تُعد فترة الخمسين يوماً التي تلي عيد قيامة ربنا يسوع المسيح من موته الذي ذاقه بالجسد من أخطر الفترات التي تمر علي حياتنا الروحية ما لم نتيقظ لها، وكأنها عدو كامن يسعي جاهداً لسرقة كل ما قمنا بإختزانه فترة الصوم الكبير و أسبوع الآلام.
فمن الملاحظ أن سلم آحاد الصوم الكبير يرتقي بنا من الجسد إلي الروح، ومن المشغوليات الأرضية الفانية إلي الكنوز السمائية الباقية، لذلك في نهاية هذة الرحلة الطويلة والجميلة يرتبط الإنسان بكل ما هو روحي، فلا ينشغل بالأكل و الشرب او كمياته و نوعياته، بل يكون كل إهتمامه كيف يتمتع بلقاء العريس السمائي ويذوق حلاوته وحلاوة العشره معه.
ثم تأتي فترة الخمسين يوماً المقدسة التي نحتفل فيها كل يوم إحتفالاً روحياً بقيامة رب المجد من الموت، فسرعان ماننسي ما هو روحي و نحوله إلي جسدي فقط، فينهمك الإنسان في تعويض فترة الصوم- او فترة الحرمان من المشهيات والملذذات كما يسميها البعض- فنتحه بكل جوارحنا و تركيزنا إلي الأكل والشرب بإفراط بالغ بحجة تعويض ما فُقد من بنية الجسم من عناصر غذائية فترة الصوم، ومع كثرة الأكل و الشرب يأتي كثرة النوم و الوخم والتراخي، فندخل إلي ما نسميه الفتور الروحي و تبرد حرارة الإنسان من عكس معادلة الروح والجسد.
فكنا في فترة الصوم لانهتم بالجسد فنمت الروح وعشنا بحرارة روحية، وفي الخمسين المقدسة فعلنا العكس، فإهتممنا بالجسد و إهملنا الروح لذلك تتضعف ونشعر بالتراخي و الفتور.
هذا يحدث للكثيرين في الوقت الذي ما زالت كلمات تحذير السيد المسيح التي سمعناها منذ أيام قلائل في ليلة ابو كليبسيس لملاك كنيسة اللاودكيين التي تقول:
[وأكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين هذا يقوله الأمين الشاهد الأمين الصادق بداءة خليقة الله. أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً ولا حاراً. ليتك كنت بارداً أو حاراً. هكذا لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً أنا مزمع أن أتقيأك من فمى ] (رؤ14:3_16). (الملاك السابع).
ومن هذة الآيات القلائل دعني اتحاور معك في النقاط التالية:
يقول المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث:
الفتور هو نقص فى الحرارة الروحية، والكتاب المقدس يطلب منا أن نكون [حارين فى الروح] (رو18:12).
فالإنسان الذى يحل فيه روح الله لا بد أن يكون حاراً فى الروح. تكون الحرارة فى قلبه، وفى حبه وفى صلاته وعبادته وخدمته، حرارة تشمل حياته كلها وكل مكان يحل فيه يلتهب بحرارته، يلتهب بنشاطه، وبالغيرة المقدسة التى فيه. غير أن كثيرون من أولاد الله الروحيين لا تستمر معهم الحرارة الروحية فيصيبهم الفتور. ولا يبقون على محبتهم الأولى وتكون هناك أسباب بلا شك قد أدت إلى هذا الفتور. أنهم يؤدون صلواتهم ولكن ليس بنفس الحب ولا بنفس العمق ولا بنفس الروح، وهم يقراءون الكتاب ولكن بلا تأثير ولا تأثر، وكذلك الإجتماعات الروحية والقداسات لم يعد لها نفس التأثير فى قلوبهم كما كانت قبلاً. أصبحت عبادتهم كأنها جسد بلا روح، لها صورة التقوى، وليس لها قوتها (2تى 5:3) يكلمون الله دون أن يشعروا بوجوده أمامهم ولا بوجوده فى حياتهم. وما أشد كراهية الله لهذا الفتور كما عبر عن ذلك فى سفر الرؤيا [هكذا لأنك فاتر، وليست بارداً ولا حاراً أنا مزمع أن أتقيأك من فمى ليتك كنت بارداً أو حاراً] (رؤ15:3).
