وأعنف من هذا: شخص يسيء إلي غيره ويغضبه، ويعرف أنه إنسان متدين، وسيأتي للمصالحة قبل ذهابه إلي التناول. فلا يذهب إليه لكي يعتذر عما أساء به إليه، بل ينتظر إلي أن يأتي المساء إليه ساعيًا للمصالحة!!
بل يقول أكثر من هذا: لا بُد انه سيأتي ليصالحني. وحينئذ سوف ألقنه درسا يحتاج إليه. وأثبت له أنني كنت علي حق فيما أسأت به إليه،؟ لأنه يستحق ذلك وأكثر. وأكون بهذا قد نفعته روحيًا! يا أخي، فكر أنت في نفسك وفي منفعتك الروحية. وكن متواضعًا.
وأعرف أن الذي يسعَى إلي المصالحة، هو الذي ينال بركة المصالحة.
ولا تقل أمام الناس أو في داخل نفسك: كان بيني وبين فلان خلاف. ولكن الحمد لله قد اصطلحنا وانتهي الأمر نعم، قد تم الصلح. ولكن عن طريق من؟ عن طريقك أنت، أم عن طريقه هو؟ هل هو الذي جاء يطلب مصالحتك، ويعتذر إليك، ويدفع ثمن الصلح، بانكسار قلبه ومذله نفسه؟! وأنت وافقت علي ذلك وصفحت! وتم الصلح.. إذن هو الذي نال بركة الصلح وليس أنت.. إذن في المصالحة اسأل نفسك: من قام بها؟ وكيف؟
أما أن جاء أخوك يعتذر إليك، فقابلته بتحقيق وعنف. وظللت تثبت له أنه المسيء، وأنت الذي تغفر..!
ولم تجعل المصالحة تمر بسهولة، وأجبرته علي تكرار الاعتذار، وتكرار، الاعتراف طلب العفو.. فإنك بهذا تدل بلا شك علي قساوة قلب، وعلي كبرياء في داخلك، وعدم مراعاة لشعور أخيك.. ويكون - وليس أنت - الذي نال بركة المصالحة، بل نال أيضًا بركة احتماله لك وصبره علي معاملتك القاسية..
كذلك بركة المصالحة، تنال في المسارعة إليها.
إذ يقول الرسول "مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح، برباط الصلح الكامل (ويرى أن ذلك يتم) بكل تواضع القلب والوادعة وطول الأناة محتملين بعضكم بعضًا في المحبة" (اف 4: 2، 3). إذن في مغفرتك لغيرك، لا تبطئ في ذلك. ولا تترك الغضب يستمر فترة في قلبك بدون صفح. فكلما أسرعت بالمغفرة، كلما نلت بركتها..
وفي ذلك، احترس في معاملتك لمن هم أقل منك.
كأب يسئ إلي أبنه، وينتظر أن يأتي الابن في انكسار قلب يطلب العفو عنه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وأن تأخر، يحث أخوته علي ذلك، فيذهب ويطلب الصفح عنه. وتتم المصالحة، والأب محتفظ بما يظنه لنفسه من كرامة!! وقد يحدث المثل فيما بين رئيس واحد مرؤوسيه: الرئيس هو الذي يسئ والمرؤوس هو الذي يسعَى إلي العفو، وتتم المصالحة بكبرياء الرئيس، ومذلة المرؤوس. الذي ينال البركة هنا: هو الصغير وليس الكبير.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9rd5fj8