إن القداسة التي نقرا عنها كثيرا لا ترتبط بطول العمر والسنيين ولكن بالجدية والاتضاع ومعهما الغربة عن كل شيء. المثل الواضح الحقيقي لهذه القداسة المبكرة ما نقرأه عن الشابان الصغيران الروميان مكسيموس ودوماديوس أولاد الملك فالنتينوس فقد أكملا حياتهما المملوءة بكل فضيلة بعد أن أتمَّا كل وصايا الإنجيل كما ذكر عنهم فهم طبقوا المقولة الصغيرة "فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح" (في 27:1).
فالحياة حسب إنجيل المسيح تستلزم (المحبة – إنكار الذات – الاحتمال – الصبر علي الضيقات – الوداعة – طول الأناة – الاتضاع – المغفرة – المصالحة – السلام الداخلي – محبة الأعداء – الجهاد علي الدم – نقاوة النفس والفكر – طهارة الجسد والسيرة – الشكر – ضيافة الغرباء – كل ما ذكر في ( رو 12) – تعليم المسيح في (مت 5 و6 و7).
إذا فالحياة حسب الإنجيل هي تعني حياه القداسة ولذلك كان الإنجيل لهج لسان القديسين ليل ونهار. عاشوا ما فيه قبل أن يحفظوا كلماته ويتكلموا بها... عاشوا الجنة المغلقة والينبوع المختوم لذلك حينما سئل القديس فيلوكسينوس عن ملك هؤلاء الشابين الصغيرين ولماذا كان لا يذهبا إلى القديس أبو مقار المدبر الروحي لهم وكانوا يذهبون يوم الأحد لحضور القداس والتناول من الأسرار المقدسة في صمت تام ثم يرجعوا إلى مغارتهم في هدوء الملائكة لمده ثلاث سنين قال (لأن الكبير كان عمَّالًا كاملا متضعًا ولو كان قد مضي إليه لظهر كماله كما فكان يمجده، وأما الصغير فكان يتعلم من الكبير).
هي عبارة من عده كلمات ولكنها تحوي الكثير من المعاني العميقة وتعبر عن فلسفه حياتهما المخفية وعن الحكمة السماوية التي تكلم عنها معلمنا يعقوب الرسول ... كان عمالًا ليس في عمل اليدين فقط ولكن عمالا في فلاحه الملكوت في أرضه القلبية ينتهي ويفرز ما هو جيد ويروي بدموع عيني قلبه وتوبته المستمرة ويسهر يرعي البذرة النبتة إلى أن تصبح شجره (فضيلة) فارعه الجزع كثيرة الورق ومتعددة الثمار الناضجة أي ثمار الفضيلة وكان كاملا فالكمال المطلق هو لله وحده ولكن كلنا نعلم الفارق بين النسبي (البشري) والمطلق (الإلهي). فقد طلب السيد المسيح منا "فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت 28:5). ولقد جاهد القديس مكسيموس الشاب ذو العشرين عامًا في تحقيق الآية والوصية التي أعطاها معلمنا بولس الرسول إلى أهل كورونثوس في قوله "أيها الإخوة لا تكونوا أولادا في أذهانكم بل كونوا أولادًا في الشر وأما في الأذهان فكونوا كاملين" (1كو 20:14)
فالكمال البشري يتحقق في كمال تنفيذ وصيه السيد المسيح والحياة حسب الناموس الروحي الذي يبني الإنسان بناء روحيًا شامخًا وراسخًا علي قاعدتيّ الإنجيل وسيد الآباء الأوليين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فهذين هما ضفتي النهر الذين يحفظان مياهه من الضياع .. فعاشا في العمل الروحي الذي يعضده وصيه الإنجيل المحيية وتعاليم الآباء الشيوخ ليصل إلى الكمال المطلوب في نمو مستمر بسبب الاتضاع الذي كان نهجًا مشتركًا بينهما بل عاشوا بعمق ما قاله لسان العطر بولس "ولكنني اطلب إليكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولا واحدا ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأى واحد (1كو 10:1).
و لذلك كان الأصغر مطيعا للأكبر يتعلم منه كماله واتضاعه ويذكر الأب بيشوي كاتب سيرتهما والذي كان يعرفهما فتره من الزمن ( متى كان هذان القديسان يذهبان إلى الكنيسة لو يكونا يرفعان بعدها لينظرا وجه احد، بل كان وجهيهما إلى أسفل علي الدوام حتى يعودا إلى مغارتهما بسرعة وانتباه ولو رايتهما بهذا المنظر لقلت أن الله بالحقيقة يسكن في هذين الرجلين وفي الحقيقة كانا مثل إيليا ويوحنا المعمدان تسكن فيهما نار الروح القدس التي تحرق الشيطان الفاسد الذي للأرواح الشريرة التي تحارب جنسنا كل وقت دون خجل .... فحقا لساني ينطق ويقول طوباكم يا أبهات .. يا أولاد مقاريوس.. يا كواكب جبل شيهات ومصابيح دير البرموس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/maximos-domadios.html
تقصير الرابط:
tak.la/43nhfqq