هناك فتور عادى يحدث لجميع الناس حتى القديسين، وهناك فتور خطر يهدد الحياه الروحية بالسقوط، وهناك فتور نسبى إذا قورنت الحياه الروحية لشخص بحياته فى فترة أخرى والفتور العادى هو مظهر لطبيعتنا القابلة للميل التى لا تستقر على الدوام فى خط قوى دائم الإرتفاع.
أما الفتور الخطر فهو الذى يستمر مدة طويلة ويكون بعمق وبدون توبيخ داخلى. وقد يعتاده الإنسان فلا يبذل جهداً للقيام منه. وقد يلبس أحياناً ثياب الحملان.
مثال مهم على الفتور الخطر: كإنسان تعود على جو الكنيسة فأصبح بإعتياد يدخلها بلا هيبة لها ولا وقار وبلا خشوع منه ولا تأثر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد ينهي فيها ويأمر ويرفع صوته ويصيح. وربما يتخذ حجة حفظ النظام لكى ينتهر ويقسو، أو يقاطع الكاهن أو الشماس فى صلاته مصححاً خطأً نحوياً ويبحث فى كل ذلك عن روحانياته فلا يجدها، أو قد لا يبحث ظاناً أنه يفعل شيئاً حسناً... [مثل الشماس الذي كل إهتمامه فى القداس واقف على المذبح يفرز الورق، من به ترحيم ومن به طلبة، وقد يكون في هذا الورق شيئاً خاصاً بالشخص الذي كتبها لا يصح الإضطلاع عليها]. وهنا يكون قد تحول من الفتور إلى الخطية دون أن يشعر أو قد يشعر ويحاول تبرير ذاته، ويكون فى حالة الفتور هذه قد فقد وداعته أو فقد إتضاعه أو فقد إحترامه للمكان وإحترامه للأخرين.
كل ذلك ينطبق علي المنظمين للتناول و الموزعيين للفائف قبل التناول، وأكواب الماء بعد التناول بطريقة خاطئة تُحدث ضوضاء وتُفقد البعض مخافة بيت الله.
الفتور هو عملية هبوط. كيف؟ الفتور هو هبوط من الحب إلى الروتين ،أو الهبوط من الروح إلى العقلانية ،أو هبوط من فضائل الروح إلى ملاذ الجسد ،أو هبوط من الإنشغال بالله إلى الإنشغال بالناس.
الهبوط هو توقف عن الحركة، أو هو تعامل مع الله من الخارج وليس من الداخل، أو هو الإهتمام بالفضائل من حيث مقياس الطول وليس مقياس العمق. وهذا ليس على مستوى الفرد بل على مستوى الأسرة كلها.
فمثلاً الصلاة: المفروض فى الحياه الروحية أن تكون حباً لله، هذا الحب لابد أن يتخلل كل فضيلة من الفضائل...
• فأنت تصلى لأنك تحب الله وتقول [اشتاقت نفسى إليك يا الله كما تشتاق الأرض العطشانة إلى الماء] (مز63).
• أما فى حالة الفتور، فقد تتحول الصلاة إلى واجب، إلى فرض تؤديه لكى لا يتعبك ضميرك ويتهمك بالتقصير.
• وقد تصلى بغير رغبة وبغير عاطفة وبغير حرارة، وربما أيضاً بغير فهم. وتفقد عناصر الصلاة الروحية فلا تكون صلاة بإنسحاق وبخشوع، ولا تكون الصلاة بإيمان ولا بتأمل ولا بحب وإنما أنت تصلى بالشفتين فقط، وقد تحولت الصلاة إلى روتين.
• يظهر هذا العرض الاخير بطريقة ملحوظة فى فترة الخمسين.
• بعد أن كان قلبنا ملتهباً طوال فترة الصوم الكبير وحضور القداسات المتأخرة والسعى وراء أكثر القداسات تأخراً، والإلتزام بحضور قداس كل يوم حتى بعد العمل ونصلى صلوات المزامير بدون تقصير ولا تراخى وبكل تركيز ومشاعر ملتهبة، ووصلنا إلى الحرارة الروحية فى فترة اسبوع الآلام بمجرد أن نحضر قداس عيد القيامة ونسمع تمثيلية القيامة واخرستوس آنستى نقف فى الكنيسة نترقب الساعة ونعد الدقائق ونقول فى داخلنا لماذا تأخر القداس؟ بل بالأكثر من ذلك نجد بعد العيد القداسات تصلى لعدد محدود من الناس وتقل نسبة الحضور ويتراخى الإنسان فى حياته الروحية.
