St-Takla.org  >   Saints  >   Coptic-Orthodox-Saints-Biography
 

سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

"انظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثلوا بإيمانهم" (عب7:13)

سانت كاترين و فوستينا الشهيدتان *

 

عناوين: (إظهار/إخفاء)

نشأتها
ثقافتها
موجة الاضطهاد
القديسة تنطلق نحو الإمبراطور
حوار بين القديسة والفلاسفة
إيمان الفلاسفة والعلماء
حوار الإمبراطور مع القديسة
آلامها
إيمان فوستينا و بورفيروس
لقاء الإمبراطور بالقديسة
تعذيبها
استشهادها
جسدها الطاهر
مكتبة الدير

نشأتها:

وُلدت القديسة كاترين من أبوين مسيحيين غنيين بالإسكندرية في نهاية القرن الثالث الميلادي. كانت تتحلى من صغرها بالحكمة والعقل الراجح والحياء. وكانت والدتها تعلّمها منذ صغرها على محبة السيد المسيح، وتغذّيها بسير الشهيدات اللواتي كنّ معاصرات لها أو قبلها بقليل، وقد قدّمن حياتهن محرقة للَّه وتمسّكن بالإيمان حتى النفس الأخير.

 

ثقافتها:

التحقت كاترين بالمدارس وتثقفت بعلوم زمانها، وكانت مثابرة على الاطلاع والتأمل في الكتاب المقدس. ولما بلغت الثامنة عشر كانت قد درست اللاهوت والفلسفة على أيدي أكبر العلماء المسيحيين حينذاك، فعرفت بُطلان عبادة الأوثان وروعة المسيحية ولكنها لم تكن قد تعمّدت بعد.

وفي إحدى الليالي ظهرت لها السيدة العذراء تحمل السيد المسيح وتطلب منه أن يقبل كاترين ولكنه رفض، فقامت لوقتها وتعمّدت.

 
St-Takla.org Image: Saint Cathrene صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة كاثرين - سانت كاترين - كاترينا، كاترينة

St-Takla.org Image: Saint Cathrene

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة كاثرين - سانت كاترين - كاترينا، كاترينة

موجة الاضطهاد:

في عام 307 م. حضر القيصر مكسيميانوس الثاني إلى الإسكندرية، وكان مستبدًا متكبّرًا يكره المسيحيين، يجد مسرّته في تعذيبهم والفتك بهم، فأمر بتجديد الشعائر الوثنية بعد أن اهتزّت تمامًا بسبب انتشار المسيحية. أصدر مكسيميانوس منشورًا بوجوب الذهاب إلى المعابد الوثنية وتقديم القرابين لها، وإلا تعرّض الرافضون للعذابات والموت.

وجد الوثنيون فرصتهم لإحياء العبادة الوثنية، وإشعال روح التعصب ضد المسيحيين. انطلقوا إلى المعابد يحملون معهم الضحايا للذبح. وإذ أراد مكسيميانوس مكافأتهم أقام لهم حفلًا كبيرًا قدم فيه للآلهة عشرين عجلًا، وأصدر أمرًا مشددًا بأن يتقدم المسيحيون بذبائحهم في هذا الحفل وإلا لحق بهم الموت.

 

القديسة تنطلق نحو الإمبراطور:

سخر المؤمنون بهذا الأمر، كما لم تخف كاترين بل كانت تشدّد المؤمنين وتقوّيهم. أدركت بأن الاضطهاد سيحل على المؤمنين فاتخذت قرارًا أن تتقدم لمكسيميانوس مندّدة بأصنامه وأوثانه.

وفي يوم الاحتفال اخترقت الصفوف فدُهش كل الحاضرين إذ لاحظوا فتاة في الثامنة عشر من عمرها تخترق بكل جرأة وشجاعة الصفوف وتتلّمس المثول لدى الإمبراطور، الذي كان جالسًا بين رجال الدولة وكهنة الأوثان بحللِهم الأرجوانية المذهّبة. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ).

