أبنائي الأحباء في المهجر، إكليروسًا وشعبًا،
يسرني أن أهنئكم بعيد الميلاد المجيد، وببدء عام جديد نصلي أن يكون مُباركًا وسعيدًا في حياة كل منا.
إن ميلاد الرب حافل بالتأملات الروحية العميقة التي نرجو أن تكون دروسًا لنا، لها تأثيرها وفاعليتها.
* أولًا، هو نزل إلينا، لكي يفتقدنا ويصالحنا ويخلصنا. وقد قال أحد الآباء القديسين: "بالخطية كانت خصومة بين الإنسان وخالقه. ولما لم يستطع الإنسان أن يصعد إلى الله ويصالحه، نزل الله إلى الإنسان". نعم نزل، ومازال يقرع على باب القلب البشري، لعله يفتح له.
* وفي نزول الرب "أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان" (فيلبي 8،7:2). لم يشأ أن يرهبنا بلاهوته، إنما جذبنا بتواضعه، وجذبنا أيضًا بمحبته، إذ كان يجول يصنع خيرًا. وهذا درس آخر لنا.
* وفي ميلاده وُلد في بساطة عجيبة: لم ينزل على أجنحة الكاروبيم، محاطًا بجوقة من الملائكة. وإنما وُلد من عذراء فقيرة يتيمة، كانت في رعاية نجار بسيط، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكان ميلاده في مذود، في يوم لم يكن يعرفه أحد، غير أنه قد أعلن لبعض الرعاة، ثم زاره ثلاثة من المجوس يمثلون الأمم الغرباء.. إنها مزيج من البساطة والتواضع، كانت درسًا ثالثًا لنا في البُعد عن المظاهر.
* وعاش السيد المسيح طفولة مجهولة بعيدة عن الشهرة، في جزء منها كان مهددًا بسيف هيرودس، وفي جزء منها كان مغتربًا في أرض مصر، ولكنه كان مُباركًا لها. أما عن أيام شبابه، فلا نعرف عنها شيئًا. وكان اللقب الذي أطلقه عليه اليهود هو "ابن النجار" (متى 55:13).
* ولما بدأ خدمته، عاش أكثر من ثلاث سنوات بلا مركز من المراكز القيادية في المجتمع اليهودي. وكان لقبه المألوف بين محبيه هو "يا معلم". ولم يكن يملك بيتًا للخدمة، بل لم يكن له أين يسند رأسه (لوقا 58:9). وكان يعظ أحيانًا على الجبل، أو في البرية، أو بين الحقول، أو على شاطئ البحر..
* وكانت قوته في شخصيته، وليست في أية مظاهر تحيط بها. يحبه الناس ويحسده الرؤساء. وهو كان مصدر حب للكل، يعطف على كل محتاج، وعلى كل مريض، وعلى الذين صرعتهم الشياطين.
* وكان له تلاميذ، من البسطاء أيضًا، ملأ قلوبهم بالحب، وملأ عقولهم بالمعرفة، ومنحهم روحه القدوس، ومنحهم المواهب أيضًا.
* هذا هو المسيح الذي نحتفل بميلاده، والذي نفتخر بأن اسمه قد دُعي إلينا. مُباركًا هو يوم ميلاده. وليتنا نحتفل بصفاته أيضًا.
وأخيرًا كونوا جميعكم بخير، معافين في الرب.
مُحاللين من روحه القدوس.
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
عيد الميلاد - 2008 م
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Christmas-Papal-Message-for-2008_.html
تقصير الرابط:
tak.la/xz856v4