• ونجد الأم التى كانت تحرص كل الحرص على إيقاظ أولادها للذهاب إلى الكنيسة هى و هم، ينعكس الحال وننام ونتراخى ولا نحضر قداس ولا نصلى بالأجبية فى البيت ويصبح الإنسان يومه كله وخم وكسل ونطالب أن تكون القداسات سريعة ويحدث مالا يرضى عليه أحد وهو أن الإنسان يترك حرارته الروحية التى وصل إلى قمتها فى الصوم الكبير وبالأكثر اسبوع الآلام كما قلنا ويتراخى ويرجع إلى الوراء أضعاف ما حققه إلى الأمام [قارنوا الكنائس اليوم وما كانت عليه فى الصوم الكبير واسبوع الآلام].
• فى فترة الصوم الكبير يبدأ برنامج من نوعيات معينة من المأكولات ونمتنع فيه عن كل المأكولات الشهية والدسمة والمحببة للنفس ونرتقى بالفكر وبالجسد إلى أن نصل أن نمنع أنفسنا من الآكل الصيامى المحبب واللذيذ [حتى أنه صيامى] ونصل لذروة الإنتعاش الروحى فى أسبوع الآلام نأكل فيه فى وقت متأخر جداً ونقول "احنا مش هناكل إلا أكل خفيف وبقوليات ونأكل الدقة والعيش الناشف وما إلى ذلك......" ونمتنع عن آكل الفاكهة والحلويات..... بل يصل البعض أن لا يضعوا سكر فى أى مشروبات ونأخذ تداريب روحية عالية جداً ونشعر فعلاً بالإنتعاش الروحى وبمجرد حلول فترة الخمسين المقدسة ينقلب هذا النظام رأساً على عقب ونجد الأسرة بأكملها الكل يتكاتف ويتحالف مع الأكل والشرب.
• نجد الأم تقضى أوقاتاً كثيرة فى المطبخ لإعداد المآكولات وأطيبها وبكميات غير معتادة حتى نجد الفضلات منها بنفس مقدار ما اُكل وبدل من ثلاث وجبات تصبح خمس وجبات لدخول وجبتين ما بين كل وجبة والأخرى وبعد ذلك يشتكى الإنسان أنه "كسلان، حاسس بوخم وأسترخاء، وعدم رغبة فى الإستيقاظ ولا الصلاة، ولا الذهاب للكنيسة ولا حتى العمل".
• ونجد كل منا يريد أن ينام فترة أكثر من الأيام المعتادة ويبدأ التعب الجسدى والشكوى المستمرة من تعب المعدة وما إلى ذلك من ضغط وسكر وخلافه...... وكل هذا ولسنا نفكر أو نعلم أن السبب الرئيسى فى ذلك كله هو كثرة المآكولات وتبدأ معها الأحلام الدنسة والمزعجة والكوابيس وما إلى ذلك.....
هنا و يوضح لنا القديس غريغوريوس رئيس متوحدى قبرص سبب هذا فيقول: [الكبير البطن أحلامه الرديئة تكدر قلبه، والذى ينقص من أكله يصير فى كل وقت منتبهاً مثلما يظلم الجو من الضباب كذلك يظلم العقل إذا إمتلأت البطن من المأكولات].
و يقول أيضاً القديس يوحنا كسيان: [حينما تمتلئ المعدة بكل أنواع الطعام فذلك يولد بذور الفسق. والعقل حينما يختنق بثقل الطعام لا يقدر على توجيه الأفكار والسيطرة عليها فليس السكر من الخمر وحده هو الذى يذهب العقل لكن الإسراف فى كل أنواع المآكل يضعفه ويجعله متردداً ويسلبه كل قوته فى التأمل النقى. فإن كانت زيادة الخبز وحده أدت إلى مثل هذا السقوط السريع فى الخطية عن طريق رذيلة الشبع فماذا نقول عن أولئك الذين لهم أجسام قوية ويأكلون اللحم ويشربون الخمر بإفراط غير مكتفين بما تتطلبه حاجة أجسامهم بل ما تمليه عليهم رغبة العقل الملحة].
مثال آخر أيضاً هو القراءات الروحية: ما يقال على الصلاة فى حالة الفتور، قد يقال أيضاً عن باقى الوسائط الروحية:
• فتصبح القراءة للكتاب المقدس روتينية أيضاً تقرأ بغير فهم ولا تأمل وبغير تطبيق على حياتى الشخصية وبغير تداريب وبغير لذة فى كلام الله كما قال داود النبى: [فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة] (مز119) وإنما تُقرأ كروتين وواجب.