بكل جرأة وقفت الفتاة أمام الإمبراطور تقول له: "يسرّني يا سيدي الإمبراطور أن أترجّاك أن توقف منشورك لأن نتائجه خطيرة". ثم بدأت تتحدث باتزان وهدوء وبغير اضطراب، وكان الإمبراطور يصغي إليها في ذهول وغضب.

ذهل القيصر من جمالها وشجاعتها واستدعاها إلى قصره وأخذ يعدها بزواجه منها، ولكنها رفضت. بدأت تتحدث عن الإله الحي خالق السماء والأرض وتُهاجم العبادة الوثنية.

أجابها الإمبراطور أنه ليس ملمًا بعلوم الفلسفة ليرد على كلامها، وأنه سيرسل لها علماء المملكة وفلاسفتها ليسمعوا لها ويردّوا عليها ويهدموا عقيدتها وأفكارها.

 

St-Takla.org Image: Martyr Catherine of Alexandria, along with the 50 of the best pagan philosophers and orators that she made believe in Christ and got martyred (burned to dead) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيدة كاترين السكندرية، مع الشهداء الخمسون فيلسوفًا وعالمًا الذين آمنوا بالسيد المسيح بسببها، وذلك أثناء حرقهم بالنار - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Martyr Catherine of Alexandria, along with the 50 of the best pagan philosophers and orators that she made believe in Christ and got martyred (burned to dead) - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيدة كاترين السكندرية، مع الشهداء الخمسون فيلسوفًا وعالمًا الذين آمنوا بالسيد المسيح بسببها، وذلك أثناء حرقهم بالنار - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

حوار بين القديسة والفلاسفة:

بالفعل أرسل الإمبراطور إلى عمداء الكلام والفلاسفة الوثنيين ليحضروا اجتماعًا غير عادي لمناقضة هذه الشابة المغرورة، كما دعا كبار رجال البلاط والدولة للحضور. وفي الموعد المحدد دخل مكسيميانوس يُحيط به كبار رجاله في عظمة وعجرفة، ثم اُستدعت الفتاة ودخلت في هدوء بغير اضطراب. استعدّت القديسة بالصلاة والصوم وتشدّدت بروح الله القدوس، ثم بدأت المناقشة بينها وبين الفلاسفة الوثنيين، ثم تحدّثت عن السيد المسيح وشخصه وعمله الخلاصي والحياة الأبدية والنبوات التي تحقّقت بمجيئه. كانت تتحدّث بكل قلبها، تحمل سلطانًا كما من السماء. تحدّثت بكل قوة عن محبة الله المُعلنة خلال الخلاص بالصليب.

 

إيمان الفلاسفة والعلماء:

اقتنصت القديسة كاترين قلوب الكثيرين؛ وكانت المفاجأة أن الفلاسفة طلبوا من الإمبراطور أن تواصل الفتاة حديثها، وأنهم يشعرون بأنها تُعلن عن الحق وأن عبادة الأصنام باطلة.

انقلب الإمبراطور إلى وحشٍ كاسرٍ، وأصرّ على إيقاد أتون نارٍ يُلقى فيه العلماء والفلاسفة الذين خذلوه. فكانت القديسة تشجّعهم وهي تُعلن لهم بأن أبواب السماء مفتوحة وأن السمائيين بفرحٍ يستقبلونهم.

تقدم الحراس وألقوا بالعلماء والفلاسفة في أتون النار في ليلة 17 نوفمبر عام 307 م.

 

حوار الإمبراطور مع القديسة:

في اليوم التالي أفاق الإمبراطور من سكرته، وبدأ يفكر في استمالة قلب الفتاة إليه، أما هي فقالت له: "كُف أيها الإمبراطور عن التملق في كلامك، فلقد صممت أن أخسر حياتي الأرضية ولا أُنكر يسوع المسيح إلهي".

هدّدها الإمبراطور بتعذيبها، أما هي فاستخفّت بتهديداته معلنة أن مسيحها ينظر إلى ضعفها ويُعينها وسط آلامها.

 

آلامها:

ثار الإمبراطور جدًا وأمر بجلد القديسة بكل عنف. جُلدت لمدة ساعتين حتى تمزق جسمها، فبكى المشاهدون.

