في مديح توزيع الأحد الأول من الصوم الكبير تذكرنا الكنيسة بهذا المفهوم لكي يكون لنا منهجًا في أيام الصوم الكبير القادمة تقول "أطلبوا البر والملكوت، ولا تفكروا في الكسوة والقوت، فهذا مجيئه مثبوت والله عنده كل الخيرات".
- هذا هو ما يجب أن يكون عليه الانسان الساعي في طريق الخلاص، هو الاجتهاد في طلب الملكوت، فالملكوت ليس طلبًا شفاهيًا فقط، فالكل يطلب ولكن هذا الطلب يجب الجدية والسعي نحو الفضيلة، والبعد عن السقطات المتكررة كلما قدر الأنسان على ذلك، فنحن طالما نسكن خيمة الجسد الضعيفة، فهناك الحروب والشهوات والسقطات، ولكن ما احكم الانسان الذي دائمًا يقظًا لحياته، وسالكًا بالتوبة اليومية، ومشجعًا نفسه بقول الكتاب "لا تشمتي بي يا عدوتي، إذا سقطت أقوم، إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي" (ميخا 7: 8). هذا الانسان لا يستطيع شيطان اليأس والإحباط أن يسيطر عليه ولا يقوى بفكرة انه لا فائدة من الجهاد، فالسقوط مستمر والحرب شرسة والأمل مفقود، كل ذلك من أساليب الشيطان اللعين، فمراحم الله واسعة وغير متناهية، فإذا قلنا ان عدل الله مطلق فرحمته أيضًا مطلقه، وإذا قلنا ان الله يقاصص الانسان بحسب الوصية المعطاه له، فلننظر عبر صفحات الكتاب التي تعرض لنا مراحم الله الغير متناهية، فكم من مرة يحكم الله بالهلاك على مدن وأشخاص، ولكن بتوبتهم يقول الكتاب "فلما رأى الله أعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يو 3: 10).
- فالجهاد مبسوط امامنا ضد حرب الشيطان الذي يريد في كل لحظة ان يفقدنا الملكوت، ونذهب إلى حيث هو متملك على الهاوية والجحيم التي أعدت له... هو يحسد الانسان المخلوق على صورة خالقه، يحسده منذ خلقته، ولذلك سعى إلى اسقاطه بحيله الرديئة [يا الله العظيم الأبدي الذي خلق (جبل) الانسان على غير فساد والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته – صلاة الصلح بالقداس الباسيلي]، هذا الحسد يجعله كل يومًا يزداد شراسة في محاربته للإنسان وخاصة عندما يرانا متقظين على خلاص نفوسنا، وصاحين ضد ألاعيبه الدنسة، وكذلك عندما يرى ان كثيرين يخلصون بالبساطة والنقاء والجهاد القانوني والتزامهم بممارستهم الروحية.
- هذا يجعل الكنيسة تذكرنا دائمًا بأن نضع نصب أعيننا الملكوت، فهذا هو الوطن الأصلي والحقيقي لنا "لأن ليس لنا هنا مدينة باقية، لكننا نطلب العتيدة" (عب 13: 14) ومادام ليس لنا مدينة باقية هنا، فلماذا نتمسك بما لها من مظاهر وغنى واملاك ومناصب ومقتنيات، ونحن نعلم انها كلها أشياء سريعة الإضمحلال، وانها سوف تنحل وتزول، هكذا انبئنا القديس بطرس الرسول في رسالته الثانية "ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب، الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر المحترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها.... منتظرين وطالبين سرعة مجئ يوم الرب، الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب" (2 بط 3: 12،10).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
- فالصوم دائمًا يرتبط بالصلاة والصدقة فهم جناحي النسر اللذان يساعدان على الطيران والتحليق في أعلى السماء، فبدون احدهما لا يكتمل الصعود إلى أعلى ويظل الانسان متمرغًا في الأرضيات وامورها الفانية.
- أرادت الكنيسة منذ البداية تذكيرنا ان من يهتم بطلب البر والملكوت عليه ان يفكر فيما يخص الملكوت، أي يتخلص من الصغائر والممتلكات الضارة، بل لا يجعل كل تفكيره في الملبس والمأكل، فهي تحذرنا من عدم التفكير في (الكسوة والقوت) وهذا ما علمه لنا سيدنا ورئيس خلاصنا السيد المسيح له كل المجد في قوله "وقال لتلاميذه من أجل ها أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا لأجسادكم بما تلبسون، الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس. تأملوا الغربان انها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مخدع ولا مخزن، والله يقوتها. كم انتم بالحري أفضل من الطيور" (لو 12: 22-24)، "تأملوا الزنابق كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويطرح غدًا في التنور يلبسه الله هكذا، فكم بالحري يلبسكم انتم يا قليلي الإيمان؟ فلا تطلبوا انتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا، فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم، وأما انتم فأبوكم يعلم انكم تحتاجون إلى هذه، بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم" (لو 12: 27-31).
- أحبائي نحن نحتاج إلى إعادة قراءة الكتاب المقدس بعمق في هذه الأيام المباركة – قراءة عملية كمنهج حياة – وليس قراءة عابرة كقراءة الجرائد التي سبق لنا مرارًا وتكرارًا أن قرأناه بها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/ask-for-heaven.html
تقصير الرابط:
tak.la/yf7j4y6