألحان القبطية هي أقدم تراث موسيقى موجود بالعالم الآن، فهي كائنة منذ نحو ألفي سنة، نغماتها محفوظة في قلب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر بالتقليد الشفاهي Oral Tradition، وضروبها Droub “Rhythms” وأوزانها Time signatures ترسخت في أفواه المرتلين Cantors والإكليروس Clergy. فهي ذخيرة مكونة من أكثر من 1048 لحن تم تسليمها جيلًا بعد جيلٍ من خلال مرتلين Cantors لديهم القدرة على إختزان هذا الكم الكبير من الألحان المتنوعة في مقاماتها Scales وصياغتها Composition forms وقفلاتها Cadences، لكي ما يتم ترنيمها في 35 مناسبة طقسية Ritual Rites على مدار السنة الواحدة، حتى أن بعض هذه الأحان تنشد مرة واحدة في السنة كمثال تلك التي يُسَبح بها في يوم الجمعة العظيمة Holy Friday التي تعد تذكارًا لصلب ودفن السيد المسيح.

جدول يُبَيِّن عدد الألحان القبطية في المناسبات المختلفة

St-Takla.org Image: Listing of the number of ancient Egyptian (Coptic) Hymns recited in various occasions (prepared by the Eng. George Kyrillos with the help of Mr. George Atif of the David Ensemble). صورة في موقع الأنبا تكلا: جدول يبين عدد الألحان القبطية فى المناسبات المختلفة (إعداد م. جورج كيرلس، مع أ. جورج عاطف من فريق دافيد) - من مقال موسيقية الألحان القبطية - م. جورج كيرلس.

وبالرغم من أن تراث الألحان القبطية يعد ميراثًا روحيًا مخصص للعبادة في داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أنحاء العالم، إلا أنه بسبب عمقه التاريخي والحضاري النابع من جذوره الفرعونية وبسبب جَماله الموسيقى وروعة وعذوبة جُمله الموسيقية، صار هذا التراث محط أنظار العالم وصارت المهرجانات العالمية تطلب إستضافته في إحتفالاتها الموسيقية كأيقونة لها قيمتها الروحية والتاريخية والموسيقية على حد السواء، حتى أن هناك فرق موسيقية كـ"فرقة دافيد" صار لها صيتٌ ذائع في المشاركة في هذه المهرجانات في كل انحاء العالم لتميزها بدقة ادائها الروحاني والعلمي لهذه الألحان.

ولأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صاحبة هذا التراث الموسيقى شغلها الشاغل هو التعبد بهذه الألحان وجعلها وسيلة للسمو بالمشاعر الروحانية للمؤمنين الذين جاءوا لحضور الصلوات الليتورجية Liturgical في الكنيسة، لذا أ غفل الكثير التعمق في موسيقية هذه الألحان والتي تعتبر من الناحية العلمية هي أصل العلوم الموسيقية في منطقة الشرق الأوسط إن لم يكن في كل أنحاء العالم، حيث ذُكِر" أنه كان عند قدماء المصريين معاهد ومدارس لتعليم الموسيقى والغناء، وأفضل هذه المعاهد والمدارس كانت في مدينة "منفيس" (سقارة)، وأنه توجد صور ونقوش تبين تعلم العازفين والعازفات والمغنيين والمغنييات مهنة الموسيقى. وكان الممتازون من خريجي هذه المعاهد والمدارس يُطلبون للعمل في بلاط الملوك وفي منازل الوزراء وكبار رجال الدولة"[2]

أيضًا علوم الموسيقى بكافة أشكالها الإيقاعية والهارمونية وموسيقى الشعر من بحور وأوزان درسها موسى النبي عندما تربى في بلاط فرعون منذ نحو أربعة آلاف سنة حسب ما كتب المؤرخ "فيلون" Philon اليهودي السكندري (22 ق.م – 54 م) في كتابه "حياة موسى النبي.

ولما جاء إلى مصر القديس "مرقس الرسول" كاروز الديار المصرية وأحد السبعين رسول الذين عينهم السيد المسيح، أسس مدرسة اللاهوت بالإسكندرية وخصص بها قسمًا للموسيقى لكي يظل التسبيح والموسيقى علمًا، ثم ألف أول قداس إلهى الذي نُسب فيما بعد للقديس كيرلس الكبير[3]، ليضع بين ألحانه كل ما تسلمه من فم السيد المسيح، هذا إلى جوار ما تم تأليفه من ألحان آنذاك. فقد تسلم القديس مرقس هذه الألحان من السيد المسيح شخصيًا في "عِليّة أورشاليم" حيث كانت هي بيت أسرة مارمرقس وكانت مكانًا مقدسا للبروفات Rehearsals التسبيحية للسيد المسيح مع تلاميذه الأطهار إذ يقول الكتاب: "ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" (مرقس 14: 26) مؤسسا بذلك أول خورس للتسبيح في العهد الجديد، إذ كان يطرح المزمور بصوته العذب ويجاوبه تلاميذه قائلين "هلليلويا". وقد كتب المؤرخ الكنسي الأسقف يوسابيوس القيصري نقلًا عن "فيلون Philon" المعاصر للرسل يقول واصفًا التسبيح أيام الرسل في مصر:

"وهكذا لا يقضون وقتهم في تأملات فحسب بل أيضا يؤلفون الأغاني والترانيم لله بكل أنواع الأوزان والألحان ويقسمونها بطبيعة الحال إلى مقاييس مختلفة"[4].

إلا أن الإبداع التأليفى للألحان لم يتوقف عند ذلك الزمن بل تعداه، فألف القديس أثناسيوس الرسولي البطريرك العشرون (326 م - 373 م) ألحانا يذكر من بينها اللحن الرائع "أومونوجينيس" "أيها الوحيد الجنس" الذي يقال في الساعة السادسة من يوم الجمعة العظيمة. وهكذا استمر التأليف والإبداع حتى تأسست معظم الألحان القبطية في الثلاثة قرون الأولى الميلادية بشكل علمي روحاني، ليرددها القديسين وكل الأقباط في كل العصور حتى يومنا هذا.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[1]Aziz S. Atiya- Editor in Chif -The Coptic Encyclopidia Vol 6 –Macmillan 1991- page 1715

· [2] نبيل كمال بطرس -"الموسيقى القبطية في مصر وصلتها بالموسيقى الفرعونية"- رسالة ماجستير - كلية التربية الموسيقية – جامعة حلوان - سنة 1976.

[3] قداسة البابا شنودة الثالث، "ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول"، القديس والشهيد- الطبعة الثالثة 1985 

[4] الأب متي المسكين: "التسبحة اليومية ومزامير السواعى" دراسات في التقليد الكنسى- الكتاب الرابع- الطبعة الثالثة-1993-دير القديس أنبا مقار برية شهيت. 

التأليف

موسيقية الألحان القبطية مقالات م. جورج كيرلس

الفهرس

---