أُرسلت إلى السجن فكانت تشكر الله وتسبحه على هذه النعمة أنها تأهلت أن تتألم لأجله.

ظلّت في السجن اثني عشر يومًا متتالية وقد ضمّد الرب جراحاتها وسندها.

ذهب الوالي شمالًا إلى مصب النيل لتفتيش الحصون على حدود مصر الشمالية.

 
St-Takla.org Image: Immaculate Conception with Saints: Saint Mary with the Holy Spirit as a dove, with six saints (left to right): Saint John the Evangelist, Saint Philip Benizi de Damiani (1233-1285), Saint Catherine of Alexandria (287-305, kneeling on the left), Saint Margaret the Virgin (Margaret of Antioch, Saint Marina the Great Martyr, 289-304, kneeling on the right), Saint Antoninus of Florence (1389-1459) and Saint Peter the Apostle). Painting by Piero di Cosimo (between 1485-1505), oil on panel, 206×172 cm (81×68 in) - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الحبل المقدس مع القديسين: القديسة مريم العذراء مع الروح القدس في شكل حمامة، وستة قديسين (من اليسار لليمين): القديس يوحنا الإنجيلي، القديس فيليب بينيزي دي دامياني (1233-1285)، القديسة كاترين الإسكندرانية (287-305، تركع على اليسار)، القديسة مرجريت العذراء (الشهيدة مارينا الأنطاكية، 289-304، تركع على اليمين)، القديس أنطونيوس من فلورنسا، القديس الشهيد ماربطرس الرسول. اللوحة رسم الفنان بييرو دي كوزيمو (في الفترة ما بين 1485-1505)، زيت على لوح بمقاس 206×172 سم. - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014

St-Takla.org Image: Immaculate Conception with Saints: Saint Mary with the Holy Spirit as a dove, with six saints (left to right): Saint John the Evangelist, Saint Philip Benizi de Damiani (1233-1285), Saint Catherine of Alexandria (287-305, kneeling on the left), Saint Margaret the Virgin (Margaret of Antioch, Saint Marina the Great Martyr, 289-304, kneeling on the right), Saint Antoninus of Florence (1389-1459) and Saint Peter the Apostle). Painting by Piero di Cosimo (between 1485-1505), oil on panel, 206×172 cm (81×68 in) - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الحبل المقدس مع القديسين: القديسة مريم العذراء مع الروح القدس في شكل حمامة، وستة قديسين (من اليسار لليمين): القديس يوحنا الإنجيلي، القديس فيليب بينيزي دي دامياني (1233-1285)، القديسة كاترين الإسكندرانية (287-305، تركع على اليسار)، القديسة مرجريت العذراء (الشهيدة مارينا الأنطاكية، 289-304، تركع على اليمين)، القديس أنطونيوس من فلورنسا، القديس الشهيد ماربطرس الرسول. اللوحة رسم الفنان بييرو دي كوزيمو (في الفترة ما بين 1485-1505)، زيت على لوح بمقاس 206×172 سم. - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014

إيمان فوستينا و بورفيروس:

تعجّبت فوستينا زوجة مكسيميانوس من الفتاة القديسة أثناء حوارها مع العلماء والفلاسفة كما مع الإمبراطور نفسه، وكانت تُدهش لإيمانها وشجاعتها.

شاهدت فوستينا بالليل رؤيا كأن كاترين جالسة على عرشٍ من نورٍ، وقد دعته لتجلس بجوارها، ووضعت تاجًا على رأسها، وقالت لها: "سيدي المسيح يُهديك هذه الإكليل".

استيقظت فوستينا وطلبت من قائد السجن بورفيروس أن يأخذها إلى كاترين، ودهش الاثنان إذ نظراها قد شُفيت تمامًا، وكانت تحدثهما عن خلاصهما وعن ملكوت السموات.

تنبأت لهما القديسة بأنهما سيكابدان أقسى العذابات بعد ثلاثة أيام.

