St-Takla.org  >   News  >   Coptic-Papal-Messages
 

الرسالة البابوية في عيد القيامة المجيد 2016

قداسة البابا تواضروس الثاني  His Holiness Pope Tawadrous II

 

 

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.

اخريستوس آنيستي، آليثوس أنيستي.

 

أهنئكم أيها الأحباء بعيد القيامة المجيد..  أهنئكم بفرحة العيد.  أهنئ الكنيسة القبطية في كل مكان: الآباء المطارنة، الآباء الأساقفة، الآباء الكهنة والشمامسة.  أهنئ مجالس الكنائس وكل الخدام والخادمات، الشباب والأطفال، وأهنئ كل الأُسَر المسيحية في كل مكان.  أهنئ كل الإيبارشيات القبطية الموجودة في بقاع العالم.  كل سنة وحضراتكم طيبين، وكل قيامة وأنتم بخير وصحة.

الحقيقة عيد القيامة هو قمة أعيادنا وفرح أفراحنا وبهجة قلوبنا.  وهو العيد الذي نحتفل به في كل يوم.  عندما نتحدث عن عيد القيامة نتذكر السيد المسيح الذي صُلِب على الصليب.  لقد مات حقًا، ويؤكد هذا شهادات كثيرة.  فهناك قائد المئة، وهناك حراس القبر، وهناك النسوة اللاتي زُرن القبر، وهناك يوسف الرامي الذي حمل جسد السيد المسيح، وهناك بيلاطس البنطي الذي حوكم أمامه السيد المسيح.  وهناك أدلة كثيرة على أنهُ مات حقًا على الصليب، منها انشقاق حجاب الهيكل، والأكفان التي وُجِدَت في القبر، والحجر الكبير الذي كان على باب القبر، وأيضًا الحراس الذين حرسوا هذا القبر بأمر الوالي الروماني.  وأخيرًا ختم الوالي الروماني الذي وُضِع على باب القبرالسيد المسيح الذي صُلِب على الصليب قام في اليوم الثالث كما نقول ونشهد في قانون الإيمان.  وأيضًا شهد الملاك الذي أعلن أن المسيح قد قام، وشهد الحراس الذين انبطحوا على الأرض.  ولكن رؤساء الكهنة أشاعوا إشاعات كاذبة وأضاليل باهتة.  وأخيرًا قد كانت ظهورات السيد المسيح العديدة للتلاميذ أكبر دليل على قيامة السيد المسيح.  وهناك دلائل أخرى ملموسة..  منها الزلزلة التي صاحَبت قيامة السيد المسيح، والحجر الذي دُحْرِج عن باب القبر، وحديث النسوة وهُنَّ في طريقهن في فجر القيامة ليضعن الحنوط.  ثم القبر الفارع، لأن المسيح قد قام تارِكًا الأكفان والمنديل في مكان الدَّفن.

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of the Resurrection of Christ. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور قيامة السيد الرب يسوع المسيح.

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of the Resurrection of Christ.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة قبطية حديثة تصور قيامة السيد الرب يسوع المسيح.

القيامة قد تمَّت في السنوات الأولى من القرن الأول الميلادي، تقريبًا عام 33 م.، ولكن السؤال الأهم: ما هي فائدة القيامة لإنسان اليوم، ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين؟

 

ما فائدة قيامة السيد المسيح من أجلنا؟

أما عن فائدة القيامة لنا، سأذكر عدة نقاط:

  1. القيامة تجعل الإنسان يعرف حقيقة أصله السماوي.  فأنت أيها الإنسان مخلوق سماوي، كائن سماوي.. قد خُلِقت على صورة الله ومثاله.. على صورته في العقل ومثاله في الإرادة.  ولكن الإنسان الأول استخدم إرادتهُ استخدامًا خاطئًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى، فكانت النتيجة أنهُ أساء استخدام الحرية، فكسر الوصية،  ومعها كسر قلب الله.  وسقط الإنسان وانطفأت صورة الله في الإنسان.  فصار هناك ارتباك في العقل، وعدم القدرة على التمييز أو الإفراز.  وبالكلية صار الإنسان عاجزًا على تبيان الحقيقة.  وجاءت فترة سعى فيها الله للإنسان من خلال أصوات الأنبياء، ثم جاء تجسد الله.  وكان القصد من وراء كل هذا هو استعادة الصورة المضيئة للإنسان في صورته الجميلة.  وجاءت القيامة لكي ما تنير للإنسان الحياة الجديدة، وصار الإنسان كائنًا مُنيرًا.  ولذلك قال السيد المسيح: "كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ" (إنجيل يوحنا 12: 46).  لأن نور القيامة يشِع في حياتهُ، فتعود الصورة إلى أصلها، ويعود الإنسان في الحقيقة على صورة الله ومثاله.  هذه إذن أول فائدة، وهي أن الإنسان يعرف حقيقة أصلهُ السماوي.

