St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 12 مارس 2015

68- من وحي الصوم الكبير (5): الصوم.. والخلوة الروحية

 

St-Takla.org Image: 2COR 6 - 5 In watchings in fastings - St. Paul the Apostle صورة في موقع الأنبا تكلا: في أسهار، في أصوام (2 كورنثوس 6: 5) - بولس الرسول القديس

St-Takla.org Image: 2COR 6 - 5 In watchings, in fastings - St. Paul the Apostle.

صورة في موقع الأنبا تكلا: في أسهار، في أصوام (2 كورنثوس 6: 5) - بولس الرسول القديس.

كثيرًا ما يشكو البعض من ضيق الوقت وكثرة المشغوليات، وتَتَوَتَر الأعصاب وتَتَبَدَّل الطِباع الهادئة إلى طِباع وتصرُفات غاضِبة بسبب كثرة صخب الحياة والالتزامات الأُسرية والاجتماعية والخَدَميّة والكنسية، وما إلى ذلك من مُسَمَّيات كثيرة..  فيجد الإنسان نفسه وكأنه في ماكينة، لا يستطيع الخروج من الدائرة المُرهِقة التي يدور فيها..  وتمضي الأيام والشهور ولا يجد فرصة للاختلاء بنفسه، فتتكاثَر المشاكِل وتَتَزاحَم الأفكار داخِل عقله، ويصِل إلى مرحلة عدم النوم من كثرة المشاكِل والموضوعات والمعلومات التي يفكر فيها..

* ويتعلَّل البعض بضيق الوقت، أو عدم توفر فرصة للذِهاب لأحد الأديرة أو الأماكِن البعيدة الهادِئة لكي يقضي وقتًا في هدوء تام وخلوة روحية..  يجلس فيها مع نفسه.  وهيهات أن تسمح له الظروف لذلك، بسبب كثرة ارتباطاته ومشغولياته وضيق وقته، فيؤثر ذلك على أعصابه ومزاجه وطريقة تعاملاته مع الآخرين..  فنجد الإنسان الوديع الهادئ تحوَّل إلى شخص عنيف الطِباع، كثير النرفزة والغضب، لا يملك أعصابه في أي موقِف، عالي الصوت، لا يحتَمِل أحدًا..  ونرى ونستغرِب: "هل هذا هو مَنْ كُنَّا نعرفه منذ سنوات قليلة؟!"  وعندما نعاتبه بمحبة لفائِدته بكلامٍ هادئٍ ونسأله: "لماذا وصلت إلى هذا الحال وهذا الأسلوب؟!"  يقول مُبَرِّرًا لتصرفاته: "كثرة المشاكِل والضغوط والالتزامات هي التي جعلتني كما ترون"..

ولكن مَهلًا أيها الحبيب..  أين أنت من نفسك؟!  ولماذا تركت نفسك تصِل إلى هذا الحَد؟  الحد الذي قد يوصِلك إلى عِدة أمراض، ويكون من نتيجتها أنك تصبح مُعاق بأي نوع من الإعاقة الجسدية بسبب ارتفاع الضغط، وكثرة النرفزة والغضب..

* ولذلك وُجِدَت الضرورة من إيجاد وقتًا يجلس فيه الإنسان جلسة هادِئة مع النفس..  يجلس في هدوء تام بعيدًا عن صخب الحياة وضوضائها..  بل قُل أهم من ذلك هو: بعيدًا عن الضوضاء الداخِلية (أي الصِراع الفِكري الذي ينتج من كثرة التفكير في أمور عديدة)..

* فقد يجلس الإنسان في مكانًا هادِئًا ولكنه لا يستمتِع بأي هدوء خارجي بسبب ضوضاء الفِكر والمشاعِر..  تجده لا يهدأ حتى مع نفسه بسبب عدم تَيَقُّظهُ لحرب الفِكر الشرسة التي تُدَمِّر الإنسان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى..  قد تُفْقِدهُ سلامه وهدوءه، وشعوره بالاطمئنان، فلا تَجِد عينيه نُعاسًا ولا فِكرهُ هدوءًا، وتجده يتحدَّث مع نفسه حتى بصوت مسموع وهو يتمشَّى في الطُرُق أو في عمله..

* عزيزي..  أنت أمامَك طرقًا سهلة وبسيطة لكي تَهَدأ نفسك..  ليس بتعاطي المُهدِئات التي تتلف جِهازَك العصبي، ولكن بجلوسك مع نفسك.  ولكن قبل أن تجلس مع نفسك في هدوء وخلوة حاول أن توقِف تفكيرَك فيما لا يفيدك ولا يفيد الآخرين..  ابتعد عن الأفكار المُقْلِقة التي تفقدك سلامك وتخيفَك من الغد..  "لاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ.." (إنجيل متى 6: 34).  ولا تَتَعَلَّل بضيق الوقت وأنك لا تملك عِدة أيام للسفر إلى إحدى بيوت الخِلوة أو الأماكِن الهادِئة.  يمكنك أن تجلس داخِل بيتك وداخِل حجرتك وقتًا قليلًا يوميًا يُحْسَب بالدقائق وليس بالساعات..  ولكن حينما تجلِس حاول أن تَهْدأ نفسك من الداخِل قبل أن تشغل نفسك بالهدوء الخارجي..  فإذا كنت هادِئًا من الداخِل فستشعر أنك في عُمق الصحراء وأنت داخِل بيتك..

والصوم يساعِد الإنسان على قضاء وقت خلوة في هدوء..  فهو يبعث هدوءًا للحواس، وتَقِل فيه مُشاغَبات الجسد؛ التي تَتَمَثَّل في كثرة المأكولات وما تسببه من خمول..

فأنت الذي تتحكَّم في الظروف المُحيطة بِك..  وتستطيع بكل تأكيد توفير عِدة دقائق يوميًا تقضيها في هدوء مع نفسك في خلوة مع الله لكي تستطيع أن تفحص نفسك جيداً وتعيد إصلاح ما أفسده العالم في كياننا المخلوق علي صورة الله ومثاله.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/fasting-retreat.html

تقصير الرابط:
tak.la/8nbkp37