• لعل كل واحد منا بدأ حياته الروحية بالحب الإلهى ولكنه لم يستمر.... فلماذا؟
• ربما ما أوصلنا إلى هذا الفتور هو الإهتمام بالكمية وليس بالنوعية [فتحولت الممارسات الروحية إلى شكلية العبادة، ومحاولة لإرضاء الضمير الذي يؤنب الشخص علي إهماله و تراخيه].
• تريد أن تصلى عدداً من المزامير، وعدداً من الصلوات، وتريد أن تقرأ عدداً معيناً من الإصحاحات [وتضرب عدداً محدداً من المطانيات في غير فترة الخمسين] وفى ذلك لا يهمك كيف؟
• لم تعد تهمك الروح وإنما الكم فإن وصلت إلى هذا الكم تصبح للأسف راضياً عن نفسك، ولا يهمك مدى رضى الله نفسه عن أسلوبك هذا و ما تقوم به.
• ربما لكى تكمل واجبك هذا، يدخل فى صلاتك عنصر السرعة و الإنتهاء منها بأي طريقة، ومع السرعة عدم الفهم وعدم التأمل وهكذا يكون هدفك هوأن تنتهى من أداء هذه الفريضة التى يسميها الرهبان –القانون- ولا يكون هدفك هو المتعة بالحديث مع الله فى الحب.
• و لنلاحظ أن كلمة فريضة في حد ذاتها هي كلمة غير مسيحية دخيله علي فكرنا و ألسنتنا، فالممارسات الروحية بالفكر المسيحي السليم جميعها هي تعبير عن حبي لله و العشرة معه، وتعبيري الخارجي لهذا الحب هو: القراءة الروحية بكل أنواعها وصلاة وصوم وممارسة أسرار.....
• ويجب عليك ملاحظة أن إنحراف الهدف عن مساره الروحى يوصلك حتماً إلى الفتور لأنه يبعدك عن روحانية الصلاة التى تسبب حرارتها.
• ومع السرعة والحفظ وقلة الفهم وقلة المشاعر وقلة التأمل، تصل إلي التراخي و الملل وقلة الشوق لأي ممارسة و تصبح ثقيلة عليك . هذه السرعة تتضح كثيراً فى فترة الخمسين، فكلما أكل الإنسان كثيراً تولدت داخله رغبة فى عدم الصلاة و القراءة. فحينما يغصب نفسه يقف يصلى سريعاً جداً.... مجرد تكرار الكلام أو قراءة للكلام والمزامير فقط بدون مشاعر ولا أحاسيس ويقف الإنسان يعد الدقائق ونظره يسبق عقله ويمر على المزامير والصلوات مرور النظر فقط كما لو كان يقرأ خبر سريع جداً فى إحدى الجرائد.
• ويقلل الإنسان من أى صلاة إرتجالية كان يصليها قبل ذلك بجانب صلوات الأجبية لذلك ربما يكون من أسباب فتورك إكتفائك بالصلوات المحفوظة لأنك تتلوها بالنظر فقط و تصليها دون ان تضيف إليها صلوات خاصة تقولها من قلبك ومن عاطفتك وهكذا تقل كل الصلوات على مستوى الأسرة كلها وعلي مستوي الفرد، يجب فى فترة الخماسين الدخول فى تداريب هذه الصلوات الخاصة كلما حُورب الإنسان بالفتور وكما كانت فى فترات الحرارة الروحية.
• إن كنت فرد أو أسرة أو فرد فى الأسرة وحوربت بهذا الفتور صلى عدداً أقل ولكن بعمق أكثر ثم حاول أن تصل إلى نفس الكمية بنفس العمق وإلا فأثبت عند العدد القليل... فالعمق أهم....أنه يعالج فتورك.
من أخطر أسباب الفتور أن ينشغل الإنسان إنشغالاً لا يجد فيه وقتاً لله أو وقتاً لروحانياته ولا يهتم بالدخول إلي العمق نحو لله، بل تكون اولوليات حياته للمشغولات ولا تكون لله أيرأولاوية، بل يوضع الله فى آخر القائمة وهكذا تضيع الوسائط الروحية التى تبعث الحرارة فى القلب فيفتر.
والمشغوليات على أنواع بعضها عالمية وهذا ما نقع فيه كثيراً فى فترة الخمسين:
• الزيارات الكثيرة بحجة المعايدات [مطلب رئيسي لكن لا يأخذ حجم أكثر مما له].
• الإهتمام بالمأكولات المتنوعة والشهية.
