St-Takla.org  >   articles  >   fr-seraphim-al-baramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي - تاريخ المقال: 4 يناير 2013

85- ميلاد ابن الله

 

تطالعنا بعض الأناجيل (متّى ولوقا) برحلة يوسف ومريم إلى مدينة بيت لحم لأجل الاكتتاب (التعداد) الذي أَمَرَ به أوغسطس قيصر. كان الاكتتاب يتمّ في اليهوديّة لتقييم الضرائب المُسْتَحقّة، الأمر الذي كان يحدث في مختلف أرجاء الإمبراطوريّة كلّ أربعة عشر عامًا، ولكن لتجنيد الفتيان، بالإضافة لتقييم الضرائب.

بيت لحم، تلك البقعة الخصيبة المرتفعة عن سطح البحر بما يربو من 2500 قَدَم، كهضبةٍ بين قمّتيْن وكأنّها بتعبير أحدهم: “كمسرحٍ بين الجبال”. كانت بيت لحم، آنذاك، على موعدٍ مع التاريخ؛ فالقرية الصغيرة النائية التي شهدت طفولة داود وعشقه الأوّل للطبيعة، والتي احتضنت رعايته لخراف يسّى والده، وتراتيله التي كان يُناجي فيها سماء يهوه وشموسه، تتأهَّب لاستقبال ملك الخليقة وربّ داود.

أَلَمْ تشهد بيت لحم مِسحة داود بيدِّ صموئيل؛ ذاك الغلام الذي كان موضع مسرّة الربّ، كسبق نبوّة عن اقتبالها الابن الوحيد؛ مسيحُ الربّ.

ولكن، ألم يكن من الممكن أن يُطْلِق أغسطس اكتتابه بعد ميلاد الطفل حتّى يهنأ يسوع بمولدٍ في بيتٍ مُعدٍّ لاستقباله؟؟ يبدو وكأنّ السماء كانت تقود دفّة الأمور لتؤهِّل مدينة داود لتصِر بحقٍّ مدينة الملك العظيم؛ « أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ » (مي5: 2).

بيت لحم التي نبت من أرضها عوبيديا، وعلى أطرافها دُفنت راحيل وسط أحزان يعقوب على رفقة العمر، وكانت مُستقرًّا لراعوث وبوعز، تشرع أبوابها لدخول ملك المجد ولكن في ثيابٍ لا يبدو عليها المجد!!

أقدم ذِكْرٍ لبيت لحم ورد في نصوص تلّ العمارنة (القرن الرابع عشر قبل الميلاد)، في إشارة إلى كونها بيت لحي؛ آلهة البئر في النقب.

انطلق يوسف برفقة مريم، من النّاصرة إلى بيت لحم؛ رحلة تتجاوز التسعين ميلاً مسافةً، والخمسة أيام زمنًا، إلاّ أنّ امرأة في أواخر أيام حملها، كان يصعب عليها ما تلاقيه من عناء منحدرات الطريق واهتزازات الدّابّة وشمس الظهيرة وصقيع الليل، بيد أنْ قلبًا مثل قلب مريم كان يتغلّب على عناء الجسد بأنشودة العلي؛ مُعظِّمةً الربّ الناظر إلى اتّضاع أَمَته. أمام كرامة الحَبَل ومجد المولود قبل الدهور تتلاشَى أتعاب الجسد ويتبدّل أنينه شوقًا لمعاينة نبت الرَحِم وكلمة الألوهة. حقًّا ليس حبنا للعذراء مريم هباءً وعبثًا، فقد أظهرت حُبًّا وجَلَدًا فائقًا منذ بدء البشارة وحتى منتهى الآلام، وصارت جديرة بلقب والدة الإله.

كان ليوستين الشهيد وكذلك أوريجانوس رأيًا بخصوص مولد يسوع؛ إذ قالا بأنّه وُلِدَ في مغارةٍ على تخوم بيت لحم، وبداخلها يوجد المذود. ومن بعدهم جاء جيروم مؤكِّدًا الأمر مشيرًا إلى أنّ المغارة قد تحوّلت إلى بازيليكا على يدِّ الإمبراطور قسطنطين، وقد تهدّمت بفعل ثورة السامريين 529م وقد أعاد بناءها جوستنيان.

لقد كانت بيت لحم، شوقًا للقديسة باولا، المرأة الرومانيّة ذات الشرف والأصول الملكيّة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- فتركت رومة وقدّمت حياتها تكريمًا لمولود بيت لحم. لقد قال عنها جيروم في أطول رسائِله: “إنّها فضّلت بيت لحم على كلّ نعيم رومة، واستبدلت زخارف قصرها المُذهّبة بكوخٍ مطليٍّ بالطين”. لقد استوعبت درس بيت لحم وعاشت به وماتت بين أكواخ القريّة الفقيرة؛ هناك عاينت المسيح، بالقلب، وقد تسلّمت سرّ التجرُّد.

