هل يختار الرجل المرأة؟ أم تختار المرأة الرجل؟ أم يختار كلاهما الآخر؟ بمعنى آخر، من يبدأ بعرض فكرة الارتباط على الآخر: الرجل أم المرأة؟
إن كنا نؤمن حقًا بأن الزواج شركة بين اثنين متناظرين متكافئين، فالاختيار -إذن- قرار مشترك وتبادلي، حيث يختار كل منهما الآخر بملء الوعي والإرادة وبكامل الحرية.. لذلك ينبغي إتاحة فرصة كافية للتفكير والبحث والدراسة بعد أن تُقدَّم المعلومات بصورة كافية لكل من الشريكين حتى يصدر القرار مناسبًا متوازنًا واضحًا دون مواربة أو التباس.
أما عن الشخص البادئ بعرض الفكرة الارتباط فذاك أمر ثانوي، والأهم هنا أن يكون الاختيار تبادليًا حرًا، وليس من جانب واحد فقط، وإلا تحَّول "الشخص" الذي نختاره إلى مجرد "شيء" لا حول له ولا قوة، نختاره فيُختار..!!
ولنتساءل هنا.. إن كان المجتمع يمنح الشاب فرصة أوسع للاختيار، وتبقى فرصة الشابة محدودة متوقفة على مبادرة الشاب.. فكيف لنا أن نتحدث عن تكافؤ فرص الاختيار لدى كل من الشاب والشابة دون أن تكون تلك الفرص متاحة بالتساوي أمام كل منهما..؟!
ولنطرح السؤال بصيغة أخرى: هل من حق الشابة أن تُفصح لشاب تراه مناسبًا عن رغبتها في الارتباط به؟ وهل لو فعلت يسيء الشاب الظن بها؟!
إن الرجل بطبيعته يعبَّر عن اهتمامه بالمرأة التي يعجب بها، وذلك من خلال المبادرة بالحديث إليها والتعرف عليها، ومن ثم يفصح لها عن رغبته في الارتباط بها حينما يطمئن إليها، وبعد أن يستوفي مواصفات يراها -بالنسبة إليه- أساسية في شريك العمر، وهو غالبًا لا يقوم بمثل هذه المبادرة ما لم يجد بداية استعداد من جانبها... والمرأة غالبًا ما تسعد بأن يكون الرجل هو المبادر بالحديث والحركة. وقد تفضل أن تعبر عن موافقتها بالاستجابة الهادئة غير المباشرة، أو حتى بالصمت أحيانا.
هذا هو الاتجاه العام خاصة في المجتمعات الشرقية، ويرجع هذا من ناحية إلى طبيعة الرجل، فهو خارجي بطبعه، وإلى طبيعة المرأة إذ هي داخلية بطبعها، ويرجع من الناحية الأخرى إلى عوامل اجتماعية تربوية ثقافية سائدة.. وقد يختلف ذلك بين مجتمع وآخر، ففي المجتمعات الغربية -مثلًا- صار أمرًا مقبولًا أن تبادر شابة بالتعبير عن رغبنها في أن يشاركها شاب أعجبت به حياتها.. فالمسألة اجتماعية، وما يعتبر مقبولًا في مجتمع ما قد يكون مستغربًا مستهجنًا في مجتمع آخر.
ولنعد إلى مجتمعنا الشرقي مرة أخرى، ودعنا من فكرة "مَنْ سيبادر بعرض فكرة الارتباط على الآخر"؟ فالأهم هنا أن تُتاح للفتاة فرصة الاختيار الحر مثلما تُتاح للشاب من خلال الاختلاط بين الجنسين، والاشتراك معا في أنشطة اجتماعية وثقافية وعلمية، مما تتيح فرصة التعرف على طبيعة الجنس الآخر من ناحية، وفرصة الاختيار من ناحية أخرى.
وإن كان المجتمع يستحسن أن يفصح الشاب عن إعجابه بفتاة وعن رغبته في الارتباط بها، فإنه -من الناحية الأخرى -لا يعارض أن تعبر الشابة عن إعجابها بشاب من خلال اهتمامها به أكثر من غيره. اهتمامًا هادئًا رصينًا قد يلمس قلب الشاب ويحرك مشاعره دون إخلال بالقيم والتقاليد، وإن كان ذلك يحتاج إلى وعي وحكمة من الشابة حتى لا تقع ضحية في أيدي بعض الشباب المستهتر.
الكلام هنا -إذن- ينطبق على الشابة الواعية التي بلغت درجة من النضج تمكَّنها من النظرة الثاقبة للشاب فتدرك حقيقة معدنه ومدى جديته، بعد أن تتأنى وتتروى متحكمة في عواطفها وانفعالاتها. كذلك ينبغي أن يكون لدى مثل هذه الشابة من اللباقة والحكمة ما يمكَّنها من الانسحاب بصورة مناسبة حينما لا يلاقي اهتمامها بالشاب الصدى المرجو.. غير أن ذلك يستلزم أن يهتم الوالدان بتوعية الفتاة وتدريبها على الاعتماد على النفس، وأن يثقا بها ثقة واعية حكيمة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/adel-halim/lifetime-partner/who.html
تقصير الرابط:
tak.la/jjsn35v