• اللبس والمظهر العام... خارجين من العيد لازم نلبس أكثر من طقم ويكون المظهر العام حتى الأسبوعين الأولين من الخمسين مبالغ فيه [اللبس، Make Up] حتى هذا يكون فى الرجال أيضاً، الإهتمام بالمظهر العام [ فالإهتمام بالمظهر ليس خطأً، لكنه مطلب طبيعي للكل، ولكن ما ننوه له هو المغالاه – فالشيئ الطبيعي في كل مناحي الحياة مطلوب و محبب للكل ولكن كل ماهو مغالي فيه و ملفت للأنظار هو المكروه و الغير لائق بأولاد الله-]، فى حين علمونا من سبقونا في الخدمة أننا كخدام أو مسئولين لا نلبس كل ما هو جديد فى العيد لئلا نعثر أحد المخدومين الذين لم يتيسر لهم شراء ما هو غالى وأنيق.
• الإهتمام بالحفلات التى تصاحب العيد، نحضر كل الحفلات بهدف أن نحتفل بالعيد كل هذه تأخذ وقتاً كثيراً ويكون لها الأولوية عن الصلاة والقراءة فى الكتاب المقدس وغيره....
• و قد ينشغل الإنسان داخل المجال الروحي، فمن الممكن أن تكون هذه المشغولية خاصة بالخدمة والكنيسة، ينشغل الانسان بإحتيااجات العيد والهدايا والحفلات والرحلات والترفيه للمخدومين وفى كل ذلك ينسى نفسه حتى تبرد شعلة الحرارة الروحية التى تعب في إيقادها فى الصوم وبمجرد أن الإنسان يتراخى ويبرد يسحف نحوه الفتور وبعد ذلك يصرخ "أحنا مش حاسين بأى ميل للصلاه ولا غيره".
كان الإنسان فى فترة الصوم الكبير وما قبلها حريصاً على ممارسة سر التوبة والإعتراف ويجلس إلي نفسه فترات كبيرة فى محاسبة النفس على كل خطأ أو هفوة وذلك فى فترة إستيقاظ ضميره وحرارته الروحية وعندما دخل فى مرحلة الكسل والتراخى أصبحت التوبة بالنسبة له عملاً معطلاً لا يريد أن يجلس مع نفسه ليتوب لأنه يريد أن يسرف وقتاً كبيراً فى ملاذاته الشخصية.
• إذا ذهب يعترف بتقصيره فى الصلاة، طالبه أبوه الروحى بالإستمرار وعدم التقصير.
• إذا ذهب يعترف بكثرة الأكل وكثرة الأفكار الشريرة، طالبه أبوه بالإعتدال فى الأكل وضبط الفكر.
• إذا ذهب يعترف بكثرة النظرات المعثرة لذهابه لأماكن عامة كثيرة، طالبه أبوه بضبط النظر والحواس.
وهكذا يفكر الإنسان فى هذه الأمور ويقول سوف أختار وقتاً مناسباً بعد مرور الخمسين أو فترات الإفطار وبعد ذلك أذهب وأقدم توبة عن كل شئ مع بعضه، وهكذا يبعد الإنسان تدريجياً عن ممارسة التوبة المستمرة التى كان يسعى إليها طوال فترة الأصوام.
• طالما أن الإنسان الروحى يمتد إلى قدام فإنه يحتفظ بحرارته الروحية لأن الحركة فيها حرارة أما إذا وصل إلى مستوى معين ووقف عنده فإنه يصاب بالتحجر والفتور.
• وكثير من الناس يقعون فى هذه المشكلة، كانوا قبل التوبة بعيدين عن الصلاة فبدأوا يتذوقون حلاوة الصلاة، لذلك وجدوا لذة ملئت قلبهم بالحرارة الروحية.
• وبعد فترة وصلوا إلى حد معين من الصلاه فوقفوا عنده، وبالوقت والروتين أصبحوا يكررون هذه الصلوات فى غير وعى فتجمدوا وبهذا الجمود فتروا.
الإكتفاء يؤدى إلى عدم النمو، وعدم النمو يؤدى إلى الفتور، والفتور يؤدى إلى البرودة.
لكن من هو عاقل وواعى لحياته الروحية يقول مع بولس الرسول [أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام أسعى نحو الغرض لعلي أدرك] (فى12:3).
الهنا القائم من الموت يعطينا أن نحيا فترة خمسين مقدسة مليئة بالنعم الروحية.
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/fifty-days.html
تقصير الرابط:
tak.la/b5857yk