لقد كُتب على ضريحها عقب موتها، كما سرد لنا جيروم:

في هذا الضريح ترقد حفيدة شيبيون

وابنة بيت بولينوس العريق

وفرع من الغراكي من نسل أجاممنون العظيم

هنا تستريح السيّدة باولا حبيبة والديها وابنتها يوستوكيا

إنّها الأولى من سيّدات رومة

تختار معاريج بيت لحم حُبًّا في المسيح

هنا قبر باولا محفورًا في الصّخر

لتكن نفسها في السّماء

تخلّت عن رومة وعن كلّ صداقاتها وثرواتها

وأتت لتستقر في هذا المكان القفر

حيث مهد المسيح

الذي قَدِم إليه الملوك وسجدوا له وقدّموا هدايا

بقدر ما صمتت الجموع أمام مولده، بقدر ما صمت الإنجيليّون. لماذا توقّفَت أحبارهم وريشتهم عن شرح تلك اللّحظات الفريدة التي كانت بمثابة فجرًا نديًّا للبشريّة؟؟ لا أعرف. هل صمتهم كان خشية الاستطراد حول ميلاد المسيح لئلا يكون عثرة أمام قبول حقيقة ألوهته؟!! أم أنّهم لم يحصلوا على معلوماتٍ كافية؟؟ قد يرجع ذلك لكون صمت مريم العذراء كان القانون الذي حفظت به بهاء السرّ في قلبها، كذلك يبدو وأنّ المسيح لم يسترسل في ذِكْر حياته الخاصّة قبل ظهوره لبني إسرائيل في الأردن. لم يكن الربّ يسوع يتحدّث عن مولده بالجسد لأنّ مولده الحقّ الذي أراد أن يحرث بذاره في القلوب، هو ميلاده فينا يوم نقبله بالقلب والحياة. ولعلّ هذا هو السبب الذي جعل يوحنّا يستهل إنجيله بالحديث عن ميلاده الأزلي مقترنًا بصيرورته جسدًا ليأتي لنا بالنعمة والحقّ.

لقد أورد الإنجيليّون مولد الكلمة في عبارة مقتضبة لا تُشْبِع نهم عُشّاق المُخلِّص للتعرُّف عليه بدءًا بأولى لحظات خروجه إلى زمن الإنسان المخلوق. كم كنّا في حاجة لمن يصف لنا الميلاد لحظة بلحظة ليُعطِّر وعينا الجديد بعطر التجسُّد؛ فالكلمات راحة للقلب المتشوِّق لوجه المحبوب.

في الإنجيل نلاقي الربّ يسوع؛ وذلك “لأنّ الجهل بالكتاب هو جهلٌ بالمسيح” عينه، هكذا كتب القديس إيريناؤس. لاقيناه على البحيرة يصارع الطبيعة، لاقيناه على قارب في عرض البحر يملأ الشباك الخاوية، لاقيناه على تلّة يعظ الجموع الجائعة إلى الحقّ، لاقيناه في بيوت الأثمة والخطاة ينتشل غرقى الموت، لاقيناه على قارعة الطريق يخلق بصائر جديدة، لاقيناه في أروقة الهيكل يزيل أتربة التديُّن الزائف عن لفائف التوراة، لاقيناه على جبل التجلي يطلق لاهوته منيرًا كسرٍّ، فقط لأحبائه، لاقيناه في العُليّة يصنع عهدًا جديدًا، لاقيناه في المحاكمة يقبل جريمة الإنسانيّة، كما لاقيناه مُدانًا ليرسل البرّ للإنسانيّة، لاقيناه على الصليب ليخلق كونًا جديدًا، لاقيناه في القبر ليفُكّ أصفاد أسرى الدهور، لاقيناه على جبل الزيتون ليصعد بإنسان الله إلى الآب.. وكم كنّا في شوقٍ لنلاقيه في بيت لحم لنتوقّف عنده قليلاً متأمِّلين في صفاء السرّ لنُقدِّم تراتيلنا مع أناشيد الملائكة. ولكن يبقَى سرّ التجسُّد مختومًا لنا، لا نلمس منه سوى الأهداب، ولا نرتشف من آباره سوى القطرات المتناثرة.