 

لقاء الإمبراطور بالقديسة:

عاد الإمبراطور واستدعى الفتاة، وكان يتوقّع أنه سيتشفّى في هذه الفتاة التي أهانت كبرياءه عندما يجدونها في السجن جثة هامدة. لكن أشد ما كانت دهشته وغضبه عندما رآها بصحة جيدة. صار يلحّ عليها أن تقبل الزواج منه، فوبّخته بشدة لنقضه القوانين من أجل إشباع شهواته.فلم يحتمل الإمبراطور تهكّم الفتاة فخرج غاضبًا.

 

تعذيبها:

تقدّم الحارس الخاص بالإمبراطور وأخبره بأن لديه فكرة بها يُلزم الفتاة أن تتعبد للأصنام، وهي أن تُربط الفتاة بحبال قوية يرفعوها على آلة بها عجلات تدور بحركة عكسية مزودة بأسنان حديدية، فعندما تبدأ العجلات تتحرك تحدث فرقعة مخيفة جدًا فتضطر الفتاة إلى الاستسلام وإلا تموت.

وجدت الفكرة استجابة لدى الإمبراطور، فتقدّمت الفتاة بشجاعة دون اضطراب، وسلّمت جسمها لربطها بالحبال ورفعها لينزلوها على الأسنان الحديدية الحادة. لكن ما أن رفعوها حتى امتدّت يد خفية قطعت الحبال ودحرجت القديسة على الأرض بعيدًا عن الآلة. وإذ تقدم الجلادون محاولين رفعها ثانية خارت قواهم فسارت الآلة عليهم بأسنانها الحديدية فتقطّعت أجسامهم وماتوا.

آمن كثيرون عندما شاهدوا ما حدث، أما فوستينا فتقدّمت نحو زوجها ووبّخته في حضرة الجماهير على وحشيته، وأعلنت إيمانها بالسيد المسيح.

فقد الإمبراطور صوابه عندما عرف أن زوجته وبورفيروس حارس السجن قد آمنا بالسيد المسيح، فأمر بتعذيبها وقطع رأسيهما.

تأثرت الجماهير حين رأوا الملكة وحارس السجن ومائتين من الجنود قد تقدموا للاستشهاد.

 

استشهادها:

شعر الإمبراطور بفشله في تعذيب الفتاة فأمر بنفيها ومصادرة ممتلكاتها. تأسّفت القديسة أنها لم تحظَ بشرف الاستشهاد. لكن الإمبراطور أصابته نوبة جنونية فأمر بقطع رأسها بدلًا من نفيها، وقد تم ذلك في 25 نوفمبر سنة 307 م.

 

جسدها الطاهر:

استشهدت القديسة كاترين في الإسكندرية. وبعد استشهادها بخمسة قرون رأى راهب في سيناء جماعة من الملائكة يحملون جثمانها الطاهر، ويطيرون به ويضعونه بحنان على قمة جبل في سيناء. انطلق الراهب إلى قمة الجبل فوجد الجسد الطاهر كما نظره في الرؤيا، وكان يشع منه النور. حمله الراهب إلى كنيسة موسى النبي. نُقل الجسم المقدس بعد ذلك إلى كنيسة التجلي في الدير الذي بناه الإمبراطور جوستنيان في القرن السادس، وعُرف الدير باسم دير سانت كاترين.

 

مكتبة الدير:

ومتحفه للدير مكتبة تحوي آلاف الكتب والمخطوطات، من بينها نسخة نادرة للكتاب المقدس ترجع إلى القرن السادس. وقد أهدت هيئة اليونسكو نسخة من الميكروفيلم لهذه المخطوطات والكتب لجامعة الإسكندرية، كلية الآداب بفضل المرحوم الدكتور سوريال عطية سوريال.

يحوي الدير أيقونات من رسم مشاهير الفنانين من القرن السادس حتى الآن، وبه نفائس كثيرة وتحف وصور من صنع الرهبان.

 

* انظر أيضًا: أسماء كنائس باسم الشهيدة كاترين | كاثرين في مصر.

_____

* المرجع Reference (الذي استخدمه كتاب "قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية" للقمص تادرس يعقوب ملطي):

حلمي أرمانيوس: شهداء الأقباط في عصر الرومان، 1968م.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_1409.html

تقصير الرابط:
tak.la/wxp2fvh