  2. الأمر الثاني، أن يحيا الإنسان حياة الأمل والرجال كل يوم، وليس في فترات متقطعة من حياته.  فالإنسان اليوم يحتاج إلى هذا الرجال كثيرًا.  تذكروا معي مريم المجدلية، المرأة اليائسة التي ذهبت إلى القبر تبحث عن مُعَلِّمها وسيدها.  وعندما وجدت إنسانًا يحدثها، ظنَّتهُ البُستاني.  وكانت في هذه اللحظات في بُكاء شديد تبحث عن مسيحها، وأخيرًا وجدتهُ وعرفتهُ عندما نطق باسمها "يَا مَرْيَمُ" ، وكانت النتيجة أنها صرخت بتلك العبارة "رَبُّونِي" (إنجيل يوحنا 20: 16)، أي "معلمي وسيدي وربي".  وأيضًا عندما ظهر السيد المسيح لشابين يتحدثان بيأس عن قصة قيامتهُ، ظهر بينهما وهما مُتجهان إلى عمواس القريبة من أورشليم، لتأتي نهاية المقابلة بقولهما لبعضهما: "أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا" (إنجيل لوقا 24: 32)؟  وضاع اليأس وحلَّ محلهُ الرجاء والأمل.  كما وجدناه أيضًا مع جماعة التلاميذ الذين كانوا في خوفٍ شديد، ولكن عندما ظهر المسيح بينهم نجد الكتاب المقدس يقول: "فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ" (إنجيل يوحنا 20: 20).

  3. الأمر الثالث من فوائد القيامة لإنسان اليوم هو أننا نقتني بالقيامة نعمة التبني.  في كل يوم تعيش الكنيسة القيامة، وتذكرها في الصلاة.  ونحن في كل يوم عندنا نصلي صلاة باكر في الأجبية إنما نتذكر القيامة المجيدة، لأنها حدثت وقت الفجر.  وعندما نحتفل في كل يوم أحد بالقداس الإلهي، نجتمع في يوم الرب الذي هو يوم القيامة.  وهذا هو العيد الأسبوعي.  وفي كل شهر قبطي نحتفل في يوم 29 من الشهر القبطي بهذه التذكارات الثلاثة: البشارة والميلاد والقيامة.  وأيضًا في كل عام نحتفل بعيد القيامة المجيد، ويمتد احتفالنا 50 يومً نسميها "الخماسين المقدسة".  هذه الصورة الجميلة التي نقتني بها نعمة التبني نقتنيها في المعمودية، حيث نُدْفَن في ثلاثة غطسات على مثال الثلاثة أيام التي قضاها السيد المسيح في القبر.  وعندما نتقدم لنتناول الإفخارستيا يصلي الأب الكاهن في نهاية كل قداس ويقول في الاعتراف الأخير: "يُعطى عنَّا خلاصًا وغُفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لكل مَنْ يتناوَل منهُ".  في كل قداس نتقدم ونتناول من الجسد المقدس والدم الكريم، نتناول منهُما لكي ما ننال الحياة الجديدة في نور القيامة المجيدة. "إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ" (إنجيل يوحنا 6: 53)

إننا أيضًا لا نفهم كلمة الإنجيل المقدس إلا في ضوء القيامة، فالآباء الذين كتبوا الأسفار بوحي من الله كتبوها في ضوء معرفتهم مُعايشتهم لهذه القيامة المجيدة.  القيامة إذن حدث لكل إنسان وفرحة لكل البشر، وينبغي أن نسعى إلى اقتناء هذه الفرحة في حياتنا لنعيشها في كل يوم.  القيامة هي التجديد لعمر كل واحد مننا في كل عام.  افرح بالقيامة وعِش روعة القيامة.  نحنُ نصلي في كل ليلة في تسبحة نصف الله ونقول: "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات".  هذه هي صرخة كل يوم ونداء الكنيسة في كل يوم: "قوموا يا بني النور".  بالقيامة صِرنا بني النور، وبالقيامة نَقِف ونُسِبِّح رب القوات.  كما يقول الكتاب المقدس على الدوام: "لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" (سفر أعمال الرسل 4: 12).  القيامة المجيدة فرحة.

دعونا نصلي أن تدوم هذه الفرحة في قلب كل إنسان.  فليفرح كلٍ منكم بهذه القيامة في حياته، في بيته، في أسرتهُ، في عمله، في خدمته، في كنيسته، في حياتهُ اليومية.  كي تصبح القيامة فرحة الإنسان في كل يوم.  وليستقبل صباح كل يوم بالقيامة المجيدة حتى يكون النهار جديدًا كل يوم، وتكون حياتهُ على قيامة عل الدوام.

أكرر تهنئتي للجميع، وأفرح معكم وأنقل إليكم تهنئة مصر كلها كنيسة وشعبًا، الآباء المطارنة والأساقفة في المجمع المقدس، وكل الإكليروس وكل الشعب.  وكل قيامة وأنتم بخير.

اخريستوس آنيستي، آليثوس أنيستي.  المسيح قام، بالحقيقة قام.

 

قداسة البابا تواضروس الثاني          

بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

2016 م.                    

اضغط على هذا الزر لترسل هذه الصفحة لصديق:


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Easter-Papal-Message-for-2016_.html

تقصير الرابط:
tak.la/s5m563r