كان اختياره مكان الميلاد وطريقة الميلاد ورفقة الميلاد مبادئ أراد أن يرسيها في أولى كلمات تعاليمه لنا؛ فالحياة الجديدة لن تنسكب في الأواني المُذهّبة ولن تتفتّح أزهارها تحت أضواء مصطنعة ولن تُحقّق توقعات البشر بألوهة القوّة وتسامي الملوكيّة؛ فالمزود مبدأ يبدأ في التثبُّت منذ الآن فصاعدًا كأحد أعمدة الإيمان الجديد. لذا فإنّ مَنْ لم يستطِع اكتشاف المسيح ملكًا في قماط الطفولة في بيت لحم، يصعب عليه الاعتراف بربوبيّته عند الصليب.

لقد وُلِدَ يسوع على مِزودٍ خشبيٍّ وصُلِب على صليبٍ خشبيٍّ، وبينهما عَمَل نجّارًا. وكأنّه يريد أن يُطهِّر الأشجار من لعنة آدم، حينما اقتطف منها، قديمًا، ثمرة العصيان فيبست وتشقّقت في قلبه شجرة الحياة وظلّلها عُشب الموت. أمّا القديس كيرلس الكبير فيرى أنّ المذود الذي يحوي عَلَفَ الحيوانات قد استقبل المسيح وهو “الخبز الذي من السماء الذي هو جسد الحياة”، ليحوِّل طبائعنا من شكلها الحيواني إلى ألَق وبهاء الإنسان الجديد المخلوق على صورة خالقه.

يقول مالكوم ماجيريدج: “إنّ المسيح وُلِدَ في تلك الليلة في بيت لحم ليُجدِّد مخزون إيمان العالم”. بيد أنّ ما حدث هو تحوُّل نوعي بالانتقال من رجاء الأسير إلى معاينة إيمانيّة تُحقِّق الملكوت في صميم رجاء التحرُّر عينه. أي أنّ المخزون كان رجاءً مُقيّدًا تحوَّل إلى إيمانٍ بواقع حضور الله في عالم الإنسان بأدوات الإنسان.

لقد وُلِد يسوع، مُخلِّص العالم من قيد العالم..

وُلِد الخير الدهري من رحم الإنسانيّة الفقيرة..

وُلِد الراعي ليطلق صوته من غابة الوجود ليدعو قطعانه ويعطيهم أسماءً جديدة ويقودهم خارج غابة الشتاء القارص إلى مروج الربيع الدهري.

وُلِد المُحرِّر ليمحو نغمة العبوديّة من نشيد الإنسانيّة الذابل ذبول أغصان شجر الخريف من بعد العاصفة.

وُلِد الفرح لينزع ثياب الهموم عن أحبّائه، مَنْ يرتمون عند مزوده متدثّرين ببراءته.

وُلِد ليُجدِّد بعث ضوء نجوم الرجاء التي توارت خلف غيوم الشرّ.

وُلد يسوع ليُطبِّب البشريّة بأكسير الحياة بعد سريان سموم التعدّي ليل نهار، أكسيره وعدٌ بدماءٍ أنّ داء الخطيّة لن يدوم.

وُلِد ليفطم البشريّة من الزمان الحاضر ليتركوا لبن الطفولة إلى طعام البالغين بالإيمان مكانًا في مجلس القدّيسين.

وُلِد ليُنزِل قيثارات شعبه من على صفصاف الغربة ليرتّلوا ترتيلة المواطنة السمائيّة التي ألقت بأوتاد خيمتها في قلوب مَنْ قبلوه.

وُلِدَ ليُشيِّد معابد السلام في قلوب أحبّائه لتُرتَّل فيها ألحان الغفران إلى الأبد.

وُلِدَ لإحياء جُذوة النار أو بالأحرى لإعادة اكتشاف سرّ النار في قلب البشريّة، بعد أن ذبلت شرارتها.

وُلِد لكي يُعيد لُّغة الحنان والرحمة إلى لسان الإنسانيّة العجماء.

وُلِد يسوع لئلا يبقَى الإنسان طريدًا شريدًا هائمًا بلعنة قايين ووحشته.

وُلِدَ لكيما يرسل رنين الطُهر إلى مسامع الإنسانيّة ليتردَّد صداها، طاردةً العصيان.

وُلِد يسوع لينزع عار وريقات التوت وليستر عري الجنس البشري بجسده الخاص.

وُلِدَ يسوع ليخلق من باطن الكآبة هناءً، وليعيد التناغم بين الإنسان والكون بعد أن ضجر الكون من خطيّة الإنسان؛ فقد ضجرت الشمس من صراعات الظهيرة، وضجر المساء من قبائح الليل، وضجر السكون من صراخ المظالم، حتى لقد ضجرت القبور من رائحة الموت!!!

