St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 25 فبراير 2015

57- التجربة

 

St-Takla.org Image: Resist the devil (Satan) and he will flee from you (James 4:7), Arabic Bible Verse art صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ." (رسالة يعقوب 4: 7)، فن الآيات الكتابية

St-Takla.org Image: Resist the devil (Satan) and he will flee from you (James 4:7), Arabic Bible Verse art

صورة في موقع الأنبا تكلا: آية "قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ." (رسالة يعقوب 4: 7)، فن الآيات الكتابية

كثير من الناس ينسبون إلى الله نتيجة سوء تصرفاتهم وأفعالهم، ويغيِّرون الحقائق، ويتهمون الله أنه يجربهم بتجارب كثيرة ومتنوعة بل ومتلاحقة..  في حين أن الله الحنون ينظر إليهم بعين الرحمة والرأفة، كأم تخاف على أولادها..  فهو الذي قيل عنه: "هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ" (سفر إشعياء 49: 15).  وقد يصرخ البعض مُتَألِّمًا أو مُتَذَمِّرًا من حَمْل صليب المرض أو الضيق أو العَوَز، أو غيره من الضيقات التي يسمح بها الله من أجل منفعة الإنسان الروحية والأبدية..  فكلًا منا ينظر تحت رجليه، ويريد أن يحيا حياة سعيدة مُرَفَّهة بكامل الصحة والفرح، لا يعوزه أي شيء..  ناسين أننا نحيا في أرض الشقاء والتعب والمذلة التي طُرِدنا إليها، وهذا هو حُكم الله على البشر بأجمعهم: "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (سفر التكوين 3: 19).

فّإذا كانت الأرض لا تُعطي فرحًا، ولا راحة، ولا تسد احتياج المُحتاج أو غير ذلك من الأمور، فلماذا نتذمَّر في وقت الضيقة التي اتفق الكثيرين على تَسْمِيَتها "تجربة" - وهذا إن صحَّ ذلك التعبير- لأننا نجد مُعَلِّمنا يعقوب الرسول يوضح لنا خطأ هذا المفهوم بقوله: "لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا" (رسالة يعقوب 1: 13).  فالله الكُلي القداسة لا يُجَرِّبنا فوق ما نستطيع، لأننا من الممكن أنه بسبب سوء فِعلنا نكون قد تَسَبَّبنا في هذه التجربة: "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 13).

ومع ذلك فالله الحنون يشفق علينا، ويعطينا منافِذ كثيرة نستطيع من خلالها أن نتخطَّى هذه التجربة، حتى لو كانت في نظرنا المحدود غير مُحتملة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.  ولكنه يراها بعينه الإلهية أننا نستطيع أن نتحمَّلها، فيسمح بها لسبب تقوية إرادتنا وشخصيتنا، ولكي نتعوَّد على مواجهة الصِّعاب والتحدي.  والأهم من ذلك كله أن يشعر الإنسان بضعفه، فيصرخ إلى الله لطلب المعونة الإلهية بصوت باكي قائلًا: "اللهم التفت إلى معونتي، يا رب أسرع وأعنّي" (سفر المزامير 70: 1؛ 40: 13).  وهنا ينظر الله إلى هذا القلب الباكي والفم الصارِخ لطلب المعونة ويقول: "إِنِّي لَقَدْ رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ، وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ.." (سفر أعمال الرسل 7: 34).

فحتى لو كان الإنسان سببًا أساسيًّا في هذه التجربة لانجذاب قلبه إلى الخطية، يحوِّل الله الشر إلى خير، والضرر إلى صالح هذا الإنسان، لكي لا يفقِد الإنسان إيمانه وثقته بالله.  فإذا كنا نحن خطاة، نُجَرَّب من شهوات قلبنا، ومع ذلك نُطَوَّب من الرسول في قوله: "طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ" (رسالة يعقوب 1: 12)، فلماذا إذًا جُرِّب السيد المسيح على الجبل؟  لقد صعد بكامِل إرادته إلى الجبل لكي يُجَرَّب: "ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ" (إنجيل متى 4: 1).  صعد البار الذي بلا خطية لكي يُجَرَّب من أصل كل خطية..  صعد الإله لِيُجَرَّب من الشيطان المُخزي المحكوم عليه بالهلاك الأبدي..  صعد القوي الجبار ليُجَرَّب من الضعيف المخذول..  كل ذلك من أجل أن يُعَلِّمنا أن نصمد ضد مُغريات إبليس؛ هذه المغريات التي تُسَيطِر علينا من شهوة الجسد (الطعام)، شهوة العين (أعطيك ممالِك العالم)، تَعَظُّم المعيشة (تأتي الملائكة لتحمله على أيديها كملِك)..  أعطانا السيد المسيح مَثَلًا حيًّا لكي نقف حِيال مكائد العدوّ الشرير، وننتصر عليه كما هو انتصر على كل تجاربه الباطِلة.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/trial.html

تقصير الرابط:
tak.la/qtgdzw9