St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 21 مارس 2015

74- من وحي الصوم الكبير (7): لا تمشوا بوجهين

 

St-Takla.org Image: Duplicity, dualism, wearing a mask - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, South Africa, 2007 صورة في موقع الأنبا تكلا: ثنائية، ازدواج شخصية، ماسك، ارتداء قناع - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت، جنوب أفريقيا، 2007

St-Takla.org Image: Duplicity, dualism, wearing a mask - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, South Africa, 2007

صورة في موقع الأنبا تكلا: ثنائية، ازدواج شخصية، ماسك، ارتداء قناع - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت، جنوب أفريقيا، 2007

من أهم  المحاذير التي حذَّرنا منها السيد المسيح هو الرياء، فقد تكلَّم السيد المسيح حديثًا طويلًا صبَّ فيه الويلات على الكَتَبَة والفريسيين لأنهم مراؤون: "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ.  وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ.." (إنجيل متى 23: 13، 14).  هذا الرياء هو ما تُحَذِّرنا منه الكنيسة أيضًا في الصوم الكبير عندما نقول: "ولا تمشوا أيضًا بوجهين".  فالإنسان صاحب الوجهين هو شخص مُرائي، مخادِع، يميل إلى الكذب والدهاء..  فهو شخص يتقن ارتداء الأقنعة، تجده يتكلَّم معك بأسلوب وكلام معين، ومع غيرك عكس ذلك..  تجده يَتَصَنَّع الصدق والمحبة والمشاعر الطيبة لكي يخدع مَنْ يتعامل معه..  ينطبق عليه قول السيد المسيح: "أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي" (إنجيل متى 23: 33).  فمن مميزات الحية التي تساعدها على الهرب وتقليل فرص اصطيادها، وتُكْثِر صور من فرص ضررها للبشر وللآخرين، أنها تتلوَّن وتأخذ لون السياج الذي تمشي عليه، مثلها مثل الحِرباء التي تأخذ لون المكان الذي تقف عليه، فَيَصْعُب صيدها أو الانتباه إليها..

الإنسان ذو الوجهين من الصعب أن تمسك عليه خطئًا واضِحًا؛ لأنه يتلوَّن في كلامه وفي كل تصرفاته.  وما يحزننا أننا نجد بعض شعبنا المسيحي قد تلوَّن وتشكَّل بأهل العالم، وأخذ هذه الصفة الرديئة التي تهدم كيانه أمام مَنْ يتعاملون معه..  تجدهُ داخل الكنيسة يتصِف بكل صفات التقوى والورع والقداسة، وتجد لِسانه يقطر شهدًا..  لا يتكلَّم إلا بآيات الكتاب المقدس، وينطبق عليه الآية التي تقول: "لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 29)، ويلتمِس البعض بركته وصلواته، وعندما يقصده البعض من أجل الصلاة لهم، تجده يتسِم بالورع والوقار والروحانية والقداسة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.  وتشعر أنك أمام أحد قديسي الكنيسة الأوائِل الذين نضع أمام أيقوناتهم الشموع والقناديل، ونقول: «طوبى لِمَن يحيون مع هذا الشخص في نفس المنزل، فهؤلاء يتمتعون بكل هذه التقوى والروحانية والقداسة..  ولذلك فهم يحيون السماء على الأرض»..  ولا ندري ماذا يحدث في حقيقة الأمر!  وعندما نذهب إلى البيت نجد الوجه الآخر تماما، صورة مُخالِفة تمامًا لِما نراه في الكنيسة..  النرفزة والصوت العالي والغضب والألفاظ الجارِحة، وكثرة الطلبات، والتمرد على كل شيء، والكراهية لأهل البيت، ومشاهدة التليفزيون لأوقات متأخرة، والسعي نحو المعرفة الضارة..  وما إلى غير ذلك من التصرفات العكسية لِما نَتَجَمَّل به أمام الآخرين في الكنيسة.  نَقِف في الكنيسة نَعِظ ونُعَلِّم ونُوَبِّخ ونُنْذِر ونرشد ونُوَجِّه، ويتمتِم السامعين: «هذا الإنسان هو رجل الله بالفعل، ويحيا في عُمق الروحانية».  ولكن في البيت والعمل والشارع والمجتمع، نرى شخصًا مخالِفًا لِما نراه في الكنيسة!  نتكلَّم بالآيات ولا نُطَبِّقها على أنفُسنا، كَمِثل مَنْ وقف يُعَلِّم ويَعِظ بأن "مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ" (إنجيل لوقا 3: 11)، وعندما رجع إلى المنزل ووجد زوجته نَفَّذَت قوله وكلام الإنجيل، تَشاجَر معها وقال له: «هذا الكلام نَعِظ به الآخرين فقط، ولا ينطبِق علينا»!

فَليعطنا الرب أن نصلح أنفسنا، لكي يكون لنا الوجه الواحد والسلوك المسيحي السليم الذي يُعَبِّر عن عُمْق حياتنا الروحية مع المسيح، الذي له كل المجد والإكرام.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/two-faces.html

تقصير الرابط:
tak.la/f3gjpr8