وُلِد يسوع دفئًا ونورًا وحبًّا ويقينًا وحياةً إلى أبد الدهور.

لقد عزف جبران أنشودة ميلادٍ كما لم يعزفها أحدٌ من قبل، رسم بقلمه لوحةً مزج فيها السرّ بالواقع.. الرمز بالحقيقة.. كلماته أشبه بأنغامٍ نستمع إليها، كما لمعزوفات الموسيقى، بالوجدان أكثر من العقل، والوجدان ينقل خبرة ميلاد يسوع الطفل عبر شريان المشاعر إلى أعمق أعماق النفس والروح لتحفرها نقشًا لا تمحوه نقرات الموت مهما اشتدّت. يقول جبران: “كان اليهود يترقّبون مجيء عظيم موعودٌ به منذ ابتداء الدهور ليُخلِّصهم من عبوديّة الأمم، وكانت النفس الكبيرة في اليونان ترى أنّ عبادة المشتري ومينرفا قد ضعفت، فلم تعد الأرواح تشبع من الروحيّات، وكان الفكر السامي في روما يتأمّل فيجد أن ألوهيّة آبولون أصبحت تتباعد من العواطف، وجمال فينوس الأبدي قد أخذ يقترب من الشيخوخة، وكانت الأمم كلّها تشعر على غير معرفة منها بمجاعة نفسيّة إلى تعاليم مترفِّعة عن المادة وبميلٍ عميق إلى الحريّة الروحيّة التي تُعلِّم الإنسان أن يفرح مع قريبه بنور الشمس وجمال الحياة. تلك هي الحريّة الجميلة التي تخوِّل الإنسان أن يقترب من القوّة غير المنظورة بلا خوفٍ ولا وجلٍ بعد أن يقنع الناس طرًّا بأنه يقترب منهم من أجل سعادتهم.. ففي ليلة واحدة، بل في ساعة واحدة، بل في لمحة واحدة تنفرد عن الأجيال، لأنّها أقوى من الأجيال، انفتحت شفاه الروح ولفظت ‘كلمة الحياة’ التي كانت في البدء عند الروح، فنزلت مع نور الكواكب وأشعّة القمر وتجسّدت وصارت طفلاً بين ذراعي ابنة من البشر، في مكانٍ حقير، حيث يحمي الرعاة مواشيهم من كواسر اللّيل.. ذلك الطفل النائم على القشّ اليابس في مذود البقر -ذلك الملك الجالس فوق عرشٍ مصنوعٍ من القلوب المثقّلة بنير العبوديّة، والنفوس الجائعة إلى الروح، والأفكار التائقة إلى الحكمة- ذلك الرضيع الملتف بأثواب أمّه الفقيرة قد انتزع بلطفه صولجان القوة من المشتري وأسلمه للراعي المسكين المتّكئ على الأعشاب بين أغنامه، وأخذ الحكمة من مينرفا برقّته ووضعها على لسان الصيّاد الفقير الجالس في زورقه على شاطئ البحيرة، واستخلص الغبطة بحزن نفسه من آبولون ووهبها لكسير القلب الواقف مستعطيًا أمام الأبواب، وسكب الجمال بجماله من فينيس وبثّه في روح المرأة الساقطة الخائفة من قساوة المضطّهِدين، وأنزل البعل عن كرسي جبروته وأقام مكانه الفلاّح البائس الذي ينثر في الحقل البذور مع عرق الجبين.. هذا الحبّ العظيم الجالس في هذا المذود المنزوي في صدري، هذا الحبّ الجميل الملتف بأقمطة العواطف، هذا الرضيع اللّطيف المتّكِئ على صدر النفس قد جعل الأحزان في باطني مسرّة، واليأس مجدًا، والوحدة نعيمًا. هذا الملك المتعالي فوق عرش الذات المعنويّة قد أعاد بصوته الحياة لأيامي المائتة، وأرجع بملامسة النور إلى أجفاني المقرّحة بالدموع، وانتشل بيمينه آمالي من لجّة القنوط. كان كلّ الزمن ليلاً.. فصار فجرًا وسيصير نهارًا لأنّ أنفاس الطفل يسوع قد تخلّلت دقائق الفضاء ومازجت ثانويات الأثير. وكانت حياتي حزنًا فصارت فرحًا وستصير غبطة لأنّ ذراعي الطفل قد ضمّتا قلبي وعانقتا نفسي.”


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/birth.html

تقصير الرابط:
tak.la/4f5v24p