قد يفهم البعض الحرية بطريقة خاطئة أو مخالفة لفهمنا المسيحي لها ولذلك دعني أستعرض معك في عُجالة ما هو المفهوم المسيحي السليم لهذه الحرية:
إن الحرية تعني السلوك الواعي النابع من كياني الإنساني المتكامل (وليس عن جزء صغير جداً كالعواطف أو الغريزة أو الحاجة للمال مثلاً) بعيدا عن الضغوط الخارجية والذي فيه يكون لنا القدرة علي الاختيار السليم والتنفيذ الواعي.
فالحرية تعني التحرر الداخلي من العبودية مثل عبودية الخطية أو عبودية الذات أو العبودية للخوف، وهذا ما قاله لنا معلمنا بولس الرسول "فاثبتوا إذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها و لا ترتبكوا أيضاً بنير عبودية" (غلاطية 5: 1).
ولذلك فالحرية في مفهومها السياسي والاجتماعي تركز علي الديمقراطية والمساواة بين الجميع، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فليس من حق فئة وتيار وفصيل بعينه أن يتمتع بالحرية الكاملة علي حساب فصيل آخر أو في سبيل حريته المطلقة يحجر علي حرية الآخرين، فهذا يسمي استبداداً وليس حرية بالمرة.
والوقوف ضد الظلم والحرمان و العنصرية وان كانت المسيحية تدعو إلي ذلك لكن في المسيحية نري في جوهر إيمانها ومرجعيتها الكتابية أن الإنسان خلق حراً علي صورة الله ومثاله لذلك نجد أن هذا يعني حرية الاختيار وحرية الفعل.
فالحرية تعتبر من ثمار قيامة المسيح القائم من بين الأموات، ولذلك نجد السيد المسيح نفسه أعطانا مفهوم الحرية السليم وهي الحرية من عبودية الخطية المرة بقولة (فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً) (يوحنا 8: 36) وبقيامة السيد المسيح وهبنا الحرية من عبودية الخطيئة والموت والخوف. أعطانا الرب القائم أن نختار بين الخطأ والصواب ووهبنا القوة لتنفيذ اختيارنا بسهولة بنعمة الروح القدس العاملة فينا.
وهكذا كما قيل في العهد القديم أيضاً «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلتُ اليَوْمَ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالخَيْرَ وَالمَوْتَ وَالشَّرَّ. بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ اليَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. فَإِنِ انْصَرَفَ قَلبُكَ وَلمْ تَسْمَعْ بَل غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآِلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا، فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ لا مَحَالةَ تَهْلِكُونَ. لا تُطِيلُ الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِتَدْخُلهَا وَتَمْتَلِكَهَا. أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالمَوْتَ. البَرَكَةَ وَاللعْنَةَ. فَاخْتَرِ الحَيَاةَ لِتَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ، إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلتَصِقُ بِهِ لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ وَالذِي يُطِيلُ أَيَّامَكَ لِتَسْكُنَ عَلى الأَرْضِ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا» (تث30: 15-20).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/concept.html
تقصير الرابط:
tak.la/f6mn9yq